واحدة من أبرز محطات عام 2016 في المشهد السياسي العربي والقطري على حد سواء كانت في عودة الحميمية والتلاحم إلى علاقات دولة قطر مع شقيقتها المملكة العربية السعودية واليت توجت بزيارة خادم الحرمين الشريفين للدوحة أواخر 2016. فقد شهد العام 2016 استمرار التلاحم بين قيادتي أهم دولتين محوريتين في العالم العربي وهما المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ودولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى نحو المزيد من ترسيخ العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين وشعبيهما في مرحلة حاسمة تمر خلالها المنطقة بالكثير من المخاطر والتحديات.
واتسم العام الماضي باستمرار تكثيف الزيارات المبادلة بين قيادتي البلدين وعلى مستوى الوزاري ما أكد للعالم الخارجي وللمحيط الأقليمي أن الرياض والدوحة بحكمة قيادتهما، وبما يتمتعان به من مكانة دولية وإقليمية عمقا يمثلان عمقا استراتيجيا لشقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبقية الدول العربية والإسلامية.
زيارة تاريخية
ولا شك أن الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين إلى قطر في الخامس من ديسمبر الماضي كانت الأهم في ملف العلاقات بين البلدين، فهي الزيارة الأولى الرسمية لدولة قطر، وبعثت برسائل مهمة وواضحة للعالم بأن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قادرة على حماية شعوبها وحدودها الإقليمية والحفاظ على أمنها من أي تهديد خارجي، وذلك عبر التنسيق والمتابعة بين هذه الدول وتوحيد جميع إمكانياتها السياسية والعسكرية.
وتداولت قنوات التلفزة الخليجية والعربية والدولية ووسائل التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو للملك سلمان بن عبد العزيز وهو يؤدى العرضة، فور وصوله قطر تأكيدا على سعادته بأنه بين أهله وفي وطنه الثاني، فيما قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بإهداء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، سيف المؤسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، — رحمه الله — تقديرا له، معربا باسم شعب دولة قطر وباسمه شخصيا عن خالص الترحيب وبالغ السرور بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة لبلده الثانى قطر بين أهله وذويه، مضيفا أن دولة قطر تربطها بالمملكة وشعبها أعمق الأواصر الأخوية.
أرفع الأوسمة
ويعد سيف المؤسس أرفع الأوسمة القطرية، ويحمله أمير الدولة، ويهدى للملوك وأمراء ورؤساء الدول، وذلك وفق القانون رقم 17 لسنة 2016 بشأن الأوسمة المدنية. وهذه أول مرة يتم إهداء السيف، وذلك تقديرا وتعبيرا عما يكنه سمو الأمير المفدى لخادم الحرمين الشريفين من مشاعر مودة، وتأكيدا لمنزلته العالية، وتوثيقا لعرى الأخوة بين الشعبين الشقيقين.
وكان معالي وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، قد أكد في تصريحات ابان تلك الزيارة أن التنسيق القطري السعودي على أعلى المستويات، وأن الرؤى متطابقة في كثير من القضايا العربية والإقليمية، خصوصاً المتعلقة بالعمل العربي المشترك، ومساعي إحلال السلام ومكافحة الإرهاب، ودعم الجهود في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
أما سعادة الشيخ عبدالله بن ثامر آل ثاني سفير دولة قطر لدى المملكة العربية السعودية، فقد وصف زيارة الملك سلمان للدوحة بأنها “ترسيخ للعلاقات التاريخية والأخوية المتميزة القوية والمتينة بين البلدين الشقيقين” وقال “إن لقاء سمو الأمير وأخيه جلالة العاهل السعودي تفتح آفاقا واسعة للعمل المشترك والتعاون في كافة المجالات، وتؤكد على المزيد من الترابط والتلاحم بين دول مجلس التعاون الخليجي”.
فيما وصف سعادة السيد عبدالله بن عبدالعزيز العيفان سفير المملكة العربية السعودية بالدوحة تلك الزيارة بالأهمية الكبرى كونها جاءت في مرحلة حاسمة تمر خلالها المنطقة بالكثير من المخاطر والتحديات، معربا عن ثقته في بأن العلاقات الوثيقة التي تربط بين البلدين الشقيقين، وما يتمتع به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأخوه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظهما الله من حكمة ودراية، ستحقق آمال وتطلعات أبناء البلدين الشقيقين من خلال تعزيز أواصر التعاون في مختلف جوانب العلاقات الثنائية.
وحدة الصف
وبدورها كانت دولة قطر وما زالت، وستظل بعون الله، داعمة للجهود السعودية في جميع الملفات الإقليمية، وسيستمر التعاون والتنسيق بينهما في كل القضايا المهمة، وليس أدل على ذلك من التنسيق التام بين القوات القطرية والسعودية، وكذلك القوات من دول الخليج الأخرى، ضمن قوات التحالف الداعمة للشرعية في اليمن، واختلاط الدم القطري والسعودي هناك يعكس القناعات المشتركة بين البلدين بضرورة وحدة الصف.
وفي 24 أكتوبر 2016 قام الملك سلمان بن عبد العزيز ومعه عدد كبير من أمراء آل سعود، بزيارة الى الدوحة لتقديم واجب العزاء في أمير البلاد الأسبق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، وفي اليوم التالي مباشرة وصل الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية إلى قطر لتقديم واجب العزاء في وفاة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، كما زار الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الدوحة في 27 أكتوبر الماضي لتقديم واجب العزاء في وفاة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني.
وقبلها وفي 10 مايو 2016م قام الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بزيارة الى قطر وكان في استقباله في مطار حمد الدولي سمو أمير البلاد المفدى، حيث بحث الجانبان العلاقات الثنائية، وتطورات الأحداث في المنطقة، والجهود المبذولة للتعامل معها.
قمم ولقاءات ثنائية
كما استقبلت المملكة العربية السعودية خلال العام الماضي ضيفها الكبير حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، عدة مرات سواء للمشاركة في القمة التشاورية الخليجية أو في زيارات رسمية، حيث كان محل ترحيب وتقدير من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والحكومة السعودية والشعب السعودي، وهو ما أكد للعالم أجمع عمق العلاقات الأخوية الضاربة في التاريخ بين قطر وشقيقتها المملكة العربية السعودية، كما عكست تلك الزيارات الميمونة حرص أمير البلاد المفدى على تعزيز مسيرة العلاقات بينهما ضمن مسيرة العلاقات الخليجية — الخليجية.
وقد شارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وعدد من قادة وزعماء الدول الخليجية والعربية والإسلامية في الحفل الختامي لتمرين “رعد الشمال” الذي أقيم في مدينة “الملك خالد العسكرية” بالمنطقة الشمالية بالمملكة في مارس الماضي.
وفي نوفمبر الماضي قام كل من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بزيارة للرياض لتقديم واجب العزاء في وفاة الأمير تركي بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله.
تعاون تجاري
وشهد عام 2016 في شهر نوفمبر اقامة معرض “صنع في قطر” الذي نظمته غرفة قطر وافتتحه سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة بالرياض بحضور وزير الطاقة والصناعة السعودية المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح، ورئيس مجلس الغرف السعودية الدكتور حمدان بن عبدالله السمرين، وسعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس غرفة قطر، والسيد عبد العزيز بن ناصر آل خليفة الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية، وشارك في المعرض 200 شركة ومصنع قطري بهدف الولوج إلى السوق السعودي.
كما شهد العام 2016م زيادة رحلات الخطوط القطرية الى محطاتها التقليدية في كل من الرياض وجدة والدمام، فيما فتحت محطات جديدة لها في كل من القصيم والطائف، كما شهد النشاط التجاري بين قطر والسعودية زيادة ملحوظة خلال العام الماضي.