شحنت الأزمة في باكاج البضائع التالفة وفرغتها في بلد المنشأ
فتح اتجاه أفريقيا خط اختبار حقيقي لاكتمال استراتيجية الشحن الجوي والتأخير يبدو بلا مبرر
بزنس كلاس – باسل لحام
عند الحديث عن أي نشاط اقتصادي حالياً في قطر لا بد من المرور على الأزمة الخليجية ومدى تأثيرها على هذا القطاع الاقتصادي أو ذاك في دولة قطر. وطبعاً يكون دوماً الحديث عن الآثار السلبية والخسائر التي حدثت في هذا القطاع أو المتوقع أن تصيبه نتيجة تعقيد الأزمة التي ما زالت تتفاعل.
لكن في حالة قطاع الشحن الجوي في قطر لا سيما الشحن الجوي الخاص بالخطوط الجوية القطرية، فقد تمكنت القطرية، رغم بعض الملاحظات، من تخطي الأزمة لاسيما فيما يتعلق بحالة الشحن الجوي. فقد أعلن الرئيس التنفيذي لقطاع الشحن التابع للخطوط الجوية القطرية أولريش أوجرمان عن زيادة الطلب على الشحن الجوي القطري، وعودته إلى ما كان عليه بكامل قدرته قبل بدء الحصار على قطر في 5 من يونيو / حزيران الماضي، وذلك بعد إدخال طرق ملاحة جوية جديدة من عُمان ودول في آسيا.
دور فعال
وأكد أولريش على أن الحصار غير القانوني ضد قطر قد فرض بعض التحديات إلى قطاع الشحن الجوي القطري، لكن استجابة قطاع الشحن القطري كانت سريعة وأثبت قدرته على الصمود خلال هذه الفترة، حتى وصل إلى بر الأمان وعادت الطلبات لمستوياتها التي كانت عليها قبل الأزمة. الجدير بالذكر أن قطر للشحن شهدت زيادة في حجم الواردات وصلت نسبته إلى 160% بعد أسابيع قليلة من بدء الحصار على قطر، حيث ركزت الحكومة القطرية على نقل أكبر كمية من البضائع والمواد الغذائية لتغطية احتياجات المواطنين خلال الحصار.
وارتفع حجم الواردات من البضائع والمواد الغذائية من 180 طنا كي يصل إلى 900 طن يوميا، مما دعا قطر للشحن الى الاعتماد على كامل طاقتها وإدخال بعض الطائرات الإضافية لتفي بنقل هذه الكمية الضخمة من البضائع. وقد تمكنت القطرية للشحن بنجاح من إدارة هذه الزيادة الكبيرة بالمواد المنقولة جواً من خلال قدرة قطاع الشحن القطري الفائقة في الإدارة والتنظيم ، لاستيعاب هذه الزيادة الضخمة في الواردات.
وزاد عدد الرحلات إلى هونج كونج من 17 رحلة لتكون 21 رحلة جوية للشحن في الأسبوع ، كما أن هذه المرة الأولى التي تشهد فيها قطر جسرا جويا لدعم إقامة الصناعة المحلية حيث تم تحميل أكثر من 20 طائرة من طراز ” B777″ بأنواعه مختلفة من الماشية لاسيما الأبقار الأوروبية لتأمين منتجات الألبان وغيرها من المواد الغذائية في قطر خلال الأيام الأولى من بدء الحصار على قطر. وبفضل جهود القطرية للشحن أصبح المخزون الغذائي في قطر مكتمل بسرعة فائقة حيث تم اتمام نقل كافة المواد الغذائية والبضائع بشكل دائم وبصورة جيدة لتلبية الاحتياجات اليومية.
عبور الأزمة
نعم لقد نجحت القطرية بشكل عام في امتحان الظرف الاستثنائي لكن لم يكن نجاحاً يمكن ان نصفه بالكامل لأنها وقبل كل شيء من أكبر المتضررين نتيجة الأزمة خصوصاً لجهة إغلاق كثير من الطرق بوجهها وخسارتها نحو 50 رحلة يومية مع تعطل 18% من قدرتها التشغيلية كنتيجة مباشرة وفورية لإغلاق الأجواء بوجهها خصوصاً في الفترة الأولى من الحصار والذي عوضته القطرية لاحقاً بأكثر من وسيلة.
إلا أن ذلك لا يعفي شركة عملاقة بحجم القطرية لديها أسطول من أحدث الطائرات بالعالم مؤلف من 200 طائرة بينها 21 طائرة مخصصة للشحن الجوي من مسؤولية إيجاد حل سريع والأهم دائم لمثل هذه المشكلة الطارئة. وهي كانت قادرة على فعل ذلك لو أنها تابعت ما كانت تعمل عليه منذ 2016 بتوسيع شبكة النقل الجوي الخاصة بها في اتجاهات عديدة خصوصاً باتجاه وجهات كثيرة في القارة الأفريقية في المحطات البعيدة عن الخطوط البحرية التقليدية.
استثمار الإمكانيات
القطرية للشحن تعتبر ثالث أكبر شركة شحن جوي بالعالم وواحدة من أفضل وأسرع شركات الشحن الجوي نمواً بالعالم، لكن الأزمة منحتها فرصة عمل استثنائية خصوصاً في أول أيام الحصار مع حركة لا تهدأ لطائراتها من وإلى الدوحة باتجاهات عديدة وحمل المواد الغذائية وكل ما يلزم لإتمام عملية الإنتاج الغذائي في الداخل القطري بسرعة كبيرة من محطات عديدة في مختلف أنحاء العالم. وبالتالي نجحت القطرية للشحن في الحل الإسعافي وأدت وظيفتها الوطنية في هذا الإطار على أفضل وجه كما هو متوقع منها.
لكن عند الحديث عن مؤسسة اقتصادية تقوم على أساس تحقيق الربح والإنتاجية فإن ما أنجزته القطرية للشحن حتى الآن إنجاز جيد لكنه يمكن أن يكون أفضل خصوصاً لجهة خطوط الشحن الجوي المحدودة للناقل الوطني مقارنة بوجهات الخطوط القطرية التي تبلغ أكثر من 150 وجهة. وكما أي مجال آخر فإن كل طائرة شحن تبقى جاثمة على أرض المطار بدون حركة تكون خسارة كبيرة للشركة وبالتالي لكل قطر، خصوصاً إذا علمنا أن أسطول شحن الخطوط القطرية يتكون من 12 طائرة بويينج 777 و8 طائرات أيرباص 330 إضافة إلى أحدث طائراتها للشحن الجوي وهي من طراز ” B777 ” والتي حصلت عليها الشركة في مارس / آذار الماضي. وتملك الشركة 60 وجهة للشحن الجوي إلى مختلف الأرجاء في العالم لكن ما يتوجه منها إلى إفريقيا عدد بسيط للغاية لا يوازي القيمة التجارية لأسطول بحجم الذي تملكه القطرية كما يفوت هذا الأمر كثير من المكاسب المحتملة لو تابعت الشركة ما بدأته في 2016 بنفس الهمة التي بدأت فيها.
فقد أكد موقع «آير كارجو نيوز» العالمي لأخبار الشحن في أبريل / نيسان، أن قطر تتمتع بمستقبل مبهر في علاقاتها مع إفريقيا، حيث تعزز روابطها الاقتصادية مع القارة السمراء جواً، عبر زيادة الرحلات الجوية إلى وجهات متنوعة في القارة، إضافة إلى خدمات الشحن الجوي المتميزة، التي تنفرد بها الخطوط الجوية القطرية، وتوفر لها إمكانات هائلة. ونقل الموقع عن أولريش أوجرمان رئيس قسم شحن البضائع في الخطوط الجوية القطرية، لصحيفة «فلاينغ تايبرس» قوله بأن إفريقيا، وهي قارة تضم 54 بلداً وأكثر من 200 لغة، تتمتع بإمكانات هائلة وهي سوق مهمة جداً لقطر، مع العلم بأن الشحن الجوي في القارة ينمو على أساس سنوي مع تقديم القطرية لبعض الحلول للعديد من التحديات التي أعاقت في السابق أنشطة الاستيراد والتصدير التجارية في إفريقيا.
تحرير الأجواء
وتشمل التحسينات، التي وفرتها الخطوط القطرية في رحلاتها لإفريقيا مؤخراً، تحرير حركة الطيران لتحفيز التعاون الاقتصادي والاستثمارات المشتركة، وزيادة الطلب على الشحن الجوي، وتسريع عمليات التخليص الجمركي، بما في ذلك القواعد والأنظمة الجمركية، ومراعاة تكاليف الإنتاج التنافسية، واستغلال عنصر العمالة الماهرة، وتوفير تحسينات النقل البري المكمل لمنظومة النقل الجوي. مع ملاحظة أن صناعة الشحن الجوي في إفريقيا لديها مستقبل كبير بفضل الطلب المتزايد على توصيل البضائع، التي تتم عبر صفقات التجارة الالكترونية، لكن تبقى البنية التحتية والتحديات التنظيمية في العديد من البلدان كعائق لتوسع خدمات الخطوط القطرية بقوة أكبر في جميع أنحاء القارة.
وتقدم الخطوط الجوية القطرية مجموعة مختارة من المنتجات والحلول، التي تعتبر مثالية للمنطقة، مثل خدمات نقل المستحضرات الصيدلانية، ومنتجات الرعاية الصحية، وجودة الحفظ للمنتج، إضافة إلى خدمات نقل الحيوانات الحية مع الحفاظ على سلامتها. كما تحرص القطرية للشحن على التركيز على إطلاق منتجات جديدة لدعم الروابط الاقتصادية بين قطر وإفريقيا، إضافة إلى تعزيز منتجات الشركة الحالية مثل خدمة كيو آر ميل، التي تهتم بتلبية متطلبات قطاع التجارة الإلكترونية المتزايد، وخدمة كي آر إكسبرس، التي تقدم تسليما سريعا للشحنات ذات الأهمية القصوى.
وهناك أيضا طلب متزايد في الأعمال التجارية المشتركة بين قطر والقارة السمراء، وخاصة في مجالات البناء والنفط والغاز، والثروة الحيوانية، وتعتبر كينيا أكثر وجهات التجارة المتبادلة مع الدوحة. لذلك قال أوجرمان بأنه من أجل استيعاب هذا الطلب المتزايد، ستضاعف الشركة رحلاتها في إفريقيا مع نمو أسطولها من الطائرات على أساس سنوي. وهذه هي النقطة التي يجب العمل عليها فبدلاً من وجود سبع وجهات أفريقية فقط للشحن الجوي على قائمة الشركة، على الأقل يجب أن يكون هناك نصف عدد وجهات الخطوط الجوية القطرية في إفريقيا على قائمة الشحن الجوية. حيث تقتصر رحلات الشحن الجوي القطرية في إفريقيا على إنتبي وأكرا ولاجوس، وجوهانسبورغ ونيروبي والخرطوم وجيبوتي مقابل 26 وجهة أفريقية على قائمة الخطوط الجوية القطرية.
شحنات وأرقام
الآن إذا نظرنا إلى أرقام الشحن الجوي للقطرية في عام 2016 سنجد بأنها قامت بشحن أكثر من 43000 طن من البضائع وحدها من إفريقيا، حيث يتم نقل أكثر من 2300 طن في الأسبوع من وإلى إفريقيا، كما تسمح الخطوط الجوية القطرية للشحن بإرسال شحنات خفيفة إلى متوسطة إلى سبع وجهات في إفريقيا، وتوفر مساحة شحن بوزن طن في ما فوق إلى أكثر من 25 وجهة في القارة السمراء. فتصوروا كم سيكون الرقم أكبر لو أن عدد وجهات الشحن كان 14 وجهة بدل سبع وجهات فقط. طبعاً نحن لا نقول أن خطوط الشحن يجب أن تفتح بشكل اعتباطي لكن يجب أن نعمل وفق خطة تقتضي أن الأزمة الخليجية قد تطول ولا بد للخطوط القطرية للشحن من تعويض المحطات والوجهات التي فقدتها في خضم الأزمة خصوصاً التعامل مع دول الحصار، فلماذا لا تتجه نحو توسيع شبكتها في إفريقيا بفعالية أكبر تضمن لها موقعاً متقدماً في خريطة النقل الجوي بالقارة السمراء وليس مجرد الاكتفاء بتخصيص المزيد من الرحلات إلى إفريقيا، حيث ستتوسع من 20 إلى 22 رحلة شحن جوي بنهاية عام 2017.
وكانت الخطوط الجوية القطرية قد تسلمت أحدث طائراتها للشحن الجوي وهي من طراز ” B777 ” في مارس الماضي مما أضاف إلى قدرتها الاستيعابية مزيدا من المرونة والتفوق كي تتلاقى مع زيادة الطلب على الشحن الجوي من خلال الخدمات التي تقدمها الخطوط القطرية.