السياحة التضامنية فعل وطني واختبار ينجح القطريون في تجاوزه

الحصار المفروض على قطر أحد أسباب نهضتها الاقتصادية ورب رمية من غير رامٍ

تغيير اتجاه الريح مشيئة القطريين والوعي الوطني قبطان يقود السفينة الراسخة

مخصصات السفر إلى الخارج تنفق في الداخل وتضاعف مصادر الدخل

طارق عبد اللطيف: مواقع قطر السياحية أولى بسياحها المحليين

 

بزنس كلاس – ميادة أبو خالد

رغم أن القطريين ينفقون -حسب خبراء اقتصاديين ومصرفيين- أكثر من 450 مليون دولار على موسم سفرهم السنويّ، إلا أن دخول الحصار الخليجي على خط الحياة المعيشية الرغيدة للمواطن القطري دفع شرائح عديدة وكبيرة من السياح والمصطافين إلى فك أحزمة الحقائب والأمتعة ووقف السفر للخارج، تضامناً مع بلادهم ضد الحصار الذي فرضته 3 دول خليجية ومصر.

لقد سجلت الأسواق والفنادق والمنتجعات الداخلية للبلاد إقبال القطريين على السياحة الداخلية التي زادت بشكل ملحوظ، حيث ألهبت الغيرية المشاعر الوطنية، ما دفع الكثيرين إلى إلغاء رحلات الصيف والشتاء لمختلف دول العالم التي خططوا للسفر إليها في وقت سابق.وبالتالي شكل نصيب الإنفاق من حصة البلاد وقطاعاتها عائداً ودعماً لمواجهة رياح المقاطعة من دول الجوار.

حجوزات معطّلة

إنه زمن السياحة الداخلية أو ما يصطلح على نعتها بالشعبية حيث كان الملاذ منتجعات سياحية وفنادق قدمت عروضاً مغرية للمواطن القطري وللسياح الأجانب، بالإضافة إلى الأماكن السياحية المفتوحة على الشواطئ المختلفة ورحلات السفاري في الصحراء. وكلها مرابع انتعشت وتحركت أسواقها وقطاعاتها لما فيه خير الفرد والمؤسسات.

وقد علمت فيه “بزنس كلاس” أن الكثير من الشركات السياحية لم تتلق طلباً واحداً من القطريين للسفر إلى الخارج لقضاء العطلة الصيفية الماضية، فقد سارعت شركات السياحة والفنادق لتقدم عروضاً مغرية للسياحة الداخلية، ما جذب القطريين والوافدين والسياح الخليجيين من الكويت وسلطنة عمان أيضاً، في ظل وجود البنية التحتية الجديدة وتوافر البدائل السياحية التي ساعدت في إنعاش السياحة الداخلية، وهذا ما تشهد عليه منتجعات “البنانا” وشواطئ السيلين وسميسمة ودخان والغارية والأماكن الترفيهية وسوق واقف وغيرها.

شراكات مغرية

وتأتي الدلائل من لجنة السياحة في غرفة تجارة وصناعة قطر، والتي أكدت أن إشغال الفنادق ارتفع إلى أكثر من 90% في معظم الفنادق، عندما أبرمت الهيئة العامة للسياحة شراكات مع 77 منشأة فندقية قدمت بموجبها عروضاً مغرية كما حصل في مهرجان صيف قطر الماضي، لتأتي إفادة شركات السفريات بالقول إن قطر تشهد لأول مرة هذا النوع من السياحة التضامنية، سواء من المواطنين القطريين الذي فضّلوا قضاء العطلة الصيفية في الدوحة أو من سلطنة عمان والكويت الذين أصروا على السياحة في بلادنا رغم الحصار. ما يشير إلى أن السياحة الداخلية من أبرز القطاعات المستفيدة من الحصار، حيث انتعشت الفنادق والأماكن السياحية ومراكز التسوق خلال الفترة الأخيرة.

صحيح أنه من الصعب حصر أعداد السياحة بدقة -كما يوضح المعنيون- إلا أن الإقبال الملحوظ قد يقفز بالعائدات والإيرادات السياحية، وبالتالي يعوّض بعض شركات السياحة والطيران عن الخسائر الطفيفة التي تكبّدتها بسبب إغلاق دول الحصار الأربع منافذها الجوية والبرية والبحرية أمام قطر. وهنا عمدت شركات الطيران على تعويض وجهاتها إلى دول الحصار، عبر إيجاد بدائل بوجهات أخرى للعديد من الدول الأخرى عبر زيادة رحلات “الترانزيت”.

دعائم حكومية

ولم تبخل الحكومة القطرية في الاستثمار بالسياحة الداخلية والتراث والآثار، حيث شكل الاهتمام والرعاية وتمويل تأهيل وتطوير المواقع والمنتجعات إن كانت من فئة خمس نجوم وما فوق نزولاً عند رغبة الشريحة الشعبية دعامة حقيقية في رفع رصيد قطر سياحياً وترويجياً، واستطاعت قطر بفضل ما تمتلكه من المباني الحديثة المذهلة والتراث الثقافي العريق، أن تشكل عددًا من عوامل الجذب السياحية المهمة التي يمكن أن تجعل وقتك في قطر من التجارب التي لا تنسى.

وجهات حية

ويتفق الجميع على أن قطر تتميز بسياحة آمنة مع تنوع المنشآت والأسعار التي تناسب الجميع، كما أن الاهتمام بالسياحة الداخلية لا يعني الانغلاق، بل ثمة فوائد عديدة من بينها الحفاظ على العملة الحرة، وبالتالي دعم للاقتصاد الوطني، وحري القول أن السياحة الداخلية أقل كلفة، وأضمن من ناحية الأمان الذي أصبح من المفقودات بالنسبة للسائح في كثير من المناطق، وهذا ما جعل قطر وجهة سياحية تتمتع بالكثير من الأماكن السياحية.

ويصر المواطنون على أهمية الترويج للسياحة الداخلية، مؤكدين أن قطر تتمتع بوجهات سياحية متنوعة يمكن للمرء فيها أن يستمتع بها هو وعائلته، في جو من الطمأنينة والأمان، فضلاً عن الكلفة الزهيدة مقارنة بوجهات سياحية خارجية أخرى. وقالوا: إن السياحة في قطر تشهد تزايداً مستمراً وإقبالاً كبيراً من قبل المواطنين ومن السياح الأجانب وبشكل خاص من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يجدون جوا يتناسب مع العادات والتقاليد العربية التي تتميز بالخصوصية.

صناعة محدّثة

ومن المعروف أن السياحة في قطر أصبحت صناعة متطورة تملك كل المقومات التي تتمتع بها الدول الكبرى من قدرات ومهارات وتطور في الخدمات، وهنا تتجسد مسؤولية وكالات السفر في زيادة وتيرة الترويج للوجهات السياحية الداخلية. في وقت لا يوجد تركيز في الترويج لباقات السفر إلى دول بعينها في آسيا وأوروبا وغيرها، وبالتالي فإن السياحة خارج قطر ترتبط برغبة الزبائن، كما أن الباقات المحلية والخليجية متوفرة، ويوجد اهتمام بالباقات المحلية والخليجية.

وعبر استطلاعات رأي ميدانية هناك إقبال كبير من قبل السياح والأسر الخليجية على الفعاليات الترفيهية والسياحية والمنتجعات والفنادق في قطر حيث أكد عادل الهيل خبير الطيران ومدير عام شركة آسيا للعطلات العالمية على اهتمامهم في الوكالة بالبرامج السياحية الداخلية والترويج لها، خاصة أن هناك إقبالاً كبيراً من الأشقاء في دول مجلس التعاون على زيارة الدوحة والتمتع بالأجواء السياحية. وأشاد الهيل بهيئة السياحة، خاصة من حيث التواصل والتنسيق المستمر معها في كل ما يختص بأمر السياحة في قطر، وقال: أي خطوة نقوم بها تكون بالتشاور مع إدارة الهيئة العامة للسياحة، بما يحقق الأهداف والإستراتيجية التي وضعتها الدولة لتطوير السياحة وجعل قطر قبلة للسياح الأجانب.

ترتيبات مبكرة

وأوضح طارق عبد اللطيف الرئيس التنفيذي لوكالة ريجنسي للسفر والسياحة إن الأسعار دائما ما يبدأ الإعلان عنها في الوقت المناسب، وذلك ليستطيع السياح من ترتيب أنفسهم من وقت مبكر، إلى جانب الحرص على المجموعات السياحية القادمة من خارج قطر، وذلك فيما يختص باستخراج الفيزا لهم. وقال: إن وكالات السفر والسياحة يقع عليها دور كبير في التعريف بالإمكانات السياحية التي تتمتع بها قطر، وبالتالي الترويج لها وتعريف الآخرين بالصور السياحية التي تزخر بها قطر.

بالعموم السياحة الداخلية أقل كلفة، وأضمن من ناحية الأمان الذي أصبح من المفقودات بالنسبة للسائح في كثير من المناطق، ولكن الأمن والأمان، جعل قطر وجهة سياحية تتمتع بالكثير من الأماكن السياحية، حيث المواقع الأثرية والمنتجعات والفنادق، وكي تكتشف بلادك ما عليك سوى زيارة سوق واقف الذي ينال إعجاب الكثيرين، ومتحف قطر الوطني الذي يحكي عن التاريخ الحافل لدولة قطر…فمواقع قطر الغنية أولى بسياحها الوطنيين.

 

 

 

السابق
السياحة الترفيهية ركن أساسي شبه مفقود في قاموس السياحة القطرية وجاري البحث عن التمكين
التالي
ارتفاع الصادارت 18%.. فائض الميزان التجاري القطري يرتفع 51% في 2017