أنقرة – وكالات – بزنس كلاس:
لوحت تركيا أمس بتدول قضية اغتيال الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول بعد أن عاد التوتر ليطغى على علاقاتها مع السعودية.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده غير راضية بشكل كامل عن مستوى تعاون السعودية في التحقيق في مقتل الصحفي جمال خاشقجي وإنها ربما تطلب تحقيقا رسميا من الأمم المتحدة في القضية إذا وصل التعاون مع السعودية إلى طريق مسدود. وأضاف الوزير للصحفيين في واشنطن عقب اجتماع مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو أن تركيا أطلعت الولايات المتحدة على أحدث المعلومات بشأن مقتل خاشقجي وكرر موقف أنقرة بأن الحقيقة يجب أن تظهر بشأن من أعطى التوجيهات بقتله.
وقال جاويش أوغلو «حتى الآن قبلنا عروض السعودية للتعاون معنا دون تردد. لكن بالنظر إلى التعاون الآن، ولأننا لا نستطيع التوصل لإجابات على الأسئلة التي سردتها توا، فإن التعاون ليس بالمستوى الذي نريده.. إذا حدث جمود هنا وكان هذا أقصى ما سيصل إليه هذا التحقيق أو إذا لم يكن هناك تعاون كامل، عندها يمكننا تقديم الطلبات اللازمة لإجراء تحقيق دولي»، مضيفا أنه بحث الأمر مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
وقال جاويش أوغلو أيضا إنه وأردوغان استمعا إلى تسجيل صوتي لقتل خاشقجي. وتابع «إنه أمر بشع جدا. إذا استمعتم إليه فسيكون بمقدوركم إدراك أنها جريمة قتل بنية مسبقة». وأضاف أن اتخاذ قرار بالكشف عن التسجيل يعود إلى السلطة القضائية التركية.
وردا على سؤال عما إذا كان قد تولد لديه انطباع من المسؤولين الأمريكيين بأن واشنطن تفكر في التجاوز عن قتل خاشقجي، قال جاويش أوغلو «لا. لم يتولد لدي انطباع بأن الولايات المتحدة لن تواصل». وأضاف أن بومبيو أبلغه بأنه يريد رؤية نتيجة التحقيقين التركي والسعودي في القضية. وقال جاويش أوغلو أيضا إن شراء أنقرة أنظمة صواريخ روسية أرض جو من طراز إس-400، والتي لا تتوافق مع دفاعات حلف شمال الأطلسي، صفقة منتهية لا يمكن إلغاؤها. لكنه قال إن تركيا تحتاج لمزيد من المشتريات الدفاعية يمكن شراؤها من الولايات المتحدة.
وذكر جاويش أوغلو أن تركيا سلمت الولايات المتحدة قائمة بأسماء 84 فردا قالت إنها تريد تسلميهم بسبب صلاتهم برجل الدين فتح الله كولن الذي تحمله أنقرة مسؤولية تدبير محاولة انقلاب في 2016 وهو ما ينفيه كولن الذي يقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ عام 1999. وأضاف أن أنقرة سلمت القائمة في أعقاب مكالمة هاتفية بين أردوغان وترامب.
ووصف نعمان قورتولموش نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب -بشأن قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي- بالمضحكة، وقال إنه لا يمكن أن يصدقها الرأي العام الأميركي والدولي، ومساء الثلاثاء قال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض إن وكالة الاستخبارات (سي.آي.أي) لم تتوصل إلى نتيجة مؤكدة 100% فيما يتعلق بتحديد المسؤولين عن مقتل خاشقجي.
ورغم تأكيد مسؤول بالخارجية الأميركية أن وكالة الاستخبارات المركزية خلصت إلى أن ولي العهد السعودي هو من أمر بقتل خاشقجي، فإن الرئيس ترامب امتنع في تصريحاته للصحفيين عن تبني هذا الاستنتاج مع أنه اطلع على ما ورد في تقرير الوكالة بهذا الشأن.
وفي رده على ذلك وصف قورتولموش هذه التصريحات بالمضحكة، وقال إنه من غير الممكن أبدا ألا تكون الولايات المتحدة على دراية بمن أصدر الأوامر لقتل خاشقجي، وهي تملك جهاز استخبارات يعرف حتى لون فراء القطة التي تتجول في حديقة القنصلية السعودية في إسطنبول. وأضاف: مثل هذه التصريحات لا يمكن أن يصدقها الرأي العام الأميركي والدولي، وواشنطن بمثل هذه التصريحات دخلت أيضا في الشق السياسي لهذه القضية.
وأكد قورتولموش أن من أصدر الأوامر لارتكاب جريمة قتل الصحفي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول هو المسؤول عنها سياسيا، وجاء ذلك خلال مقابلة تلفزيونية خاصة مع قناة (تي.آر.تي) الحكومية. وقال: أمامنا جريمة ارتكبت، والمسؤولون السعوديون اعترفوا بهذا، منفذو الجريمة معروفون ولكن من أصدر لهم الأوامر؟ جواب هذا السؤال مازال غير معروف، والشق السياسي لقضية خاشقجي يكمن هنا، أيا كان من أصدر الأوامر بشأن هذه الجريمة هو المسؤول عنها سياسيا.
فريدمان: ترامب يبيع القيم الأمريكية دون مقابل
قال الكاتب الأميركي المعروف توماس فريدمان إنه يجد صعوبة شديدة في الرد على السؤال التالي: ما أسوأ شيء في السياسة الخارجية الأميركية؟، وأكد في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز أن الجواب على هذا السؤال يحيره للغاية في ظل سياسة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب. وأبرز فريدمان أن ترامب يجمع بين صفتين فظيعتين، فهو أحمق وعديم الأخلاق، يبيع القيم الأميركية، دون أن يحصل على أي شيء ذي قيمة في المقابل.
واستطرد الكاتب في سرد بعض المواقف والقرارات السياسية التي اتخذها ترامب، مظهرا كيف أنه فشل في الاستفادة مما كانت تفتحه تلك المواقف من آفاق لنجاح السياسة الأميركية في الشرق الأوسط والعالم. وذكر فريدمان مثلا أنه كان بإمكان ترامب قبل أن يقرر التغاضي عن دور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقتل الصحفي جمال خاشقجي أن يشترط عليه مثلا إطلاق الناشطات المعتقلات في سجونه وإنهاء حرب اليمن ووضع حد لحصار قطر.
كما كان بإمكانه، حسب فريدمان، قبل أن ينقل السفارة الأميركية إلى القدس أن يشترط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنهاء سياسة الاستيطان في الضفة الغربية، الأمر الذي كان سيعتبر إنجازا لم يتمكن منه أي رئيس من قبله، لكن ترامب، بدلا من ذلك، نقل السفارة دون مقابل، حسب فريدمان. وقارن الكاتب بين سياسة أميركا تجاه إيران وسياستها تجاه السعودية، ونقل في هذا الإطار عن خبير الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي كريم سدجدبور قوله «يتحدث الناس عن خيارات أميركا في الشرق الأوسط كما لو كانت بين حلفاء جيدين مثل السعودية، وأعداء شريرين مثل إيران، والواقع أن خياراتنا الفعلية هي بين حلفاء سيئين وأعداء شريرين».
وعلق فريدمان على ذلك بقوله «تتصرف إيران والمملكة العربية السعودية بشكل مروع، وإن بطرق وأماكن مختلفة». لكن بدلا من الاختيار بين حلفاء سيئين وأعداء سيئين، على أميركا -حسب الكاتب- أن «تعمل بشكل محموم لفعل الشيء الوحيد الذي يخدم المصالح الأمنية لبلدنا بالكامل، ومصلحته المالية ومصالحه القيمية، وذلك بإطلاق مشروع مانهاتن لإخراج أميركا من البلدان المحتاجة للنفط بحلول عام 2025».
وختم فريدمان بقوله إن إدمان الولايات المتحدة على النفط هو الذي يجعلها تبيع قيم العدالة مقابل حفنة مشتريات من السلاح، وهو الإدمان نفسه الذي يجعلها تمول الكثير من السلوكيات السيئة في الشرق الأوسط.
ترامب يشكر السعودية على خفض أسعار النفط
أثنى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس على السعودية لمساعدتها في خفض أسعار النفط، وذلك في الوقت الذي تزايدت فيه الضغوط من أجل فرض عقوبات أكثر قسوة على البلد الحليف في منطقة الشرق الأوسط بعد مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي. وفي تغريدة على تويتر، شكر ترامب الرياض على انخفاض أسعار النفط في الآونة الأخيرة وحث على مزيد من الهبوط في الأسعار، مشبها الأمر «بخفض ضريبي كبير» قد يدعم الاقتصادين الأمريكي والعالمي.
وانتقد ترامب ارتفاع أسعار النفط مرارا، كما انتقد دور منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بشأن خطط إنتاجها وضغط على السعودية المنتج الكبير من أجل التحرك. وارتفعت أسعار النفط بأكثر من واحد بالمئة أمس، لكنها ظلت تنخفض لأسابيع. وهوت الأسعار يوم الثلاثاء بعد تقرير عن انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام بالولايات المتحدة.
وقال ترامب «أسعار النفط تنخفض. رائع! هذا شبيه بخفض ضريبي كبير لأمريكا والعالم. هنيئا! 54 دولارا، كانت للتو 82 دولارا. شكرا للسعودية، لكن لنخفض أكثر».
وتعهد ترامب بأن يظل «شريكا راسخا» للسعودية على الرغم من قوله إنه «قد يكون من الوارد جدا» أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان لديه علم بخطة قتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي الشهر الماضي.
وقالت مصادر مطلعة إن وكالة المخابرات المركزية تعتقد أن قتل خاشقجي كان بأمر مباشر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة. وفي تحد لضغوط المشرعين الأمريكيين لفرض عقوبات أشد على السعودية، قال ترامب أيضا إنه لن يلغي العقود العسكرية مع المملكة لأن «حماقة» كهذه لن تفيد سوى روسيا والصين اللتين تنافسان واشنطن في سوق الأسلحة.