بعد نحو 5 أشهر.. 3 خيارات أمام قطر للتعامل مع الأزمة

الدوحة – وكالات – بزنس كلاس:

اقترب الحصار الجائر ضد دولة قطر من قبل رباعي الحصار من اتمام شهره الخامس، وحفلت أيامه جميعاً بتطورات كبيرة ودراماتيكية حين انكشفت فيها رويداً رويداً النوايا الخبيثة لدول الحصار التي وصلت حتى الإعداد لغزو عسكري كان من الممكن أن يطال البلاد، كما حفلت أيامه بإنجازات غير مسبوقة وكبيرة لدولة قطر.

ومع تراجع فرص التوصل إلى حل على الأقل في الأفق المنظور رغم حقيقة أن أي أزمة سياسية بين طرفين لا بد لها في نهاية المطاف من الزوال، إلا أن الدوحة تقف اليوم أما مفترق طريق حيال هذا الأمر وأمامها خيارات عديدة لمسارات هي من تقرر أي منها سوف تسلك

***السيناريو الأول:

عودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الأزمة

ويستند محور هذا السيناريو انه لا غنى لقطر عن محيطها الخليجي ولا غنى للخليج عن قطر…

وبنظرة شمولية إلى صفحات التاريخ القريب فإن قطر تعرضت لضغوط ومؤامرات يمكن وصفها بالخطيرة من جيرانها بداية من العام 1995 وما تلاها من محاولات لقلب نظام الحكم فيها وتهديد سيادتها وأمنها القومي، بيد أن الدوحة تمكنت من الخروج بسلام من أزمتها، وأعادت ترتيب البيت القطري والظهور بشكل جديد أكثر قوة وسيطرة، ومدت الدوحة حينها يدها لجيرانها لتعيد ترتيب بيتها الأكبر “مجلس التعاون الخليجي”، لإدراكها حين ذاك أن لا غنى لقطر عن محيطها الخليجي ولا غنى للخليج عن قطر…

إلا أن الخلافات السياسية وخاصة مع السعودية والإمارات والبحرين لم تنتهي، لتعاود القضايا الخلافية بين الأشقاء الخليجيين للصعود إلى السطح مرات عديدة، حتى وصلت لحد سحب السفراء في العام 2014، وإعلان القطيعة… لتعود مرة اخرى عجلة لا غنى لقطر عن محيطها الخليجي ولا غنى للخليج عن قطر لتصلح ذات البين بين دول الخليج وقطر، وتعود بعدها الأمور إلى ما يرام إلى حد كبير..

ويرى كثير من المختصين بالشأن الخليجي أنه من الإجحاف مقارنة كل الخلافات الخليجية السابقة، مع أزمة حصار قطر الحالية، الأمر الذي يجعل سيناريو عودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، مستبعداً إلى حد كبير بالنسبة للرؤية السياسية القطرية، خاصة وأن الدوحة وأهلها لم يتعرضوا يوماً إلى ظلم وحقد وشتم وتآمر وتهديد بالغزو كما يتعرضون له اليوم من الإمارات والسعودية والبحرين.

***السيناريو الثاني:

عودة العلاقات ضمن شروط ومعايير جديدة

وهذا السيناريو يفرض نفسه بقوة منذ بدأ أزمة حصار قطر إلى الآن، مع التشديد على عبارة إلى الآن، حيث أكدت الدوحة وعبر كبار دبلوماسيها بأن الدوحة حاضرة للحوار وحل الخلافات حول القضايا الخلافية الغير محددة إلى الآن، والجلوس مع محاصريها على طاولة تحكمها إحترام سيادة قطر وعدم التدخل في شؤونها الداخلية…

هذا السيناريو رغم قوته منطقياً، إلى أن كثير من المراقبين يرون بأن السعودية والإمارات يصعدان من حربهم السياسية والاقتصادية على قطر، ناهيك عن كشف الكثير من المخططات التي وصفها الكثير بالسوداء، ولعل آخرها مخطط غزو قطر عسكرياً من خلال مرتزقة، بهدف اسقاط نظام الحكم في قطر والسيطرة على مواردها من الغاز، وما نتج من أموال ضخمة في الاحتياطي النقدي القطري، والذي تراه الإمارات والسعودية ربما منقذاً لأزمتهم الاقتصادية التي وصلت لحد التقشف والاستدانة…

وهذه المخططات التي باتت تكشف تباعاً، وما حملته من حالة صدمة شديدة أصابت المواطن القطري والخليجي، ربما تقوض أو حتى تنسف السيناريو الثاني القائم على عودة العلاقات ضمن إحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها، هذا في الظروف الطبيعية، ولكن مع الأخذ في الاعتبار حرص قطر الشديد على وحدة مجلس التعاون الخليجي، فإنه يمكن القول أن هذا السيناريو هو الأقرب للتحقق، في حال أدركت دول الحصار خطأ ما فعلت وبدأت في التراجع عنه واستجابت لصوت العقل والحكمة.

السيناريو الثالث:

علاقات دبلوماسية حذرة وجافة مترافقة مع عدم الدخول في أي تحالفات سياسية واقتصادية مشتركة

ويعد هذا السيناريو الأكثر قسوة، وربما لا قطر ولا أبناء مجلس التعاون الخليجي يودون أن تصل الأمور إلى هذا الحد، ولكن هو على قسوته غير مستبعد إذا استمرت دول الحصار في غيها، وخصوصا ان التقارير تشير إلى أن كل يوم يمر من أيام الحصار تتأكد فيه نظرية قدرة قطر على العيش والتعايش بعيداً عن محيطها الخليجي سياسيا واقتصادياً، خاصة بعد كشف مخططات تهدد أمنها القومي، الأمر الذي ربما سيدفع الدوحة يوما ما إلى اتخاذ قرار مصيري وتاريخي تعلن فيه الخروج فعليا من المنظومة الخليجية، مع الإبقاء على علاقات طيبة وأخوية تجمعها مع الكويت وسلطنة عمان، وفي حال انتهاء الأزمة الخليجية ربما تسير قطر على خط العلاقات الدبلوماسية الحذرة والجافة مع من حاصرها، بعيداً عن الدخول في اي تحالفات سياسية واقتصادية مع الإمارات والسعودية والبحرين…

هذا السيناريو وبحسب المعطيات حاولت قطر كثيراً الابتعاد عنه لاعتبارات عديدة تمس التاريخ والجغرافية والنسب والدم، خاصة وأنها إلى الآن لم تمضي إليه على الرغم من ما ساقته إليها السعودية والإمارات تحديداً من انعدام الثقة فيهم.. وهذه وحدها كفيلة بعدم الجلوس حتى على طاولة العشاء وليس طاولة الحوار.. كما أن سياسة هذه الدول وأساليبها العدائية المتهورة ، ربما تدفع الدوحة في حال من الأحوال لسلك هذا الطريق من فكرة “الباب الذي تأتيك منه ريح الغزو والحصار والغدر والتأمر سده واستريح”.

السابق
كهرماء أفضل مؤسسة في العالم بتطبيق نظم المعلومات الجغرافية
التالي
تضرر مبنى سفارة قطر بشدة جراء تفجير مقديشو