في الذكرى الشهرية الرابعة لبدء الحصار الجائر وقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر من قبل السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، يبدو العالم وكأنه قد تغير بشمل عميق لا سيما في عيون أبناء قطر الذين يحق لهم أن يفتخروا بأنهم انتصروغ بمعركة الإرادة والتحدي بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى.
فأربعة شهور بالتمام مضت على انطلاق مؤامرة الحصار الجائر الذى فرضه جيران قطر عليها ؛ بعد السطو – القبيح – على موقع وكالة الأنباء القطرية واختلاق ودس التصريحات المسمومة المنسوبة إلى حضرة صاحب السمو أميرا لبلاد المفدى؛ في محاولة مفضوحة لإشعال المنطقة والنيل من سمعة قطر ودورها المقدر إقليمياً ودولياً؛.. ظن المتآمرون و- بسذاجة بالغة – أن الدوحة لقمة سائغة وسترفع راياتها البيضاء أمام (هجمتهم البربرية) التى خرجت عن تعاليم الإسلام وكل أعراف وأخلاق القبيلة العربية؛ وهم منتهكون كافة القيم الإنسانية والشهامة التى عرف بها أبناء العرب؛ فاذا بها صامدة كالطود، راسخة كأشجار(السدر والسنديان) عصية على الانكسار، ورؤوس أبنائها شامخات شموخ الجبال.
وهكذا كسرت قطر بدبلوماسيتها الهادئة الرزينة والحنكة السياسية لقادتها التى أدارت الأزمة بحكمة ؛ بعيدا عن (فضائيات المهاترات الاعلامية الرخيصة ومجالس الردح الدبلوماسي المنفلت) حلقات الحصار؛ وردته إلى أهله فى ملحمة وطنية خالدة أذهلت العالم المتحضر؛ وكسبت قطر بالتالى معه تعاطف واحترام المجتمع الدولى ؛ بينما خسرالمتآمرون أنفسهم أولا بعد أن افتضحت نواياهم أمام شعوبهم والعالم؛ خاصة بعد أن عجزوا – حتى كتابة هذه السطور- عن تقديم أدلة وقرائن اتهاماتهم الباطلة التى بنيت عليها المؤامرة ونسجت خيوطها بليل..
قطر تجاوزت الحصار بنجاح
الثابت أن قطر تجاوزت حتى الآن وبنجاح لافت تبعات الأزمة المفتعلة من جيرانها ومصر، وتعاملت معها بحكمة كبيرة، بشكل أربك المحاصرين التي فشلت في مساعيها لزعزعة استقرار قطر. وسريعا مضت قطر في إبراز سلامة موقفها على المستوى الدولي، وحصدت دعم عدد من الفاعلين، وخصوصا تركيا وإيران وبعض الدول الغربية وعلى رأسهم أمريكا التي أبدت مساندتها لها.
فلا شك أن التداعيات الدبلوماسية للأزمة تؤكد أن دول الحصار قد خسرت – وبجدارة – رهاناتها – المندفعة والمتهورة – على موقف ساكن البيت الأبيض الجديد وقتها الرئيس دونالد ترامب ؛ اعتمادا على تضليله بمعلومات دعائية مغلوطة حاولت أن تلبس قطر (ثوب الإرهاب) انطلاقا من القمة العربية الأمريكية فى الرياض؛ ثم ما تعمدت ضخه بخبث مفضوح آلات طحن الكذب التابعة لدول الحصار الى عقول الادارة الامريكية الجديدة لاستمالتها الى صفها فى مؤامرتها؛ غيرانه سرعان ما افتضح زيف مزاعمهم وبهتان مقاصدهم أمام الإدارة الأمريكية ؛ بعد تصحيح وتصويب وزارتى الخارجية والدفاع الامريكيتين لتلك المفاهيم لدى ترامب الذى ارتد الى اليقين فى خطابه السياسى؛ وهو ما بات جليا واضحا فى لقائه الأخير مع صاحب السمو الأمير بنيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة ؛ ومن قبلها تصريحاته المنصفة وتغريداته المتزنة ؛ وهوما شكل صدمة لحلفاء الشر وقادة الحصار وأربك حساباتهم..!!
فلقد تتعزز القناعات لدى المؤسسات الأمريكية بضرورة كبح جماح الدول المحاصرة لقطر ودفعها لطاولة الحوار، بعيدا عن لغة التهديد والوعيد التي اضطرت أمام الضغوط التي تواجهها إلى تجاوزها تدريجيا. وتوالت تصريحات لساسة أمريكان تدعم موقف الدوحة، وتتراجع عن إرهاصات تغريدات ترامب التي كانت قد زادت من تهور أبو ظبي والرياض والمنامة.
(خطأ مبتدئين بلا خبرة)
كما تلقف المجتمع الدولي تصريح رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور الجمهوري بوب كوركر، بمزيد من الترحيب، وخضع لتحليل مستفيض في آن واحد، لما جسده من نزوع قطاع واسع من الأمريكيين نحو دعم الدوحة في أزمتها. حيث وصف الإجراءات التي اتخذتها الرياض بحق الدوحة، بأنها (خطأ مبتدئين) ناجم عن افتقار الخبرة من قبل ولي العهد السعودي الجديد الأمير محمد بن سلمان. داعيا نواب الكونجرس للاطلاع على مجموعة من الوثائق السرية والتي تظهر حجم الدعم السعودي للتطرف.
تصريح هذا السياسي الذي يتمتع بثقل واسع في حزب الرئيس ترامب، وله حضور في مجلس الشيوخ، جسَّد نوعا من التحول المحوري في توجه الدبلوماسية الأمريكية التي شرعت في فرض بعض الضغوط على كل من الرياض، وأبو ظبي، لتخفيف حدة تصريحاتهما والسعي لتجاوز الأزمة المفتعلة وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
باختصار.. لقد أصبحت دوائر صنع القرار في واشنطن مقتنعة أن الوقت حان لتجاوز هذا العبث، الذي يهدد السلم في منطقة حساسة، وذات ثقل إقليمي في ظل توجه واشنطن نحو استكمال معركتها الحاسمة في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش). وتؤكد الإدارة الأمريكية على ضرورة التزام الأطراف الخليجية بالحوار المباشر ووقف الأعمال العدائية من قبل الدول المحاصرة. وهو ماعبرت عنه بشكل علني الناطقة باسم الخارجية الأمريكية هيذرناورت، التي شددت على ضرورة التزام الأطراف في أزمة قطر على الحوار المباشر، والتوافق على حل الأزمة المفتعلة. وكشفت المتحدثة باسم الخارجية علنا أن حمل الأطراف على الحوار المباشر، ينطلق من توجه الإدارة الأمريكية التي يقودها ريكس تيلرسون الواثق من أهمية الخطوة وامكانياتها في حلحلة الأزمة.
(مزيد من التعنت والحصار)
وبالرغم من محاولات أطراف عدة تنسيق مواقف الدول الخليجية، وعلى رأسها المبادرة الحكيمة لأمير دولة الكويت الشقيقة لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين قطر المحاصَرة من جهة وبين المحاصِرين ، لا تزال تلك الدول تتعنت وتتصلب، رافضة أي تلطيف للأجواء.
يلحظ المراقبون انه بالرغم من تهاوي حججها في فرض طوقها على الدوحة، وتلاشي كل مزاعمها وارتدادها عليها، وخصوصا فيما يتعلق بقضية الإرهاب، لا تزال الدول المحاصِرة ماضية في مسعاها. لتجد دول الحصار نفسها وخاصة السعودية في حرج من ارتداد ملف التطرف عليها. ولا تزال دول الحصار تسير في دروب مسدودة في تحريك موضوع دعم قطر للإرهاب بسبب عجز(تحالف المتآمرين المحاصرين) حتى اليوم؛ ورغم مرور120 يوما على جريمتهم عن تقديم أية أدلة دامغة أو قرائن لا تقبل الشك ؛ حول اتهاماتهم لقطرالتى أصبحت باطلة ومجرد كلام مرسل أقرب إلى أضغاث أحلام تعشعش فى عقول قادة الحصار لتبرير الجريمة ؛ ولذلك جاء رفض المجتمع الدولي لهذه المزاعم الواهية.
وإمعانا فى استمرار مسلسل التضليل -المقيت – وسيناريو التآمر- البغيض- وقبل أن يجف حبرالاتفاق ومذكرة التفاهم التي وقعها سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية مع نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون لتعزيز جهود مكافحة تمويل الإرهاب، أعلنت الإمارات أن الأمر غير كاف، وإنها ستستمر في إجراءاتها ضد الدوحة..!!..كما أعلنت الدول الأربع المحاصرة في بيان مشترك أن المذكرة القطرية – الامريكية هي نتيجة لما وصفتها بضغوط من قبلها استمرت سنوات.