لم تعد مجرد مستهلكة أو متذوقة وتحولت إلى مصممة تنافس كبار المتخصصين
الدعم الحكومي وارتفاع الطلب على الشراء سببان ونتيجتان في وقت واحد
أعداد المصممات ترتفع من ٥٠ إلى ٣٠٠ والسجلات مفتوحة
الأوضاع السياسية وخزائن المحتكرين محركان تقليديان لأسعار الذهب
بزنس كلاس – ميادة أبو خالد
لطالما شجع الإقبال الإستهلاكي الكبير على سوق الذهب والألماس من قبل المستهلكات القطريات العديد من السيدات لاحتراف تصميم المجوهرات عن طريق الدراسة الأكاديمية وحضور الدورات العالمية ومتابعة جديد القطاع بشكل دائم، بغية الوصول إلى مستوى الاحتراف الذي ينافس الأسماء العالمية المعروفة في هذه الصناعة.
ومع ارتفاع أعداد المصممات القطريات لأكثر من 50 مصممة مسجلة بتراخيص تجارية، الغالبية منهن يمتلكن معارض لبيع تصميماتهن من القطع الفاخرة، في عدد من الفنادق والمجمعات التجارية بالدوحة وبعض الدول الأخرى. تزداد التوقعات بأن تشهد السنوات القادمة ولوج أعداد كبيرة من الفتيات والسيدات لهذا القطاع، تزامنا مع الاهتمام الحكومي في دعم رائدات وسيدات الأعمال القطريات إلى جانب ارتفاع الطلب على شراء المجوهرات خاصة الذهب والفضة والألماس، وأن يصل أعداد المصممات القطريات في هذا المجال إلى 300 مصممة بحلول 2023. خاصة وأن طرح خطة لتأسيس ورشة للتدريب وتأهيل المصممين من الجنسين سيكون له أثره البالغ في مساندة المشاريع المحلية في هذه الصناعات النفيسة، ودعم الإنتاج المحلي منها، في ظل وجود حركة سريعة في أعداد المصممات القطريات وميلهن إلى إنتاج قطع مبتكرة لا تخلو من الحرفية واستخدام أحدث التقنيات في هذا المجال.
قيود وعقبات
أمام هذا الشغف الخاص من “نون النسوة” لنشاط من هذا النوع وميلهن للإبداع العصري الذي لا يتخلى عن العراقة والأصالة، لا يخلو الأمر من صعوبات تواجه مصممي المجوهرات في قطر والعالم، ترتبط معظمها بتذبذب أسعار المواد الخام، وارتفاع تكاليف الشحن، إلى جانب غلاء أسعار الأجهزة والتقنيات المستخدمة، وهي جميعها أسباب يمكن أن تؤخر من نمو الصناعة رغم وجود الأيدي المحلية القادرة على العمل فيها باحتراف، وهذا ما يؤكد ضرورة تطبيق الدمغة الخليجية الموحدة للذهب والمعادن، وإعفائها من الضرائب الجمركية، لدعم المنتجين القطريين ورفع نسب الإنتاج والجودة.
هنا لا يمكن إنكار ما تشهده تجارة المجوهرات من نمو كبير في الأسواق المحلية خلال السنوات الأخيرة، مع اتساع مشاريع الذهب والألماس واجتذاب مستثمرين جدد في هذه الصناعة العملاقة، من إيطاليا والهند وتركيا وغيرها، حيث يحتل المعدن الأصفر الصدارة على قائمة أفضل القطع النفيسة بالنسبة للمستهلكين القطريين، و مازال يمثل لدى الكثيرين الثروة الحقيقية والادخار الآمن، ثم يأتي الألماس واللؤلؤ والذهب الأبيض، التي تجد رواجاً متبايناً بين المستهلكات حال اختيارهن لتصميماتهن الخاصة.
تميز وخصوصية محلية
ويستشهد “أهل الكار” وأصحاب الفعاليات ومحلات المجوهرات بأن صناعة الذهب المحلية تشهد إقبالاً كبيراً خلال الفترة الحالية لتصميماتها المبتكرة ومواكبتها لأحدث صيحات الموضة العالمية، مشيرين إلى أن المصانع والورش المحلية زادت خطوط الإنتاج واستخدمت تقنيات حديثة لتطوير المنتجات بشكل تنافسي. مصرين على أن الصناعة المحلية ذات جودة عالية وأثمانها منافسة حيث يتراوح سعر المصنعية المحلية بين 15 ريالاً للجرام الواحد و35 ريالاً، الأمر الذي يعتبر جاذباً للزبائن، ويجعلها تستحوذ على نسبة كبيرة من المعروض في المحلات التجارية، لافتين إلى أن نسبة التصنيع المحلي ارتفعت حوالي 15% كما ارتفعت مبيعات الإنتاج المحلي بنسبة 18%. بوجود سوق تضم 5 مصانع محلية و25 ورشة صغيرة تساهم في الإنتاج المحلي، توفر للعميل 20% من المصنعية مقارنة بالذهب المستورد الذي يرتفع سعره لتكلفة الاستيراد.
إسعافات أولية
في هذا المضمار الكل يعترف بأن أسوق الذهب تجاوزت تداعيات الحصار بفضل الإجراءات السريعة التي اتخذتها الجهات المعنية بالدولة حينما أعفت المعدات من الرسوم الجمركية وقدّمت العديد من التسهيلات للتجار ووفّرت حاضنات للمصانع. رغم التباين في نسبة المبيعات خلال العام الجاري بسبب ارتفاع أسعار الذهب العالمية، والإقبال على شراء الشبكات للأعراس والهدايا والقطع التراثية والأطقم المميزة، علماً أن الحصار لم يؤثر على تجارة الذهب بل استمر الطلب بالتزايد على المصوغات الذهبية دون التقيد النسبي بالأسعار. كما حدثت انتعاشة كبيرة في أسواق الذهب في قطر لرغبة العديد من النساء في شراء أحدث أنواع الحلي الموجودة في الأسواق لحضور المناسبات والاحتفالات المختلفة.
وأكد مدراء البيع في محلات الذهب والمجوهرات أن الاقتصاد المزدهر، انعكس بالإيجاب على السوق القطري عامة و سوق الذهب خاصة.
وحسب الاستبيانات والاستطلاعات الميدانية فإن النساء القطريات الأكثر إقبالاً على شراء الذهب، نجدهن يقبلن على شراء قطعة ذهبية كبيرة تلبس في العنق تسمى “كرسي جابر” والتي يترواح وزنها ما بين 100 إلى 800 جرام. ومثل هذه الأنواع من القطع الذهبية مع ما يسمى بالمرتعشات والمراري والهلالي تلقى رواجاً من جديد بين النساء الشابات بعد أن كانت مقتصرة على كبار السن. وتلبس قطعة كرسي جابر، “المرتعشات” و”المراري” في المناسبات واحتفالات الزفاف فقط، وقد يصل سعر القطعة إلى حوالي 75 ألف ريال حسب وزنها وحساب فئة العيار، بحسب مسؤولوا محلات الذهب.
ويقول أصحاب المحال لـ”بزنس كلاس” بأن الإقبال كبير على الذهب عيار 21 وغالبية الفتيات يفضلن الذهب الأبيض بخلاف كبار السن لأنه يعتبر جديدًا في الأسواق ومن المستحدثات. مع التنويه إلى أن القطريات هن أكثر النساء شراء في قطر ولكن لاحظنا عودة رواج القطعة الذهبية كرسي جابر رغم أنها كانت مقتصرة فقط على النساء المتقدمات في السن.
ويرى آخرون من التجار بأن الأذواق تتنوع وتختلف أسباب الشراء، فهناك مَــن يقبل عليه بغرض الاقتناء والتخزين باعتباره أموالاً من الممكن اللجوء إليها في حال الحاجة، وهناك مَــن يقبل على شراء الذهب بغرض الزينة وهذا ما يفعله عددٌ كبيرٌ من المواطنات.
في خزائن المحتكرين
وجدير بالذكر أن مطلع 2018 ارتفع سعر الذهب ليلامس 1350 دولاراً للأونصة، وهذا ما أثر بدوره على حركة البيع كون هناك بعض الأشخاص ينتظرون انخفاض سعر الذهب ليشتروا والحفاظ عليه نظراً لإيمانهم بفكرة «الذهب زينة وخزينة»، في حين لا يكترث آخرون بالسعر خاصة الذين يشترون الشبكات للأعراس أو الهدايا. في حين سجل سعر الذهب في العام 2017 تذبذباً ما بين ارتفاع وانخفاض متأثراً بالأوضاع السياسية، وحركة البيع والشراء كانت جيدة مماثلة لما كانت عليه في الثلاث سنوات الأخيرة.
أما التوقعات بأن يشهد عام 2018 ارتفاعاً طفيفاً في سعر الذهب لاستقرار حركة البيع والشراء و ثمة إقبال على شراء الشبكات للأعراس والهدايا والقطع التراثية الذهب والأطقم المميزة في التصميم.
ويبين فريق آخر بأن تراجع سعر الذهب يزيد نسبة البيع كون بعض الأشخاص ينتظرون تراجع الأسعار لشراء الذهب والاحتفاظ به. مشيرين إلى أن الصناعة المحلية، موضع الاختيار الأول للزبائن كونها تلبي جميع الطلبات وتحاكي مختلف الأذواق من الشبكات والهدايا والقطع التراثية والخفيفة والأطقم المختلفة التي تجسّد أحدث صيحات الموضة العالمية. ومع ذلك فإن الصناعة المحلية ذات جودة عالية وأثمانها منافسة حيث يتراوح سعر المصنعية المحلية ما بين 15 ريالاً للجرام الواحد و35 ريالاً، الأمر الذي يعد جاذباً للزبائن، ولذلك تستحوذ على نسبة كبيرة من حجم المعروض في المحلات التجارية كافة.
في غرف الإنعاش
يقول أحد أشهر التجار بأن المبيعات تراجعت بداية العام الحالي بنسبة 25% بسبب تصاعد سعر الذهب المستمر بشكل تدريجي منذ منتصف العام 2017، لافتاً إلى أن سعر أونصة الذهب ارتفعت حوالي 30 دولاراً، ولفت إلى أن سوق الذهب تجاوز تداعيات الحصار المفروض على قطر بعدما قدّمت الجهات المعنية العديد من التسهيلات للتجار ووفّرت حاضنات للمصانع وأعفت المعدات من الرسوم الجمركية، ما حفّز التجار وأنعش المبيعات. والعام الماضي شهد إقبالاً كبيراً على شراء الذهب كون سعر الأونصة كان يتراوح ما بين 1170 و1180 دولاراً، و المبيعات ارتفعت بنسبة 15% رغم زيادة التكلفة بشكل طفيف على التاجر، وأن نسبة التصنيع المحلي ارتفعت حوالي 15 في المئة في العام 2017، كما ارتفعت مبيعات الإنتاج المحلي 18% مقارنة مع العام 2016.
وتركز المنتجات المحلية في الوقت الراهن أكثر على القطع التراثية التي يطلبها المواطنون، فبعض الورش المحلية التي تصنع الألماسيات تشهد إقبالاً كبيراً كون أسعارها مناسبة. وهذا ما يدفع للتوقع بأن يلامس سعر الأونصة في العام الجاري 1400 دولاراً وسيصل سعر كيلو الذهب الصافي إلى 170 ألف ريال، ويصبح سعر الجرام 150 ريالاً إضافة إلى 30 ريالاً مصنعية أي سعر الجرام سيكون 180 ريالاً.
بين الذهب والسياسة
من جانبهم قال محللون بخدمة «جي.إف.إم.إس»: إن الذهب قد يتجاوز 1500 دولار للأوقية (الأونصة) هذا العام للمرة الأولى منذ انهياره في 2013، حيث ستدعم مخاطر هبوط الأسهم المرتفعة وعدم الاستقرار السياسي جاذبيته باعتباره ملاذاً آمناً من المخاطر. ورغم ذلك، من المرجّح أن يتقلّص الطلب الحاضر مع ارتفاع الأسعار، إذ يُرجّح أن يكون الطلب الصيني قد بلغ ذروته بالفعل منذ عدة أعوام ومن المتوقع أن يسجّل الطلب الهندي مستويات مماثلة لتلك التي سجّلها العام الماضي. وبلغ الذهب بالفعل أعلى مستوياته منذ أوائل سبتمبر هذا الشهر، مدعوماً بهبوط الدولار لأدنى مستوى له في ثلاث سنوات مقابل اليورو. وقالت جي.إف.إم.إس في التحديث الأخير لمسح الذهب 2017: إن هناك عوامل أخرى قد تساهم في صعود متوسط سعر الذهب إلى 1360 دولار للأوقية هذا العام. وقالت سيدا ليتوش المحللة لدى جي.إف.إم.إس: «ستشكّل الأجواء الجيو سياسية وأسواق الأسهم، التي تواجه مخاطر متنامية لتصحيح حاد، محركات رئيسية. نتوقع أن نرى تقلبات أكبر بسبب زيادة الغموض المحيط بسياسات ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتوترات في أوروبا، وأن نشهد تسارعاً في طلب المستثمرين الأفراد من آسيا على وجه الخصوص إذا استمر زخم أسعار الذهب.