منعت السلطات السعودية مواطنها عبدالعزيز بن حمد العقيل أمين عام منظمة الخليج للاستشارات الصناعية من مباشرة عمله في مقر المنظمة بالدوحة، بناء على قرار دول الحصار استدعاء مواطنيها المتواجدين في قطر خلال مهلة حددتها بأسبوعين اعتباراً من الخامس من يونيو 2017 وهو تاريخ فرض الحصار على قطر، دون تمييز بين المواطن العادي والموظف العام الذي يشغل منصباً في منظومة مجلس التعاون الخليجي.
ورغم مغادرة “العقيل” للدوحة المقر الرئيسي للمنظمة منذ أكثر من عام، إلا أن الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي قررت تمديد بقائه في المنصب، لمدة أربع سنوات أخرى، ابتداء من الأول من أغسطس 2018 في خطوة اعتبرها مراقبون استفزازية، ومن شأنها تقويض كل ما حققه مجلس التعاون طوال مسيرته التي امتدت لأكثر من أربعة عقود، كما يعكس التمديد لأمين عام “جويك” لأربعة أعوام جديدة، دون أن يمكن من مباشرة مهامه بالدوحة، هيمنة الرياض على قرارات مجلس التعاون الخليجي، وكان بإمكان الأمانة العامة لمجلس التعاون اختيار أمين عام جديد لمنظمة “جويك” من خارج دول الحصار، الكويت أو سلطنة عمان، لضمان استمرارية رسالة “جويك” في رسم السياسات الصناعية العامة لدول الخليج.
ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية أكدت الدوحة – قولاً وفعلاً – التزامها بكل اتفاقات مجلس التعاون التي تحفظ حقوق مواطني دول المجلس في التنقل، التملك، الرعاية الصحية، التعليم، التأمينات الاجتماعية، والتقاضي، ما يعني انتفاء بقاء “العقيل” في الرياض وليس في الدوحة المقر الدائم للمنظمة.
دول الحصار سحبت موظفيها
إذا ألقينا نظرة سريعة على أداء منظمة الخليج للاستشارات الصناعية “جويك” منذ اندلاع الأزمة الخليجية وحتى الآن، نجد أن أمين عام “جويك” لم يحضر سوى الفعاليات الخارجية التي أقامتها المنظمة خارج الدوحة، واقتصرت نشاطات المنظمة خلال فترة الحصار على فعاليات أقيمت في الدوحة، سلطنة عمان والكويت، إلى جانب مشاركات خارجية للمنظمة في أوروبا والأردن، مع تجنب إقامة أي فعالية في دول الحصار الثلاث السعودية، الإمارات والبحرين، بحكم أن هذه الدول لا تسمح بدخول القطريين إلى أراضيها سواء كانوا مواطنين عاديين أو موظفين ينتمون للأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، كما قامت دول الحصار بسحب ممثليها في المنظمة فور إعلانهم لحصار قطر، وقد تبع العقيل في مغادرة مقر “جويك” موظفون سعوديون وبحرينيون يعملون في إدارات المنظمة المختلفة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا يتم إفراغ منظمة الخليج للاستشارات الصناعية من كوادرها التي تضم كافة دول المجلس في التخصصات المختلفة، خصوصاً أن دولة المقر لم تغلق أبوابها أمام مواطني دول المجلس كما فعلت دول الحصار الأخرى وأياديها ممدودة دوماً للقريب والبعيد، وشعار “دوحة الجميع” لم يزحزحه حصار شامل امتد لأكثر من عام.
“جويك”.. ومسيرة 4 عقود
احتفلت “منظمة الخليج للاستشارات الصناعية” (جويك) في 2016 بالذكرى الأربعين لتأسيسها حيث تأسست المنظمة في عام 1976 من قبل الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وانضمت إليها الجمهورية اليمنية عام 2009.
ونصت المادة الأولى من اتفاقية إنشاء “جويك” على أن تكون منظمة إقليمية، تعرف بـ”منظمة الخليج للاستشارات الصناعية”، ويشار إليها فيما بعد بــ “المنظمة” وتتمتع بالشخصية القانونية الدولية.
ووفقاً للمادة الثالثة من اتفاقية الإنشاء فإن الغرض من إنشاء المنظمة هو تحقيق التعاون والتنسيق الصناعي بين الدول الأعضاء من خلال جمع ونشر المعلومات عن مشروعات وسياسات التنمية الصناعية، وتقديم المقترحات الخاصة بإقامة مشروعات صناعية مشتركة بين الدول الأعضاء، وتقديم التوصيات للتوفيق بين مشروعات التنمية الصناعية، وتنسيق وتطوير التعاون الفني والاقتصادي بين الشركات والمؤسسات الصناعية القائمة أو التي ستقام، وتقديم المساعدة الفنية في تحضير وتقييم المشروعات الصناعية، وإعداد البيانات والدراسات المتعلقة بالصناعة.
وقد أثرت “جويك” صناعة واقتصاد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال قيامها منذ أكثر من أربعة عقود بدور مؤثر في تحديد وإدخال الصناعات الحديثة، وتشكيل السياسات الصناعية العامة في منطقة الخليج، من خلال تقديم التوصيات وبوجه خاص حول الإستراتيجية الصناعية الموحدة المشتركة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وقد نجحت المنظمة بتزويد القطاعين العام والخاص الصناعي والاقتصادي بمعلومات السوق الدقيقة، والأبحاث والاستشارات المتخصصة، والتدريب الملائم عاماً بعد عام.
وتعتبر المنظمة مصدراً وحيداً لمعلومات الأعمال التجارية والاقتصادية والاجتماعية، ولمعلومات الأسواق في المنطقة. وهي تعمل بشكل وثيق مع عملائها لمساعدتهم في اتخاذ القرارات الذكية في الوقت المناسب، ولتزويدهم بالمعلومات القيمة حول صناع القرار الرئيسيين في المنطقة. وتشارك المنظمة مشاركة فاعلة في مساعدة عملائها في تأمين الحصول على تحالفات إستراتيجية مفيدة بين القطاعين العام والخاص، وكذلك الحصول على المميزات التنافسية الأخرى.