وكالات – بزنس كلاس:
لم يعد خافياً على أحد أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما يتعلق بأي شأن سعودي تضع المملكة كل مرة في ورطة أمام العالم أجمع والتي لاتلبث الآلة الإعلامية السعودية ان تستنفر كل جهودها لتبريرها وإن عجزت فهي تبحث عن طرف ثالث للتهجم عليه والتشويش على قضاياها فبعد تصريح ترامب الذ أعلن فيه تمسك بلاده بالعلاقات التاريخية مع المملكة العربية السعودية، ووصفه أن هذه العلاقة تخدم أمريكا وإسرائيل ، لم تجد صحيفة الجزيرة السعودية مخرجا للمأزق الذي وضعها فيه ترامب سوى التهجم على قطر واتهامها بالتآمر على القضية الفلسطينية عبر مقال للكاتب السعودي خالد المالك يسوق فيه حججا واهية للدفاع عن بلاده والهروب من كلمات ترامب اللاذعة التي كشفت على الملأ الدور السعودي في التطبيع مع اسرائيل وخدمتها على حساب القضية الفلسطينية.
واللافت في الأمر أن تصريحات ترامب لاتحتاج لتأويل أو شك في هذا الدور السعودي الذي برز مؤخرا وبشكل علني في كل أشكال التطبيع مع اسرائيل ، فيما يعد المقال التفاف على الحقيقة البينة كوضح النهار والتي يحاول الكاتب خلالها إعادة تدوير تهم التطبيع الثابتة على بلاده وإسنادها إلى قطر دون دليل أو منطق .
وربما فات الكاتب السعودي أن نظام بلاده يجتهد لزرع “إسرائيل” في جسد العرب بوصفها الدعامة التي ستساعده على مواجهة خطر الفوضى بالمنطقة حتى ولو كان ذلك على حساب ثالث الحرمين وأولى القبلتين وإن كان ذلك برعاية خادم الحرمين ، ويسوّق النظام، عبر أذرعه الإعلامية والسياسية، لنظريّة تقول إن لليهود حقوقاً تاريخية في أرض فلسطين، وإن وجودهم على هذه الأرض لا يمكن اعتباره عدواناً أو احتلالاً، وإنما إحقاق لحق أرادت الأنظمة العربية القديمة طمسه طوال عقود.
وفي الوقت الذي انبرى الكاتب السعودي في الهجوم على قناة الجزيرة زاعما أنها اتخذت من تصريحات الرئيس الأمريكي ذريعة للانتقاص من دور المملكة في القضية الفلسطينية كما يعتقد وتجاهلها لتآمر قطر في الشأن الفلسطيني ، فاته أن قناة العربية السعودية أهم أذرع بلاده الإعلامية هي من بثت فيلماً وثائقياً، زعمت أنه “يُعيد صياغة قصّة ولادة إسرائيل كما يراها العرب والإسرائيليون”، ويروِّج لفكرة حقّ “إسرائيل” على أرض فلسطين التاريخية.
وقد فجر الفيلم غضبا في الشارع العربي ،وموجة انتقادات وغضب واسعة في الشارع الفلسطيني بعد أن حابى الفيلم بالمصطلحات التي تروي أحداث “نكبة فلسطين” الإسرائيليين بشكل مكشوف، يدلل على التعمد، خاصة وأن الفيلم يبث في الوقت الذي بدأت فيه الإدارة الأمريكية الترويج لـ “صفقة القرن” التي تستثني ملفي اللاجئين والقدس.
وبينما كانت قوات الاحتلال تقتل الفلسطينيين المشاركين في مسيرة العودة الكبرى، قال النظام السعودى لمجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية، أول أبريل الماضى: إن “الشعب اليهودي له الحق في العيش بدولة قومية أو في جزء من موطن أجداده على الأقل، وإن كل شعب بأي مكان له الحق في العيش بسلام”. وقبل هذا الحديث وذاك فتح النظام الباب واسعاً أمام الإعلاميين والساسة المؤيّدين له لكي يغذّوا العقلية السعودية بمواد التطبيع ويكفّروهم بقضية فلسطين، التي باتوا يعتبرونها سبباً في خسائر المملكة، وبلغ الأمر أن قامت الجيوش الإلكترونية بالمملكة بتدشين وسم على “تويتر” حمل عنوان “الرياض أهم من القدس”.
وربما نسي كاتب المقال خروج المسؤولين السعوديين علانية لإعلان دعمهم لاسرائيل ، كما نسي تغريدة الحقوقي السعودي وعضو منظمة العفو الدولية “أحمد بن سعد القرني” وهو يدعو الله بأن يسدد رمي دولة الاحتلال الإسرائيلي في قصفها لمواقع حركة حماس بقطاع غزة في الأحداث الأخيرة بعد عملية خانيونس .
كما جسد التصريح الصادر عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي إيزينكوت، خلال مقابلة له مع صحيفة “إيلاف” السعودية، العام الماضي ، حجم ما وصل إليه التنسيق بين البلدين حين قال “هناك توافق تام بيننا وبين المملكة العربية السعودية والتي لم تكن يومًا من الأيام عدوة أو قاتلتنا أو قاتلناها”.
ولأول مرة في تاريخ البلدين، ظهر مدير مركز أبحاث من جدة، عبد الحميد حكيم، على القناة الإسرائيلية الثانية، للحديث مباشرة من السعودية عن الأزمة الخليجية وحصار قطر، ومن الواضح أن ظهور الحكيم على إحدى وسائل الإعلام الإسرائيلية مباشرة من جدة لم يكن من قبيل المصادفة، فالأمر يبدو أنه كان مدروسًا بعناية فائقة، خاصة أن الرسائل التي بعث بها الضيف السعودي خلال هذا اللقاء صبت جميعها في صالح الأهداف الإسرائيلية وهي دلالة واضحة تعكس حرص الرياض على مزيد من التقارب مع تل أبيب.
و يسير قطار التطبيع بين السعودية و”إسرائيل” بخطى متسارعة للغاية، متخطيًا في ذلك العديد من المحطات التي كان من المفترض أن يتوقف عندها ولو قليلاً، ليثير العديد من التساؤلات في مخيلة البعض والتي أجاب الرئيس الأمركي عليها صراحة عبر تصريحاته مؤخرا والتي أعلن فيها السبب لدعم النظام السعودي رغم الأزمة التي يمر بها بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وهي دعم السعودية لاسرائيل..فكيف بعد كل هذا يراها الكاتب السعودي تصريحات لدواع انتخابية، ولتمرير رأي يلقى الترحيب لدى المجتمع الأمريكي !!