دبلن – وكالات:
تعقد المعارضة السعودية اليوم أول مؤتمر لها في الخارج في مدينة دبلن بأيرلندا، ليكون هذا المؤتمر أول محاولة لتشكيل معارضة منظمة تبذل جهودا منسقة من أجل المطالبة بالإصلاح في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تدهوراً في الحريات العامة والأوضاع الاقتصادية.
ويأتي انعقاد المؤتمر الأول من نوعه للمعارضة السعودية في أعقاب حملة اعتقالات واسعة شهدتها السعودية خلال الأيام الماضية وطالت العشرات من رموز المملكة. وتقول المعارضة إن المؤتمر يأتي ردا على تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية بعد فترة وجيزة من تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، ليكون الأول من أبناء جيله في هذا المنصب، حيث إنه تحول إلى موضوع للجدل داخل البلاد منذ نحو عامين بسبب السياسات التي اتخذها والتي قامت على رفع الأسعار وتجريد المواطنين من امتيازاتهم، إضافة الى تبنيه لرؤية 2030 التي تثير جدلاً هي الأخرى ومعارضة من قطاع واسع داخل المملكة.
وبحسب المعلومات فإن المؤتمر الذي ينعقد في “دبلن” سيشهد تأسيس وإطلاق حركة “مواطنون بلا قيود”، وهي حركة حقوقية سعودية يأتي تشكيلها رداً على حملة الاعتقالات والسياسات المقيدة لحريات المواطنين في السعودية، والتي وصلت إلى درجة اعتقال من ينشر تغريدة على “تويتر” أو تدوينة على “فيسبوك”.
إطلاق حملات معارضة
وكشف مصدر سعودي أن المؤتمر سيشهد أيضاً إطلاق حركة “معارضيكا” والتي تهدف إلى إثراء المحتوى على الإنترنت المتعلق بالنشطاء السياسيين ومعتقلي الرأي في السعودية.
وقالت مصادر صحفية إن الدكتورة مضاوي الرشيد ويحيى العسيري وعددا من البرلمانيين الأيرلنديين المدافعين عن الحريات سيشاركون في المؤتمر الذي هو “أول محاولة لتجميع جهود القوى الحقوقية المعنية بالدفاع عن الحريات في السعودية”.
وتشهد السعودية حالة متزايدة من الجدل في الشهور الأخيرة، كما إنه يسود الشارع السعودي حالة من التململ والغضب بسبب الارتفاع في الأسعار الذي نتج عن فرض ضرائب كبيرة، إضافة إلى خفض الامتيازات التي كان يتمتع بها الكثير من المواطنين، إضافة إلى إجراءات التقشف التي فرضتها الحكومة بسبب الأزمة الاقتصادية، وهي الأزمة التي نتجت عن المليارات التي أنفقتها الحكومة السعودية في الحرب على اليمن وفي دعم وتمويل المعارضة السورية التي تتجه للخسارة هي أيضاً في بلادها، إضافة إلى تمويل الانقلاب العسكري في مصر بمليارات الدولارات خلال السنوات الأربع الماضية.
أشكال المعارضة
وتتنوع المعارضة السعودية في الخارج بحسب مطالبها وبحسب الأيديولوجيات التي تنتمي لها، فهناك المعارضة الموجودة في الخارج التي تدعو إلى إسقاط النظام المتمثلة في الحركة الإسلامية للإصلاح وتنظيم التجديد الإسلامي وهناك المعارضة السلمية في الداخل التي تدعو إلى إصلاح النظام المتمثلة في جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية أو بما يُسمى التيار الإصلاحي في السعودية، وهناك بعض الفصائل المعارضة التي تظهر في فترات زمنية متباعدة وتنتهج العنف وتقوم بعمليات تخريبية.
وبالتوازي مع المعارضة السياسية نشأت مؤخرًا حركة حقوقية في الخارج “المعارضون الجدد ومن أبرزهم حسن العمري رئيس ديوان المظالم الأهلي وعلي الدبيسي رئيس المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان ويحيى عسيري رئيس منظمة القسط.
ويقول أحد رموز المعارضة السعودية في الخارج علي الأحمد وهو مدير معهد الخليج إن العمل في مجال حقوق الإنسان في السعودية تحديدا، صعب للغاية بسبب التعتيم الذي تشهده بلاده من قبل الحكومة التي يتهمها بتعمد إخفاء الانتهاكات حفاظا على صورتها في الخارج، إضافة إلى علاقات المملكة الحسنة مع دول مؤثرة، مما يجعل من الصعب الحصول على دعم سياسي لذلك العمل.
ويؤكد الأحمد أن المعارضة السعودية في الخارج على قلتها، تسعى لتدارك الوضع الذي خلفه التضييق الحكومي على نشر حقوق الإنسان في دولته التي وصفها بـ”مملكة الصمت” من خلال تقارير حقوقية دورية وعقد اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين في لندن وواشنطن والتحدث عبر وسائل الإعلام الدولية. ويدلل مدير معهد الخليج مثالا على ذلك في لقاءاته الدائمة مع مسؤولين في الإدارة الأميركية لحثهم على انتقاد أوسع لانتهاكات حقوق الإنسان في بلاده.
خلفية تاريخية
وتعتبر بدايات نشوء المعارضة في السعودية إلى ثلاثينيات القرن الماضي عندما اختلفت حركة إخوان من أطاع الله مع الملك عبد العزيز، نتج عن هذا الخلاف ثورة مسلحة ضد الملك عبد العزيز. وخلال حقبة الخمسينات وحتى الثمانينات هيمنت الجماعات اليسارية سواء القومية العربية أو الشيوعية على الخطاب المعارض السعودي لأكثر من ثلاثة عقود لكن منذ حرب الخليج الثانية وما بعدها في 1991 سيطر الإسلاميون سواء الشيعة أو السلفيون الجهاديون والحركيون منهم على صوت المعارضة وهو الوضع القائم حالياً .
ولا تعترف الحكومة السعودية بشرعية وجود المعارضة لكنها في فترات سابقة كانت تصدر عفوا عن المعارضين في الخارج أبرزها عندما تولى الملك خالد السلطة عام 1975 وفي عام 1993 عقد الملك فهد اتفاقا تاريخيا بينه وبين المعارضة السعودية الشيعية في الخارج انتهى بتخليهم عن العمل السياسي مقابل عودتهم للسعودية، وفي عام 2000 عرض وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز على المعارضين في الخارج العودة بدون شروط لكن عرضه قوبل بالرفض من قبل الحركة الإسلامية للإصلاح.