ترمب سيلتقي بوتين.. “مغامرة أم مقامرة”؟!!

بزنس كلاس – وكالات:

يبدو العالم في حالة ترقب لأول لقاء سيجمع الرئيسين الأمريكي والروسي على هامش قمة العشرين في ألمانيا الأسبوع المقبل، مع وجود جروح كثيرة مفتوحة بين واشنطن وموسكو كسوريا وصواريخ كوريا الشمالية والفوضى التي تعيث في منطقة الشرق الأوسط الحيوية، والعلاقات الاقتصادية الشائكة بين الطرفين، إضافة إلى “فضائح” بالجملة وحملات داخل المشهد السياسي الأمريكي حول الدور الروسي المفترض لوصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. كل ما سبق يجعل اللقاء المرتقب بين فلاديمير بوتين وترمب “مغامرة” محفوفة بكثير من المخاطر تبدو أقرب لاعتبارها “مقامرة” بالنسبة لترمب وإدارته خوفاً من تداعيات هذا الاجتماع على المشهدين الداخلي الأمريكي الذي يمر فيه ترمب بمرحلة “عصيبة” وعلى المستوى الدولي من جانب آخر في ملفات ملتهبة كثيرة.

لذلك سارع فريق عمل ترمب إلى تزويد الرئيس الأمريكي بالمعلومات اللازمة، ونبَّهوه إلى سلسلة المخاطر المحتملة، والمشكلات المعقدة، والعقبات الدبلوماسية من نتائج هذا الاجتماع لكنهم يبقون “مستنفرين” لنهم كما كثيرين غيرهم في العالم، لا يعلمون ما سيقدم عليه أو يصرح به رئيسهم العتيد أو اي موقف محرج قد يتسبب به.

فقد قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية الأربعاء 5 يوليو/تموز 2017، إن كبار مساعدي ترامب يجهلون ما الذي سيقرره أو يقوله أو يفعله الرئيس الأميركي عند مقابلة بوتين وجهاً لوجه.

وترى الصحيفة الأميركية أن اللقاء المرتقب يوم الجمعة المقبل ضروري على عدة مستويات؛ نظراً إلى النزاعات الحرجة بين الولايات المتحدة وروسيا. لكنَّه كذلك يمثل مجازفةً دبلوماسية وسياسية لترامب، الذي يواجه سلسلةً من الانتقادات والاتهامات بارتباط حملته الانتخابية بروسيا، بالإضافة إلى تساؤلاتٍ عن مدى استعداده للتعامل مع موسكو رداً على ما وصفوها بـ “اعتداءاتها العسكرية” وتدخلها في الانتخابات الرئاسية الأميركية لمساعدته. وتتزايد الشكوك حول المقابلة؛ بسبب ميل ترامب إلى التصريح بأمور لا يمكن توقعها، والقيام عادةً بأمورٍ محرجة.

لو كانت رحلة ترامب الخارجية الأولى في مايو/أيار 2017 قد أعطته فرصةً للهروب من الاضطرابات القائمة في وطنه، كالخلافات الداخلية بين موظفي الإدارة الأميركية، وتأخر جدول أعماله، والتحقيقات المتعلقة بصِلاته بروسيا، فرحلته الثانية ستُلقِي به مباشرةً داخل إعصار الغضب العارم، وفي مركزه سيكون بوتين في انتظاره.

وحط الرئيس الأميركي، في أول زيارة خارجية له، في الشرق الأوسط، وشملت كلاً من المملكة العربية السعودية وإسرائيل والعاصمة الإيطالية روما؛ لزيارة بابا الفاتيكان.

ومثلت هذه الزيارة نجاحاً كبيراً لترامب داخلياً؛ إذا نجح الرئيس الأميركي في توقيع عدة اتفاقيات وصفقات اقتصادية مع السعودية وصلت لقرابة نصف التريليون دولار؛ ما أسهم في تخفيف حدة الانتقادات الداخلية للإدارة الأميركية، خاصة أنه نجح في إقناع السعوديين بتمويل أهم مشروعات ترامب الداخلية والتي روج لها في برنامجه الانتخابي والمتعلقة بالبنية التحتية في الولايات المتحدة.

وقال ستيفن بايفر، سفير أميركا السابق بدى أوكرانيا، لـ”نيويورك تايمز”: “هناك كمية لا بأس بها من الخوف داخل البيت الأبيض ووزارة الخارجية بخصوص المقابلة، وكيف سيتدبرون أمرها؛ لأنَّهم يرون بها العديد من المخاطر المحتملة”، وأضاف: “كما يوجد بعض الشك تجاه الرئيس؛ بسبب التحقيقات بشأن تواطئه مع روسيا، ولهذا فإنَّ أي صفقة بينهما ستتعرض لأشد تدقيقٍ ممكن، وسيتساءل البعض: هل هذه هدية للروس؟”.

ترمب لا يشعر بالقلق

ترمب نفسه لا يشعر بالقلق تجاه المقابلة؛ فقد أبلغ مساعديه أنَّه منزعجٌ أكثر؛ بسبب احتمال تعرضه للتوبيخ على يد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والقادة الآخرين؛ لخروجه من اتفاقية باريس للمناخ وموقفه المتشدد من قضية الهجرة، بحسب “نيويورك تايمز”.

وقبل عدة أشهر/ وعد ترامب مؤيديه بأنه سوف ينسحب من اتفاقية باريس للمناخ وهو ما أثار عاصفة من الغضب ضد ترامب وإدارته في الأوساط الأوروبية.

وصرَّح فريق ترامب لـ”نيويورك تايمز” بأنَّ الرئيس الأميركي ربما يثير مسألة تدخُّل روسيا المُوثَّق في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016، لكنَّه على الأرجح لن يتناول القضية بإسهاب؛ فاستمرار الحديث عن تلك المسألة سيؤكد الشكوك المزعومة بشأن شرعية الانتخابات.

ويتوقع مساعدوه أن يركز في حديثه على سوريا وقضاياها؛ كمسألة إنشاء المناطق الآمنة، ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وسيفيد اجتماعٌ بهذا الشكل كلا الرئيسين معاً. فبوتين، الذي أخذ في اجتماعٍ سابق له مع ميركل كلباً من نوع لابرادور لأنَّه يعلم أنَّها تخشى الكلاب، محاورٌ ماكر، وسيتمكن من اتخاذ التدابير اللازمة قبل لقاء ترامب. أما مساعدو ترامب فيفضلون مقابلةً منظمةً رسميةً يمكن لهم التحكم فيها وتوقُّع مسارها. ويتمنون أنَّ مقابلةً رسمية كتلك بحضور معاوني الرئيسين، ووجود أجندة عمل واضحة، لن يدعا مجالاً للارتجال، وسيضعان التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة كموضوعٍ ثانوي بعد موضوعاتٍ أهم يرغب الرئيس في الحديث بشأنها، بحسب الصحيفة الأميركية.

ويُعد لقاء ترامب ببوتين واحداً من ضمن مقابلاتٍ عديدة مليئة بالتوتر، سيُجريها في هامبورغ؛ منها مقابلة الرئيس الصيني شي جين بينغ، خاصة بعد إعلان كوريا الشمالية الثلاثاء 4 يوليو/تموز الجاري، نجاحها في اختبار أول الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

إذ من المتوقع أن يعلن ترامب اعتراضه الشديد على رفض بكين فعل المزيد لمواجهة التهديد النووي الكوري الشمالي، وسيدرس اختياراته المحدودة لمواجهة تلك التهديدات بمفرده. يخطط ترامب كذلك لإجراء مناقشاتٍ خاصة مع شينزو آبي رئيس وزراء اليابان، ومون جاي إن، رئيس كوريا الجنوبية، وهي مناقشات ستركز بالتأكيد على الاستفزازات المستمرة لكوريا الشمالية.

وقال البيت الأبيض الأربعاء، إن ترامب يبحث خياراته للرد على قيام كوريا الشمالية باختبار صاروخ باليستي عابر للقارات.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، للصحفيين، على متن طائرة الرئاسة الأميركية “إير فورس وان”، في أثناء توجه الرئيس دونالد ترامب إلى بولندا: “أعتقد أننا كنا واضحين تماماً بأننا لن نعلن أبداً أي خطوات قادمة. نحن نبحث هذه الخطوات”.

فيما وصف سفير الصين لدى الأمم المتحدة، ليو جيي، الأربعاء، أحدث تجربة أجرتها كوريا الشمالية على إطلاق صاروخ باليستي، بأنها “انتهاك سافر” لقرارات الأمم المتحدة وأنها “غير مقبولة”.

وقال لمجلس الأمن: “ندعو كل الأطراف المعنية إلى التحلي بضبط النفس، وتجنب الأفعال الاستفزازية والخطاب العدائي، وإظهار الرغبة في حوار غير مشروط، والعمل معاً بفاعلية لنزع فتيل التوتر”.

وترى “نيويورك تايمز” أنه رغم أهمية تلك الاجتماعات، فإنَّ مقابلة ترامب وبوتين تحمل أكبر المخاطر على الإطلاق، وخاصةً مع ضغط المُشرِّعين في الحزبين الأميركيين على ترامب للظهور بمظهرٍ صارم خلال المقابلة. وأعربوا عن قلقهم الشهر الماضي بالتصويت بـ98 صوتاً مقابل صوتين فقط في مجلس الشيوخ؛ لمنع تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا، وطلب مراجعة الكونغرس أي تحركٍ يقوم به الرئيس في هذا الشأن، وهي الخطوة التي يرفضها البيت الأبيض حتى الآن.

السابق
في جزر المالديف وعلى طريقة غادة عبد الرزاق يمكنك قضاء ليلة بارخص الاسعار
التالي
برلين.. لا خطر عسكري في الأزمة الخليجية