
تجاهل المحاولات الكيدية والذهاب بعيداً في تنفيذ الخطط يضع دول الحصار في مأزق
حقوق العمال مشروع متكامل الخطوات والدوحة مدير تنفيذي
الإمارات تجرب “نار الغيرة” وتحرق نفسها والسعودية تطبق قول الشاعر: كناطح صخرة يوماً ليفلقها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
الواقع القطري يقول لدول الحصار: انتهت المهمة وسعيكم مشكور
حكاية تحول قطر إلى حامية لحقوق العمال في سطور
بزنس كلاس – ميادة أبو خالد
يتميز اليوم الوطني هذا العام بطعم خاص لأنه يأتي في توقيت تكون فيه الدوحة قد قطعت أكثر من ستة أشهر بمواجهة أسوأ أزمة سياسية وحصار اقتصادي مر عليها في التاريخ الحديث وإذا جاز القول فإن اليوم الوطني يأتي بموعده وكأنه إعادة صناعة للاستقلال والسيادة الوطنية بوجه طغيان “الأخوة”.
بالفعل فقد نجحت قطر في تجاوز كافة العقبات الرئيسية للحصار، ولم يغير الحصار ما حاولت دول المقاطعة فعله حتى بلغت مرحلة “الضرب تحت الحزام” ولم تترك شيئاً إلا حاولته لكن عبثاً فقد باءت جهودها بالفشل لأن ما أسست له الدوحة من فعل سليم وضمن منظومة القوانين سواء المحلية أو الدولية كان عصياً على كافة المحاولات غير القانونية للنيل منها كما حدث في موضوع الريال القطري ومحاولة ضرب سعره بشكل مفبرك وفي تلاعب واضح أفقد دبي وأبوظبي كثيرا من الثقة التي كانتا تتمتعان بها خصوصاً في أوروبا.
المونديال أولاً
إلا أن واحدا من أهم المواضيع التي استماتت السعودية والإمارات العربية المتحدة على مهاجمة الدوحة من خلالها تجلى في قضية سوء معاملة عمال منشآت كاس العالم في قطر كمدخل من أجل نزع حق الدوحة باستضافة المونديال الكروي الكبير.
ومنذ أن أطلق سيء الصيت ضاحي خلفان تغريدته الشهيرة على موقع تويتر مطالباً دولة قطر بالتخلي عن ملف استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 كي يتم محو كل خلافات الرياض وأبوظبي معها في لمح البصر، بات واضحاً أن واحد من أهم أسباب استهداف الدوحة إنما يتجلى بقدرتها على النجاح في المحافل الدولية ومقدرتها على استضافة حدث كبير بوزن مونديال 2022.
لكن العالم والمؤسسات الدولية المحايدة إضافة إلى تلك المعنية بهذا الملف قالت كلمتها بأن دولة قطر تنفذ ما عليها من واجبات تجاه العمال بكل جدية وليت من يحاولون النيل منها بهذا الموضوع يقتدون بها، في غمز بقناة الرياض وأبوظبي.
قطر والرعاية العمالية
لقد قامت قطر بخطوات جبارة سبقت فيها الجميع بالخليج في مضمار الرعاية العمالية منذ ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي 2016 حين ألغت نظام الكفالة المعمول به في كافة دول الخليج والذي تدينه كثير من المنظمات الحقوقية والعمالية حول العالم من المؤسسات الدولية أو المحلية. ثم اتخذت الدوحة سلسلة من الإجراءات والقرارات التي تساعد وتنظم بيئة العمل وصولاً إلى إعلان الدوحة الدعوة للعمال في المنشآت والمعامل لإقامة وانتخاب نقابات تقوم بحماية حقوقهم وقبل ذلك بشهر، وتحديداً في 16 نوفمبر / تشرين الثاني، أصدرت الدولة قراراً بتحديد الحد الأدنى لأجور العمال بما يحقق إنصافا لا بد منه بحق الطبقة العالمة في قطر، حيث قال د.عيسى بن سعد الجفالي النعيمي وزير التنمية الادارية والعمل والشؤون الاجتماعية أن الدولة فرضت حدا أدنى للأجور يعادل 195 دولارا، لا يشمل اجور السكن ولا الغذاء والعلاج الطبي الذي يتحمله رب العمل، وأكد أن هذا المبلغ مؤقت وتجري دراسة زيادته حاليا. وأوضح النعيمي ان هذا الراتب الذي يعادل 195 دولارا (166 يورو)، لا يشمل اجور السكن ولا الغذاء والعلاج الطبي الذي يتحمله رب العمل.
حملة فاشلة
ونتيجة لكل ما سبق، قال “المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط” إن الحملة التي قامت بها الإمارات لإدانة قطر في منظمة العمل الدولية التابعة لـ الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية منيت بـ “فشل كبير” بعد قرار المنظمة الدولية إلغاء دعوى عمالية كانت مرفوعة ضد الدوحة. وأورد المجهر في بيان صحفي أن مجلس إدارة منظمة العمل الدولية قرر إلغاء إجراءات دعوى تقدم بها 11 عاملا ضد قطر. كما أشار إلى تصويت مجلس إدارة المنظمة الدولية لصالح تأييد برنامج التعاون التقني بين المنظمة وقطر، وهو ما اعتبره تأكيدا على الفشل الكبير لحملة أبو ظبي وحلفائها لإدانة قطر وتعزيزا لمكانة الدوحة في مواجهة ما تعرضت له من افتراءات.
وقال “المجهر الأوروبي” -وهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط بأوروبا- إن الإمارات استخدمت أساليب غير مشروعة داخل منظمة العمل، ودفعت بعمال ومنظمات غير حكومية للتقدم بدعوى ضد قطر بهدف إدانتها بانتهاك حقوق العمال الأجانب. وذكر أن ذلك تزامن مع حملة دبلوماسية واسعة النطاق عملت عليها الإمارات -بالتنسيق مع كل من السعودية والبحرين- للضغط على منظمة العمل لإدانة الدوحة.
دون كيشوت الإمارات
وفي تذكير برائعة الكاتب الإسباني ثيربانتس ” دون كيشوت” بدت الإمارات وكأنها تقاتل طواحين الهواء وهي تحاول يائسة النيل من الدوحة حين أضافت المؤسسة الأوروبية أن الإمارات استخدمت “منظمات وهمية” انتحلت إحداها اسم “المنظمة العربية لحقوق الإنسان” ضمن حملتها المذكورة، كما سعت منظمة إماراتية أخرى -على صلة بالأمن الإماراتي- إلى تنظيم فعاليات وتقديم معلومات مغلوطة حول ملف العمالة في قطر. ورغم هذه الحملة، قرر مجلس إدارة منظمة العمل الدولية بإجماع أعضائه -عقب اجتماع عقدته الهيئة الحاكمة بالمنظمة في جنيف- برفض الدعوى العمالية ضد الدوحة.
ويعني القرار المذكور أن منظمة العمل لن تشكل لجنة تحقيق فيما يتعلق بالاستغلال المزعوم للعمال في إطار التحضير لاستضافة قطر كأس العالم لكرة القدم عام 2022. وخلال الاجتماع، عبرت ممثلة العمال في منظمة العمل عن الارتياح للقرارات والإجراءات التي اتخذتها قطر، كما أشاد ممثلو عدة دول بالتزام الدوحة بإصلاح نظام حماية العمال الأجانب وإصلاح قانون العمل، وعبرت عن تأييدها لوقف إجراءات الدعوى.
الدوحة ومنظمة العمل الدولية
وإلى جانب صدور القرار المذكور، صادق مجلس إدارة منظمة العمل على برنامج شامل للتعاون الفني مع الدوحة مدته ثلاث سنوات، حيث سيعمل الطرفان معا لتعزيز قدرات الحكومة وأصحاب العمل والعمال على إعمال المبادئ والحقوق الأساسية في العمل تماشيا مع المعايير الدولية.
ويهدف التعاون لتحسين ظروف العمال المهاجرين وممارسات استقدامهم، وضمان دفع الأجور في حينها، وتعزيز معايير تفتيش العمل والصحة والسلامة المهنية، وتعزيز الحماية من العمل الجبري، ومنح العمال صوتا في المسائل العمالية.
كل ما تقدم من إنجازات في مجال المحافظة على حقوق العمالة في قطر إنما يأتي في إطار تعزيز موقف الدولة من قضية على درجة كبيرة من الحساسية والأهمية وأيضاً في إطار الالتزام بمعايير حقوق الإنسان وحقوق العمال بشكل خاص بحيث تتجاوز عقلية الماضي في التعامل مع العمال وأيضاً عدم المساس بحقوقهم أو ترحيلهم دون سابق إنذار كما تفعل الإمارات التي تقوم كل فترة بترحيل عدد من المقيمين لديها بشكل فاضح لأسباب سياسية بحتة وتبعتها في تلك السياسة السعودية التي ترحل آلاف العمال من أراضيها على خلفيات سياسية وانتقامية أيضاً.
العالم يقدر
وفي هذا السياق، أعرب المدير العام لـ “العمل الدولية” غاي رايد عن ترحيب المنظمة بالتزام قطر بالتعاون الموضوعي معها بغية تعزيز حقوق العمال وحمايتها. وأضاف بأن العالم نحن يحتفي بقطر وبالعمال المهاجرين بها الذين يبلغ عددهم مليوني عامل. وكانت منظمات دولية عدة رحبت الشهر الماضي أيضاً، بتعهدات قطعتها دولة قطر لتعزيز حقوق العمال، وذلك من خلال تشريعات وإجراءات تنفيذية تطابق المعايير الدولية بهذا الشأن.
إن مرور الذكرى السنوية لليوم الوطني وقطر تعيد رسم استقلالها وتثبت سيادتها أمر جدير بأن ترفع له القبعات وهي تعمل رغم كل الضغوط والحصار على التركيز على رفع سوية حياة العمال على أراضيها وتمكينهم من حقوقهم دون خوف من المستقبل، إنما تعمل على تحقيق واحد من اسمى الأهداف التي يجب أن نكون جميعاً مخلصين في التوصل لها وهي الإنسان باعتباره العامل الحاسم في أي تطور قد يشهده المجتمع فكيف إذن إذا كان هذا الإنسان هو المسؤول عن بناء أركان المجتمع ورفده بالأمان الاقتصادي.