تحليل QNB: دول جنوب شرق آسيا ستواصل النمو بقوة

الدوحة – قنا

أشار بنك قطر الوطني (QNB) في تحليله الاسبوعي، الى مواصلة دول جنوب شرق آسيا النمو بقوة بالرغم من المؤثرات السلبية الناجمة عن تباطؤ التجارة العالمية وتشديد السياسة النقدية، لافتا في هذا الصدد إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في هذه الدول ظل قويا خلال الربع الثاني من العام الجاري وذلك على الرغم من المؤثرات سالفة الذكر.

وذكر البنك في تحليله الصادر اليوم أنه من المؤكد أن هناك تفاوتات مهمة بين الاقتصادات الرئيسية في هذه المنطقة، لكن تواصل الإنفاق الاستهلاكي يعتبر خيطا مشتركا بين جميع هذه الدول، وهو ما يبشر بالخير بالنسبة لآفاق مستقبل هذه الكتلة الاقتصادية.

وأوضح البنك أنه رغم أن وتيرة النمو الاقتصادي في إندونيسيا، والفلبين، وسنغافورة، وتايلاند، وماليزيا، وفيتنام التي يشير إليها مجتمعة باسم “آسيان 6”- قد تراجعت في الربع الثاني من العام الجاري، لكنها ظلت قوية، حيث انخفض مؤشر بنك قطر الوطني الإجمالي المرجح بتعادل القوة الشرائية إلى 5.2 % على أساس سنوي، ولكن مع ذلك ظل فوق 5 % .

ونوه البنك إلى أن إندونيسيا، القوة الإقليمية الكبرى بحجم سكانها البالغ 250 مليون نسمة، شهدت نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.3% على أساس سنوي، بزيادة 0.2% عن الربع الأول، وقد كان الاستهلاك بشكل خاص قويا (5.2% على أساس سنوي) ولا زال يشكل العمود الفقري للاقتصاد الإندونيسي، كما ساعدت السياسة المالية في دعم الاستهلاك نتيجة لقفزة كبيرة في مكافآت العاملين في الخدمة المدنية، حيث ساعد في ذلك زيادة الدعم الحكومي لشركات النفط عن طريق الحد من الزيادات في أسعار الوقود.

وإلى جانب ذلك زاد دعم الحكومة للاستهلاك من خلال النهج الاستباقي للسياسة النقدية التي يتبعها بنك إندونيسيا هذا العام، فقد قام البنك المركزي بالفعل برفع سعر الفائدة بمقدار 125 نقطة أساس تراكمية في سعيه للحد من الضغط الهبوطي الذي تواجهه الروبية الإندونيسية مع استمرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الرفع التدريجي لأسعار الفائدة.

ولفت بنك قطر الوطني في تحليله إلى أنه مع احتمال قيام بنك إندونيسيا برفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس على الأقل قبل نهاية العام الجاري، في وقت يقترب فيه موعد الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في العام المقبل، فلن يكون مستغربا أن يحدث نزوعا نحو الشعبوية في مشروع الموازنة الإندونيسية الذي صدر مؤخرا.

وأشار البنك إلى أن هذه الموازنة التي تتضمن زيادة كبيرة في المكاسب النقدية من خلال زيادة الأجور لموظفي الخدمة المدنية، ومضاعفة مستحقات الأسر الفقيرة، وزيادات إضافية في دعم الوقود، ستقدم مزيدا من الدعم للطلب على السلع الاستهلاكية وستساعد على إبقاء نمو الناتج المحلي الإجمالي لإندونيسيا فوق 5% تقريبا إذا ما تم إقرارها من قبل البرلمان.

ولفت بنك قطر الوطني إلى أن ما يثير القلق في هذه الحالة، هو أن زيادة المنح النقدية ستحد من قدرة إندونيسيا على الإنفاق في البنية التحتية، فبعد متوسط النمو المدهش الذي بلغ 30% في السنة منذ عام 2014، تدرج الموازنة العامة لسنة 2019 زيادة متواضعة لا تفوق 2.4% للإنفاق في البنية التحتية، لكن بالنظر إلى مستوى الاستيراد الكبير الذي ينطوي عليه الإنفاق في البنية التحتية، فإن هذا التباطؤ المقرر في الموازنة سيعمل على الأقل على الحد من العجز التجاري لإندونيسيا في العام القادم وتخفيف الضغوط أكثر على الروبية.

وفيما يتعلق بالفلبين، أوضح بنك قطر الوطني (QNB) في تحليله الأسبوعي، أن طفرة الإنفاق على البنية التحتية هناك لا تزال في أوجها وذلك بفضل المخطط التنموي الطموح الذي أطلقه الرئيس الفلبيني دوتيرتي تحت شعار “البناء والبناء ثم البناء”، وكان تأثير هذا البرنامج قويا على بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني في الفلبين.

وأشار إلى أن قطاع الاستهلاك الأسري، المدعوم بتدفقات التحويلات القوية من الفلبينيين العاملين في الخارج، شهد نمواً جيداً بنسبة 5.6% على أساس سنوي، وارتفعت الاستثمارات في الأصول الثابتة بنسبة مثيرة للإعجاب بلغت 21.1% على أساس سنوي وأدى الاستيراد الكبير الذي ينطوي عليه الإنفاق في البنية التحتية إلى رفع الواردات بنسبة 19.7% على أساس سنوي، مما نتج عنه اقتطاع صافي التجارة نسبة 0.5% من نمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي، ورغم هذا التأثير السلبي للواردات، ظل نمو الناتج المحلي الإجمالي ككل قويا بنسبة 6.0% على أساس سنوي في الربع الثاني.

وأفاد البنك بأنه مع توقع تواصل طفرة الإنفاق الاستثماري في الفلبين، من المرجح أن يزيد التأثير السلبي للتجارة على نمو الناتج المحلي الإجمالي، ورغم صلابة الطلب المحلي، قد يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى ما دون مستوى 6% خلال الأرباع القليلة القادمة، كما أنه من المرجح أن يتواصل اتساع العجز التجاري للفلبين وانعكاساته، كالضغوطات على البيزو الفلبيني. وكما هو الحال مع بنك إندونيسيا المركزي، ظل بنك الفلبين المركزي يشدد السياسة النقدية بشكل مطرد هذا العام، حيث رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 100 نقطة أساس، ومثل بنك إندونيسيا المركزي، من المرجح أن يقدم بنك الفلبين المركزي على رفع أسعار الفائدة أكثر خلال ما تبقى من العام الجاري.

ووفقا لبنك قطر الوطني فقد حققت سنغافورة نموا أبطأ ولكن قويا في الناتج المحلي الإجمالي بلغت نسبته 3.9% في الربع الثاني من العام الجاري، مع ظهور أثر تراجع التجارة العالمية، واستمر التعافي الاقتصادي في تايلند، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بقوة إلى 4.6% على أساس سنوي في الربع الثاني.

وفي اتساق مع نمط النمو الإقليمي، شهد الإنفاق الاستهلاكي في تايلند ازدهاراً كبيراً، حيث ارتفع بنسبة 4.5% على أساس سنوي، وهي أعلى نسبة نمو يسجلها منذ عام 2013.

وبفضل الفائض الضخم في الحساب الجاري الذي بلغ نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي، كان البات التايلندي محصناً بشكل أفضل من الروبية الإندونيسية والبيزو الفلبيني ضد ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي حتى الآن في العام الحالي، وساعد هذا الأمر بنك تايلند المركزي في اتخاذ موقف قوي فيما يتعلق بالسياسة النقدية، خلافاً لبقية دول المنطقة.

ولعل أداء ماليزيا في الربع الثاني هو الوحيد الذي خيب الآمال جزئياً في كافة المنطقة، فقد تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي لأدنى مستوى له خلال ستة أرباع (عام ونصف)، حيث بلغ 4.5% على أساس سنوي، وكان تباطؤ نمو الصادرات وتعثر الإنفاق الحكومي وضعف نمو الاستثمار هي العوامل الرئيسية وراء هذا التراجع.

وعلى النقيض من ذلك، سجل الاستهلاك الخاص نمواً مذهلاً بلغ 8% على أساس سنوي، وهي أعلى نسبة يسجلها منذ الربع الأول لسنة 2015، ورغم أنه سيكون من الصعب الحفاظ على هذا المعدل السريع للنمو، إلا أن إلغاء الحكومة المنتخبة مؤخراً لضريبة السلع والمبيعات سيدعم الطلب الاستهلاكي في الأرباع القادمة.

وأخيراً وليس آخراً، لا تزال فيتنام هي أفضل دول آسيان أداءً، فعلى الرغم من تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي قليلاً إلى 6.9% على أساس سنوي بالمقارنة مع 7.4% في الربع الأول، لا تزال فيتنام واحدة من أسرع الاقتصادات الناشئة نمواً في العالم، ولا تزال القوة العاملة الفيتنامية ذات الأجور المنخفضة والمهارات العالية تجتذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى قطاعي الإلكترونيات والمنسوجات الغنيين بالوظائف، وهو ما يعزز ازدهار الصادرات، ويعمل النمو القوي في قطاع السياحة أيضاً على دعم الصادرات.

وأشار بنك قطر الوطني إلى أنه على الرغم من عدم توافر بيانات فصلية وطنية عن استهلاك الأسر، إلا أن نمو مبيعات التجزئة بنسبة 10.5% على أساس سنوي في الربع الثاني من العام الجاري يؤكد قوة الطلب الاستهلاكي في فيتنام، وهو ما يعزز الفكرة العامة المتمثلة في قوة الاستهلاك في المنطقة.

واختتم بنك قطر الوطني تحليله بالتأكيد أنه بفضل النمو السكاني القوي وازدهار الطلب الاستهلاكي، ستظل دول آسيان من مناطق التركيز الرئيسية له.

السابق
قطر: انخفاض الرقم القياسي لأسعار المنتج الصناعي في يوليو
التالي
بين 9% و 14%.. رفع أسعار الكهرباء في تركيا