الدوحة – بزنس كلاس:
كان واضحاً منذ اليوم الأول للحصار الذي مضى عليه اليوم عام هجري كامل، بأن الشق الاقتصادي فيه هو بيت القصيد في المرحلة الأولى تمهيداً لكسر إرادة القطريين وجعلهم يخضعون لإملاءات دول الحصار. فقد شهدت الأيام الأولى للحصار إغلاق كاملاً لكافة المنافذ الحدودية الممكنة لدول الحصار مع دولة قطر ووقف إمدادات كافة أنواع المواد التي كانت الدوحة تستوردها من السعودية والإمارات والبحرين. وضجت أبواق دول الحصار الإعلامية يومها بما سموها حالة الهلع التي دبت في الشارع القطري واندفاع الناس نحو مراكز التسوق لسحب كافة المنتجات وبأن الرفوف بدأت تفرغ من المنتجات التي يحتاجها أهل قطر خصوصاً أن ذلك الوقت تزامن مع شهر رمضان المبارك.
لكن ما أثبتته الأيام والوقائع على أرض الواقع بأن خطة الطوارئ التي وضعتها قطر وعملت على تنفيذها فور وقوع الحصار حققت نجاحاً كبيراً جداً حسم الموقف منذ اليوم الثاني للحصار وبات منذ ذلك اليوم أن أي إجراءات عدائية ممكنة قد يتخذها المحاصرون لن تؤدي إلى النتائج التي يرجوها خصوصاً بأن قطر تستند إلى صندوق ثروة سيادي يعتبر من الأكبر في العالم. وكان لهذا الصندوق وخطة قطر المحكمة إضافة لإحراءاتها الحاسمة في المجال الاقتصادي، الكلمة الفصل في انهيار جهود الحصار وتقزيم دور الإمارات التخريبي في ضرب الاقتصاد القطري سواء لجهة ضرب سعر صرف الريال القطري أو سحب رؤوس الأموال الخليجية من بنوك قطر سواء تمت العمليتان بطريقة صحية أو بطريقة غير قانونية كما حدث مع محاولات أبوظبي ضرب سعر صرف لاريال القطري عبر إحدى بنوك المملكة المتحدة.
طبعاً دول الحصار حاولت إطهار أنها انتصرت في هذا الوجه من الحرب على قطر لكن كافة المؤسسات المالية الدولية المسؤولة عن هذه الأمور ولغة الأرقام بحد ذاتها أثبتت زيف إدعاءات وكذب دول الحصار. فقد قال صندوق النقد الدولي إن الأصول المالية لقطر تكفيها لمدة 25 سنة في مقابل خمس سنوات للسعودية، كما أن الصندوق نفسه قال في تقرير له نهاية العام الماضي إن آثار الأزمة الخليجية على قطر تلاشت.
ولم تشهد قطر هروبا للاستثمارات الأجنبية، بل سارعت بعض كبريات شركات الطاقة العالمية للمشاركة في خطط الدوحة لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال ليصل إلى 100 مليون طن سنويا، وزادت الأصول المالية في قطر بنسبة 3% في العام 2017 مقابل 1.5% بالنسبة للسعودية.
عاملان للفشل
ويقول المتخصص في السياسات النقدية وعلم الاقتصاد السياسي د. خالد بن راشد الخاطر إنه ما كان للحصار الاقتصادي على قطر سوى أن يفشل، وذلك بسبب عاملين، هما قلة انكشاف الاقتصاد القطري على اقتصادات الدول المحاصرة، وثاني العوامل هو الميزات النسبية وقوة الاقتصاد القطري والسياسات التي اتبعتها السلطات مبكرا المتمثلة في الاستثمار بالبنى الإنتاجية والبنى التحتية، وتقوية قطاع الطاقة الحيوي.
وأضاف الخاطر إن الحكومة القطرية تدخلت منذ الأيام الأولى للحصار بتنفيذ إجراءات مضادة للحصار، ومنها التدخل في الأسواق المالية وتنويع خطوط الاستيراد.
ورأى الكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية للشرق الأوسط دومينيك دودلي أن حصار قطر لم ينجح، واستطاع الاقتصاد المحلي التعامل بشكل لافت مع الأزمة، وأوجد لنفسه حالة من التوازن والاستمرار في النمو.