الهيليوم القطري في واجهة الحدث الاقتصادي العالمي

سموم الحصار تخنق المحاصِرين والترياق في موانئ قطر

الخطر يحيق بالصناعات الدقيقة في العالم وفي قطر مفتاح الحل

الحصار يكشف للعالم دور قطر الرئيسي في صناعة الهيليوم

2 مليار قدم مكعب حجم الإنتاج و 365 مليون دولار حجم استثمار قطر في الهيليوم 

مصنع ثالث لإنتاج الهيليوم في قطر قيد الدراسة

8 مليار قدم مكعب حاجات السوق العالمية وقطر تنتج 25

بزنس كلاس – باسل لحام

اكتشف العالم عقب الحصار الذي فرضته دول الجوار على قطر الدور الرئيسي الذي تلعبه في صناعة الهيليوم، حيث انتقلت قطر بشكل سريع من إنتاج كمية  صغيرة من الهيليوم في بدايات القرن الحالي، إلى أن وصلت إلى نسبة  25%  من إنتاج العالم عام 2016.

واستثمرت قطر وفق الاحصائيات التي حصلت عليها “بزنس كلاس” نحو 365 مليون دولار لاقامة مصنعين لانتاج غاز الهيليوم والمرافق التابعة لهما، حيث يتمتع عنصر الهيليوم بقدرتين خاصتين، فهو خفيف للغاية ويتواجد في درجة الحرارة المنخفضة دون أن يتجمد.

بحار بديلة

وتشير التقارير إلى أن الصناعات المتقدمة والدقيقة في العالم حبست أنفاسها بعد توقف قطر عن انتاج وتصدير غاز الهيليوم عند انطلاق الأزمة في اطار سيعها للبحث عن مسارات بحرية بديلة تمكنها إلى النفاذ لمختلف الاسواق دون المرور بدول الجوار.

وكانت قطر قبل المقاطعة، ترسل إمداداتها البرية عبر المملكة العربية السعودية إلى ميناء كبير في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومنها ينطلق الهيليوم إلى سنغافورة ثم إلى المصانع والمختبرات حول العالم.

وتعتبر قطر أكبر مصدري الهيليوم في العالم وثاني أكبر منتج له بعد الولايات المتحدة الأمريكية. ومن خلال زيادة حجم خطوط الغاز الطبيعي المسال الممثلين في أربعة خطوط لقطر غاز وخطين لراس غاز، فقد ضاعف مصنع هيليوم 2 من الطاقة الإنتاجية لمصنع هيليوم 1، حيث تبلغ القدرة الإنتاجية السنوية للمصنعين معاً ملياري قدم قياسي مكعب سنوياً ومن المنتظر لها أن تفي بحوالي 25 بالمائة من إجمالي الطلب العالمي الحالي على الهيليوم السائل.

وتخطط قطر لبناء مصنع ثالث للهليوم في السنوات القليلة القادمة وفق ما اوردته مصادر مطلعة وسيملؤ هذا المصنع  الفجوة في الطلب العالمي بسبب تراجع الانتاج الأمريكي . وتقدر احتياجات السوق العالمية الاجمالية من غاز الهليوم نحو  8مليارات قدم مكعب.

حرارة باردة

ويستخدم غاز الهليوم في صنع أشياء كثيرة، فعلاوة على البالونات والمناطيد، يستعمل غاز الهيليوم في صناعة وقود الصواريخ ومحركات الأقراص الصلبة للكمبيوتر ومصادم الهدرونات الكبير والمغناطيس في آلات التصوير بالرنين المغناطيسي والمنطاد ذو المحرك وخزانات الغوص ولحام القوس، وأشباه الموصلات، وأي شيء يحتاج إلى درجة حرارة باردة.

والهيليوم السائل لا ينتج إلا كمنتج ثانوي للغاز الطبيعي في عدد قليل من الأماكن في جميع أنحاء العالم، ما يجعله منتجًا صعب المصدر، وبالرغم من أن قطر عادت لإنتاج الهليوم مرة أخرى، إلا أن  الأزمة السياسية لم تنته بعد.

صناعات مستدامة

وتحاول صناعة الهيليوم جعل إمدادات الهيليوم أكثر استدامة، ما قد يعني قطع الصلة بين استخراج الهيليوم والغاز الطبيعي، ويشكل الهيليوم كمية ضئيلة من الغاز الطبيعي، وفي حين أن الغاز الطبيعي في قطر لا يحتوي على تركيزات عالية من الهليوم (0.05 %)، إلا أن قطر تنتج كميات كبيرة من الغاز الطبيعي الذي تراكمت فيه منتجات الهيليوم الثانوية من أجل أعمال تجارية أخرى.

وتستخرج الولايات المتحدة الأمريكية، وهي أكبر منتج للهيليوم في العالم قبل قطر، الهيليوم من حقول الغاز الطبيعي في جميع أنحاء ولاية تكساس.

وبما أن الهيليوم ليس سوى منتج ثانوي، فإنه من الصعب على منتجي الهيليوم الآخرين أن يزيدوا إنتاجهم عندما يحدث شيء مثل أزمة الخليج.

غاز نادر

وتقول الدراسات أن إنتاج المزيد من الهيليوم يتطلب إنتاج المزيد من الغاز الطبيعي، ولن تفعل شركات الطاقة ذلك من أجل تجارة الهيليوم الثانوية، نتيجة ارتفاع التكلفة مما يعني عدم القدرة على المنافسة في الاسواق العالمية.

على الرغم من ندرته على سطح الأرض فإن الهيليوم يعدّ ثاني أكثر العناصر بعد الهيدروجين وفرة في الكون مشكّلاً 23% من كتلتها الباريونية.

في العام 2013، عرف العالم بالفعل أهمية الهيليوم فقد شهد مصنعان من المصانع الرئيسية التي تنتج هذا الغاز سقطة كبيرة بل إن خطر نقص الهيليوم هدد الكوكب، وبدأ الجميع يشعر بالقلق حتى أن حديقة “ديزني لاند” بطوكيو منعت البالونات القابلة للانتفاخ، ومنذ ذلك الحين بدا وكأن المختبرات في جميع أنحاء العالم تقف في حالة تأهب حتى إن أصحاب المصانع شعروا وكأن الدم قد تجمد في عروقهم، وتذكروا فجأة أن الهيليوم هو مورد استراتيجي.

أصحاب المصانع أيضاً من المهتمين جداً بالهيليوم لأنه غاز خامل، أي أنه لا يتفاعل مع العناصر الكيميائية الأخرى، وبالتالي يميل إلى تجنب الاتحاد مع أي ذرة أخرى، وذلك خلافاً للأكسجين أو النيتروجين حيث يؤدي اتحادهما بالعناصر الأخرى إلى تكوين جزيئات يمكن أن تتسبب في تفاعلات كيميائية، وربما يبدو ذلك غير مفيد للوهلة الأولى، ولكن لنتخيل الآثار المترتبة على امتلاء غرفة كاملة بهذا الغاز الخامل حينها فقط سنعلم أن الغازات الأخرى لن يكون لها وجود هنا وكذلك الغبار سيتم استبعاده تماما.

 

السابق
سويسرا.. حقيقة تسابق الخيال ومنافذ العبور مفتوحة
التالي
القطاع السياحي يعاند دول الحصار ويؤكد جاذبيته