تحديات ضخمة على المدى البعيد.. QNB: نمو اقتصاد اليابان على المدى القريب

الدوحة – قنا – وكالات:

أكد بنك قطر الوطني في تحليله الاقتصادي أن النمو القوي الذي ستشهده اليابان على المدى القريب، من المحتمل أن يحجب ضخامة التحديات طويلة الأجل التي قد تواجهها في المستقبل، خاصة وأنه من المتوقع أن يرتفع النمو هناك من واحد بالمائة في عام 2016 إلى ما بين 5ر1 و7ر1 بالمائة في العام الجاري، لكنه يفترض أن ينخفض بعد ذلك مع تلاشي دعم السياسات النقدية والمالية.
وأوضح التحليل الأسبوعي الصادر اليوم السبت 26 أغسطس / آب، أنه إلى أن تجد اليابان وسيلة للتغلب على انخفاض توقعات التضخم وتداعيات تراجع عدد السكان، سيظل تحقيق النمو المستدام على المدى الطويل أمرا صعب المنال.
ولفت التحليل إلى أن اليابان تتمتع حاليا بواحدة من أطول فترات النمو بعد عقود من الصعوبات الاقتصادية، ففي وقت سابق من الشهر الجاري، كشفت بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من العام الجاري أن النمو هناك قد ارتفع إلى 4 بالمائة على أساس ربع سنوي، وهو ما يعتبر أسرع وتيرة نمو في عامين والربع السادس من التوسع الاقتصادي على التوالي.
وأشار إلى أن القوة الدافعة لهذا الارتفاع كانت هي تضافر عمل السياسة النقدية الفضفاضة والتحفيز المالي، غير أنه وعلى الرغم من تحقيق هذه المكاسب، إلا أن هناك حدودا للنمو الذي تقوده السياسة النقدية، كما أن اليابان تواجه معوقات هيكلية تتمثل في انخفاض توقعات التضخم وازدياد عدد السكان المسنين.
ونوه التحليل إلى أنه في إطار ما سبق فإن هذا الارتفاع في النمو الذي تشهده اليابان سيكون بمثابة مرحلة انتقالية، وإذا لم يتم إدخال إصلاحات كبرى لمعالجة هذه التحديات (انخفاض توقعات التضخم وازدياد عدد السكان المسنين)، سيظل مسار نمو اليابان غامضا على المدى الطويل.
وأفاد التحليل بأن زخم النمو في اليابان بدء في مستهل عام 2016 عندما قام بنك اليابان المركزي بخفض أسعار الفائدة إلى أرقام سلبية وقرر الحفاظ على برنامج التيسير الكمي، كما قام البنك المركزي بتخفيف سياسته مرة أخرى في سبتمبر 2016، واعتمد ما وصف بنظام “التحكم في منحنى العائد” الذي استهدف من خلاله المحافظة على مستوى عائد السندات ذات الـ 10 سنوات عند حوالي صفر بالمائة.
وكان الأثر الصافي لهذه الإجراءات هو تقليل الجاذبية النسبية للأصول اليابانية وبالتالي إضعاف الين وزيادة صادرات اليابان، حيث انخفض الين بنسبة 10 بالمائة مقابل الدولار الأمريكي في عام 2016، وارتفع صافي الصادرات إلى 60 بالمائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.
وأيضا من أجل تخفيف الضغط على السياسة النقدية، قامت الحكومة اليابانية بوضع برنامج تحفيز مالي كبير في 2017 من أجل دعم الطلب المحلي، وارتفع الإنفاق الاستثماري العام بشكل صاروخي إلى 9ر21 بالمائة على أساس ربع سنوي في الربع الثاني من العام الجاري، ليعكس بذلك المشاريع الكبيرة المرتبطة بالنقل والاستعداد لتنظيم دورة الألعاب الأولمبية لعام 2020، كما كان للبرنامج التحفيزي تأثير كبير على الاستهلاك أيضا، حيث تمت زيادة رواتب المتقاعدين ومخصصات العائلات ذات الدخل المنخفض التي تميل إلى الإنفاق أكثر.
وأفاد التحليل الاسبوعي لبنك قطر الوطني، بأن هناك أربعة أسباب رئيسية وراء الشك في استدامة النمو باليابان، أولها أن السياسة النقدية قاربت على بلوغ حدودها القصوى، فبرنامج التيسير الكمي الياباني يواجه مخاطر تناقص المعروض من السندات المتاحة للشراء، ويملك بنك اليابان المركزي ما يفوق 40 بالمائة من إجمالي السندات اليابانية في السوق، كما أن التطورات الخارجية تشكل تهديدا لفعالية بنك اليابان المركزي، فقد تفاعل ضعف الدولار الأمريكي مع نظام التحكم في منحنى العائد الياباني حتى الآن في 2017، ونجم عن ذلك دفع قيمة الين الياباني لأعلى بنسبة 7 بالمائة منذ بداية العام.
واعتبر السبب الثاني أن السياسة المالية في اليابان ستساهم بقدر أقل في النمو مستقبلا، فالتأثير الأولي للمحفزات عادة يكون كبيرا ولكن مع استقرار الإنفاق الرأسمالي على المشاريع الأولمبية، ستبدأ القيمة التي تضيفها تلك المحفزات للاقتصاد في الانخفاض، فيما نوه السبب الثالث إلى أن توقعات التضخم عالقة بقوة عند مستوى منخفض، فعلى الرغم من التيسير الكبير للسياسة النقدية، وتسجيل معدلات قياسية في تدني البطالة، وانخفاض قيمة العملة في الماضي، بلغ التضخم الأساسي صفر بالمائة حتى الآن في عام 2017، وقد ظل يتراجع منذ عام 2015، وعادة تؤدي هذه العوامل إلى رفع معدلات التضخم، فارتفاع الطلب على العمالة يزيد الأجور، وتقوم الشركات بتمرير تكلفة الزيادة في السلع المستوردة إلى العملاء.
ولكن بعد عقود من معدلات النمو الأقل من المتوسط أصبحت الشركات اليابانية لا سيما المؤسسات حذرة للغاية، فبدلا من رفع الأسعار وزيادة الأجور، قامت الشركات باعتماد تدابير لاستيعاب الزيادة في التكاليف والحد من مكاسب الأجور.. ويؤدي هذا الأمر إلى تحيز منهجي لانكماش الأسعار ويشكل خطرا هيكليا على النمو، وسيتطلب التصدي له على الأرجح إجراء إصلاحات أعمق في سوق العمل والشركات.
ونوه التحليل إلى أن السبب الرابع، وربما الأكثر خطورة، هو التراجع المطرد في عدد السكان باليابان، حيث تتوقع الحكومة تراجع عدد السكان بما يقرب من 40 مليون نسمة، أو بمقدار الثلث مقارنة بالتعداد الحالي، بحلول عام 2065، وقد حاولت اليابان التعويض عن الآثار المترتبة على ذلك من خلال زيادة العمالة الأجنبية ومعدل مشاركة الإناث في القوة العاملة، ولكن -وفقا للتحليل- يجب أن يزداد حجم تلك المكاسب على نحو كبير وأن يستمر لعقود للتعويض بالكامل عن الأثر الاقتصادي لانخفاض عدد السكان.

السابق
بنك الدوحة: تشافي يربح جائزة “حساب الدانة” الكبرى لشهر يونيو
التالي
قطر: نحو 12 مليار ريال فائض الميزان التجاري لشهر يوليو