تركيا تتصدر المشهد والرياض وأبوظبي عالقتان في ممر الطوارئ

أحكام الإعدام باطلة وحبل المشنقة يلتف على شهود الزور

السوق القطرية تقفل مخارج النجاة أمام رباعي الحصار

الاقتصاد القطري قلعة شديدة التحصين والأحداث شواهد

بزنس كلاس – رشا أبو خالد

شهد العام الماضي 2017 تحولاً كبيراً في السوق القطرية نتيجة الأزمة الاقتصادية ومحاولة فرض حصار فاشل على قطر من قبل رباعي الحصار، السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر. فقد خرجت شركات السعودية والإمارات من السوق القطرية تجر أذيال الخيبة والخسارة لتحل مكانها إما شركات تركية أو أخرى وطنية بشراكة مع الأتراك. وبالمقابل خرجت كثير من الاستثمارات من دول الحصار لتتقلص نسبة الاستثمار القطري في تلك الدول إلى الحد الأدنى مقابل ارتفاعها بشكل ملحوظ في دول العالم الأخرى لاسيما تركيا.

شراكات وأرباح

على مدار السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين قطر وتركيا تطورًا متسارعًا وازدهارًا كبيرًا برز من خلال حجم الاستثمارات والتبادل التجاري الذي ارتفع 10 أضعاف بين عامي 2005 و2015، ليبلغ في نهاية النصف الأول من  2017  حوالي 2 مليار ريال.  وبعد أن كان حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر 130 مليون دولار خلال العام 2005، ارتفع في العام 2015 إلى 1.3 مليار دولار، ليواصل بعدها سهم التبادل التجاري بين البلدين نموه وارتفاع معدلاته.

وتحتل الاستثمارات القطرية في تركيا المرتبة الثانية من حجمها الذي يزيد عن 20 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تقفز إلى المركز الأول في غضون سنوات قليلة، وفق ما نقلته قناة الريان الفضائية.

من جانبه، قال الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة في بداية 2018، إن حجم التبادل التجاري بين دولة قطر والجمهورية التركية سجل نموا تجاوز نسبة 30 % منذ بداية الحصار، وإن التعاون بين البلدين الشقيقين يشهد ازديادا مطردا، الأمر الذي يؤكد قوة العلاقات التي تربطهما.

وكشف سعادته عن وجود عدة مشاورات لإبرام اتفاقية شراكة اقتصادية وتجارية بين دولة قطر والجمهورية التركية تهدف إلى منح معاملة تفضيلية للسلع والخدمات التركية في دولة قطر، إلى جانب تفضيل للخدمات والسلع القطرية في جمهورية تركيا، مشيراً إلى أن الاتفاقية المذكورة سيكون لها بالغ الأثر في تعزيز العلاقات التجارية على المديين القصير والبعيد بين الطرفين، وتحقيق الخير والمنفعة للبلدين.

بين الدوحة وأنقرة

الجدير بالذكر أن القطاعين الخاصين في قطر وتركيا بذلا جهوداً جبارة لكسر الحصار غير القانوني المفروض على دولة قطر، من خلال تعزيز التعاون بينهما لتوفير بدائل ذات جودة عالية للعديد من السلع الاستهلاكية وغيرها. وقد حقق المنتج التركي بالفعل نجاحاً باهراً محل المنتج السعودي والإماراتي كمادة اللبن “خلي المراعي تنفعكم” على سبيل المثال، ليثبت المنتج التركي جدارته في السوق القطرية.

وتأتي هذه القفزة في التطور المتبادل بين البلدين كترجمة لجملة من الإجراءات والاتفاقيات التي تم توقيعها خلال الفترة الأخيرة، وما تركته من أثر عميق في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، ومن بينها توقيع مذكرة تفاهم بين دولة قطر والجمهورية التركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن تسهيل النقل الدولي وحركة المرور العابر “الترانزيت”، والتي تهدف إلى تيسير التبادل التجاري بين الدول الثلاث وتسهيل عبور البضائع والسلع عبر الحد من التكاليف والوقت والإجراءات بكفاءة عالية ووفق أرقى الممارسات العالمية المعتمدة في هذا المجال.

ويهدف التعاون بين البلدين إلى خلق شراكة اقتصادية استراتيجية بين الدوحة وأنقرة  تتيح فتح أسواق جديدة تتماشى مع القدرة الشرائية لما يزيد عن 185 مليون نسمة مع إمكانية ارتفاع هذا المعدل قابل حتى يصل إلى 400 مليون نسمة في المستقبل. كما تأتي اللقاءات الكثيرة التي عقدت بين المسؤولين الاقتصاديين في البلدين كما حدث مؤخراً في الملتقى الاقتصادي القطري التركي الذي احتضنته الدوحة ، في سياق تتويج ما تم الاتفاق عليه سابقاً في 2017 بين البلدين بعد زيارة وفد قطري لمدينة إزمير التركية والتي شهدت مشاركة مهمة من قبل رجال الأعمال والمستثمرين من دولة قطر والجمهورية التركية، عكست الحرص المتبادل بين الجانبين لاستكشاف آفاق أوسع للتعاون التجاري والاقتصادي، وفتح مجالات جديدة لتعزيز الاستثمارات المشتركة في ظل ما يتمتع به البلدان من إمكانيات اقتصادية وتجارية كبيرة من شأنها تحقيق مزيد من المصالح المشتركة والازدهار الاقتصادي.

استراتيجية محصنة

وفي سياق حديثه عن الاقتصاد القطري، لفت وزير الاقتصاد والتجارة إلى أن دولة قطر أثبتت صمودها وقدرتها على المحافظة على مكانتها الراسخة كأحد أقوى الاقتصادات الإقليمية ومن بين أكثر الاقتصادات الواعدة على مستوى العالم، رغم الحصار المفروض عليها منذ الخامس من يونيو 2017، وذلك انطلاقا من موقعها الاستراتيجي الذي يؤهلها لتكون منطلقاً تجارياً نحو دول المنطقة العربية وباقي دول العالم.

ونجحت دولة قطر في تجاوز كافة التحديات الاقتصادية التي فرضتها دول الحصار، عبر تنفيذ استراتيجية محكمة لتحصين الاقتصاد الوطني وتنويع قاعدته الإنتاجية والمضي قدماً في مسيرة تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، مستندةً في ذلك على تضافر جهود القطاعين العام والخاص من خلال زيادة الاعتماد على قدراتها الذاتية وفتح قنوات جديدة مع مختلف الشركاء التجاريين حول العالم.

وشكل الحصار الجائر المفروض على دولة قطر حافزاً مهماً وقوياً، من أجل الإسراع في إقرار وتنفيذ العديد من المشاريع والمبادرات، وذلك من خلال توفير مصادر استيرادية بديلة للسلع والخدمات عن طريق الشحن الجوي عبر مطار حمد الدولي، وفتح خطوط مباشرة تربط ميناء حمد البحري بكبرى المحاور التجارية حول العالم، خاصة تركيا وإيران والهند وسلطنة عمان والكويت وسنغافورة وتايلاند والصين وباكستان.

وبات ميناء حمد يستحوذ حالياً على ما نسبته 27% من حجم التجارة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تم الوصول من خلاله إلى 14 ميناء، و72 وجهة عالمية بفضل قدراته اللوجستية الحديثة والكبيرة حيث بات يإمكانه استقبال سفن شحن ضخمة يزيد طلها عن 300 متر. وساهم الميناء بشكل اساسي بتعزيز قطر لمخزونها الاستراتيجي من السلع الأساسية والتموينية وفق خطة استراتيجية تعمل على زيادة هذا المخزون بشكل مستمر. مقابل ذلك فقد ميناء دبي جزء مهماً من عائدات البضائع التي كانت تتوجه إلى قطر عبر جبل علي وبدل ذلك بدأت موانئ عُمان تحصد نتائج الحصار ارباحاً جديدة على حساب نزيف خسائر موانئ  دبي التي تعاني اقتصادياً فيما أبوظبي.

محطات تعاون بارزة

النتيجة البارزة لحصاد 2017 بالنسبة للعلاقات القطرية التركية تمثلت بجملة كبيرة من النشاطات المشتركة والمتبادلة بين البلدين حيث كانت أبرز محطات هذا التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري بين البلدين كالتالي:

– 17 يناير/كانون الثاني

افتتاح أول مستشفى تركي خاص في قطر، باستثمار 82 مليون دولار أميركي.

– 22 فبراير/شباط

فوز التحالف القطري التركي، المتمثل في شركتي هندسة الجابر القطرية و”تكفن” التركية القابضة الرائدة في قطاع البناء والتشييد، بمناقصة بناء ملعب “الثمامة” القطري أحد ملاعب كأس العالم لكرة القدم 2022، بتكلفة بمليار و250 مليون دولار.

– 19-21 أبريل/نيسان

استضافت الدوحة فعاليات معرض “إكسبو تركيا في قطر” بمشاركة 145 شركة تركية بمختلف القطاعات، حيث عرضت منتجاتها، بهدف زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة بين البلدين.

– يوليو/تموز

إقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر، ونشر قوات برية تركية بها، ضمن اتفاقية وقعها البلدان يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2014.

– 5-7 أغسطس/آب

أجرى البلدان بين 5 و6 أغسطس/آب مناورات برية عسكرية باسم “الدرع الحديدي” أعقبتها مناورات بحرية مشتركة يومي 6 و7 من الشهر نفسه، وذلك تفعيلا لبنود الاتفاقيات الدفاعية بين البلدين.

– 5 نوفمبر/تشرين الثاني

افتتح وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي ونظيره القطري خالد بن محمد العطية في الدوحة مركز أنظمة محاكاة المروحية “AW139” وهو أكبر مركز تركي للصناعات الدفاعية في قطر.

حضور تركي فعال

بعد اندلاع الأزمة في الخليج وحصار الدول الخليجية لقطر، سارعت تركيا في إرسال المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية إلى الدوحة حيث جرى تشكيل لجان طارئة مشتركة بين وزارتي اقتصاد البلدين.

وبلغ حجم الصادرات التركية بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2016 نحو 114 مليون دولار، وارتفع إلى 216 مليونا بالفترة نفسها من هذا العام، وفق اتحاد المصدرين بمنطقة بحر إيجه التركية.

ولتعزيز التبادل التجاري، تم الاتفاق بين المسؤولين في كلا البلدين وإيران، في أكتوبر/تشرين الأول، على تدشين الخط البري قطر تركيا مرورا بإيران، وفق السفير القطري لدى أنقرة سالم بن مبارك آل شافي، في مقابلة مع الأناضول.

وسيتيح الاتفاق نقل البضائع بالشاحنات برّا من تركيا إلى إيران، ثم تنقل من الموانئ الإيرانية عبر سفن “الرورو” إلى ميناء حمد في قطر.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر سبعمئة مليون دولار عام 2016، صعودا من 15 مليونا مطلع الألفية الحالية، مع توقعات بزيادة التبادل هذا العام في ظل التعاون المتنامي بين البلدين.

وبلغت الاستثمارات القطرية بتركيا بين 2011 و2016 نحو 1.29 مليار دولار، وسط رغبة متزايدة لدى المستثمرين القطريين، بفضل طبيعة العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين. وتوجد حاليا في قطر حوالي 186 شركة مشتركة، وحوالي 19 شركة تركية بملكية كاملة، وفقا لأرقام غرفة تجارة قطر.

وتتركز أنشطة تلك الشركات في قطاعات البنية التحتية والمقاولات والإنشاءات والاستشارات الهندسية والتجارة، ويزيد حجم المشروعات التي تنفذها شركات تركية في قطر على 11.6 مليار دولار، فيم على المقلب القطري ارتفع  عدد القطريين الذين يزورون تركيا من ستمائة فقط قبل أعوام إلى 36 ألف قطري سنويا.

لقد كانت قطر قبل الأزمة الخليجية سوقاً واعدة لشركات دول الحصار ويشكل مواطنيها مصدراً مهماً لتعزيز السياحة الدينية في السعودية والسياحة العادية في الإمارات العربية المتحدة والبحرين.. كل هذا كان قبل خروج “الأشقاء” المحاصرين من الشباك يجرون أذيال الخسارة فيما يدخل الشقيق التركي من باب الأخوة قبل المصلحة الاقتصادية.

 

السابق
خط واشنطن -الدوحة سالك بسهولة والاقتصاد نقطة تقاطع مركزية
التالي
قطر: مدينة عمالية جديدة هذا العام