توافق إقليمي واسع على مناهضة انفصال كردستان

الدوحة – وكالات:

رجَّح تقدير موقف أصدره مركز الجزيرة للدراسات ونشره على موقعه الإلكتروني بعنوان “أثمان التصويت على انفصال كردستان” أن تُقدِّم أنقره وطهران كافة أنواع الدعم بما فيها الدعم العسكري لبغداد حال إقدامها بعملية عسكرية تسترد بها كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها مع إقليم كردستان، سيما تلك التي تعتبر مناطق تداخل إثني.

وأشار تقدير الموقف إلى أن الحكومة العراقية اتخذت بالفعل قرارها بالتقدم لفرض السيطرة الكاملة على كركوك وحقولها النفطية، بمجرد الانتهاء من تحرير حلبجة من سيطرة تنظيم الدولة.

وأوضح تقدير الموقف أن ثمة توافقا عربيا سُّنيا-شيعيا، على مواجهة خطوات أربيل، مما قد يمهد الطريق أمام إيجاد مناخ للإحياء الوطني العراقي، الذي أطلقته أزمة الاستفتاء الكردي.

ونوهت الدراسة إلى أن المسألة الكردية احتلت موقعًا بارزًا في مباحثات رئيسي أركان الجيش الإيراني والتركي، خلال زيارة غير مسبوقة قام بها الأول لأنقرة في 15 أغسطس 2017. كما أُعلن لاحقًا أن رئيس الأركان التركي سيقوم هو الآخر بزيارة طهران قبل موعد زيارة الرئيس أردوغان للعاصمة الإيرانية، في 5 أكتوبر 2017. في 23 سبتمبر 2017، عقد رئيس الأركان العراقي مباحثات مفاجئة في أنقرة مع نظيره التركي، وأُعلن في أنقرة عن عزم رؤساء الأركان الثلاثة، التركي والإيراني والعراقي، عقد لقاء مشترك في القريب العاجل. كما اتفقت تركيا والعراق على بدء مناورات عسكرية مشتركة في الجانب التركي من الحدود، ابتداء من 26 سبتمبر 2017.

وفيما إن كانت تركيا وإيران ستعجِّلان بفرض عقوبات ثقيلة على الإقليم، رجَّح تقدير الموقف أن ذلك مستبعد في المرحلة الحالية، وأشار إلى أن ذلك متوقف على اتجاه أربيل نحو إعلان الاستقلال.

معارضة إقليمية

وتطرقت الدراسة إلى مواقف الدول جراء الخطوة التي أقدمت عليها اربيل حيث يخشى العراق، المعني الأول بالمسألة، من أن يؤدي الاستفتاء إلى انفصال رسمي للمنطقة الكردية، وأن تكون مثل هذه الخطوة مقدمة لتجزئة البلاد. أما إيران وتركيا فتعتبران قيام دولة كردية في العراق تهديدًا لوحدة ترابهما، ومحفزًا لمطالب كردية مماثلة في الدولتين التي تحتضنان أعدادًا أكبر من الأكراد بين مواطنيهما. في كل من الدول الثلاث، ينذر إعلان دولة كردية مستقلة في شمال العراق بحرب إقليمية مريرة، سيما إن لم تتراجع أربيل عن مطالبها في المناطق المتنازع عليها.

دوليًّا، ورغم أن المواقف لم تكن بحدة نظيرتها الإيرانية والتركية، جُوبه الاستفتاء بمعارضة معلنة. بعد محاولات وساطة وضغوط على أربيل، أصدرت الخارجية الأمريكية بيانًا شديد اللهجة ضد الاستفتاء في 20 سبتمبر 2017. ولم يكن خافيًا، على أي حال، أن المعارضة الأمريكية لعقد الاستفتاء ليست مبدئية، بل ترتبط بالحرب على تنظيم الدولة وبرغبة واشنطن أن يوفر العراق الموحد فرصة لدفع النفوذ الإيراني في المنطقة إلى التراجع. عمومًا، أسهم الموقف الأمريكي، المؤيَّد من أغلب القوى الدولية الأخرى، في صدور بيان من مجلس الأمن الدولي، في 21 سبتمبر 2017، أعرب عن القلق من العواقب المحتملة للاستفتاء. وفي يوم الاستفتاء ذاته، أجرى كل من الرئيس التركي والإيراني اتصالًا منفصلًا بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تم خلالهما التوكيد على وحدة كل من العراق وسوريا.

مواقف متفاوتة

داخل الإقليم، لم يكن موقف الأحزاب الكردية موحدًا؛ فقد كان الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يقوده بارزاني ويتمتع بنفوذ كبير في محافظتي أربيل ودهوك، القوة الدافعة خلف الاستفتاء. ولكن قيادات الحزب المنافس له، الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي تُعتبر محافظة السليمانية معقله الرئيس، إضافة لنفوذه في أوساط أكراد كركوك، خرجت بمواقف متفاوتة. كان القيادي في الاتحاد الوطني، ملا بختيار، أحد أبرز المؤيدين للاستفتاء؛ بينما عارض عقده في هذه المرحلة كل من بافيل طالباني، ابن مؤسس الحزب، جلال طالباني، والقيادي خسرو كوران، كما عارضت حركة التغيير (غوران)، المنشقة عن الاتحاد الوطني، وأغلب الإسلاميين الأكراد، عقد الاستفتاء.

حسابات بارزاني

تشير الدراسة إلى أن السيد بارزاني بنى حساباته، فيما تعلق بتباين مواقف الأحزاب الكردية، على أساس أن ترحيب الرأي العام الكردي في الإقليم بالاستفتاء والسعي إلى الاستقلال عن العراق سيدفع المعارضين في النهاية إلى تغيير مواقفهم. وحتى إن لم تتغير هذه المواقف، فإن المعارضة لن يكون لها سوى تأثير طفيف على توجهات المقترعين، سواء بالذهاب إلى مقار الاقتراع للإدلاء بأصواتهم أو بالتصويت بنعم على سؤال تقرير المصير. والواضح أن حسابات بارزاني في هذا الشأن كانت صحيحة نسبيًّا؛ إذ لم يلبث قادة الاتحاد الوطني وحركة التغيير، وحتى القيادات الإسلامية، أن تراجعت عن معارضتها صباح يوم الاستفتاء وذهبت بصورة لافتة للإدلاء بأصواتها. ولكن مواقف الساعة الأخيرة لم تكن كافية لكسب الرأي العام في السليمانية، التي وقعت طوال أسابيع تحت تأثير الخطاب المعارض للاستفتاء، وهذا ما جعل نسبة المقترعين في محافظة السليمانية أقل بكثير من نظيرتها في محافظتي أربيل ودهوك.

دعم إسرائيلي

بيد أن حسابات بارزاني الإقليمية كانت أكثر تعقيدًا، إذ تلقت أربيل دعمًا صريحًا من الدولة العبرية، حيث أعرب رئيس الحكومة الإسرائيلية طوال الشهور القليلة السابقة على موعد الاستفتاء عن تأييده لحق الأكراد في تقرير المصير ودعمه لبروز دولة كردية مستقلة في شمال العراق. وقد تصوَّر بارزاني ومؤيدوه أن الموقف الإسرائيلي سيعمل على تغيير المقاربة الأمريكية من الاستفتاء ومن الدولة الكردية الموعودة، بل إن بإمكان أربيل، في كل الأحوال، استخدام الموقف الإسرائيلي، ومخاوف تركيا وإيران من تحول الدولة الكردية إلى منطقة نفوذ إسرائيلي كبير، للتأثير على موقفي تركيا وإيران. إضافة إلى ذلك، ثمة علاقات اقتصادية واستثمارية كبيرة بين كل من إيران وتركيا، من جهة، والإقليم الكردي، من جهة أخرى. وربما تصور معسكر بارزاني أن لا تركيا ولا إيران يمكن أن تضحي بعلاقاتها مع الإقليم، أو الاستثمارات الضخمة لشركاتها فيه. حسب قادة أربيل أن الاعتراض الإيراني-التركي، ليس سوى شأن مؤقت، موجه للرأي العام الداخلي؛ وما إن يطمئن الإيرانيون والأتراك إلى أن الدولة الكردية لن تكون مصدر تهديد أمني، ولا بؤرة لحركة جامعة كردية، حتى يعودوا إلى تطبيع العلاقات مع الكيان الجديد.

واختتم تقدير موقف مركز الجزيرة للدراسات بالتحذير من إمكانية انزلاق المشرق نحو حرب تطال نيرانها عديد البلدان إذا ما تفاقمت الأزمة الكردية، وبنى تحذيره على ارتباط مصير العراق بمصير جواره الإقليمي الواسع سيِّما تركيا وإيران.

كاتب إسرائيلي: كردستان حليفتنا

وأكد مقال نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية للكاتب الإسرائيلي “أريئيل بولشتاين” أن كردستان ستكون حليفة لإسرائيل.

وأضاف الكاتب على أن الحركة الوطنية الكردية تشاطر الحركة القومية اليهودية في القيم الثقافية الأساسية، وبالتالي فمن البديهي أن يكون هناك تعاطف متبادل بينهما.

وأكد أن مسألة تطوير العلاقات بين الدولة اليهودية والدولة الكردية المستقبلية كانت حاضرة بقوة حينما تقرر بشكل نهائي قيام الأكراد في شمال العراق بإجراء استفتاء على الاستقلال.

ويرى “بولشتاين” أن إسرائيل تحظى بالتعاطف الشديد من جانب القيادات الكردية دون أن تبذل حملات دعائية لكنها لا ينبغي أن تركن إلى ذلك.

السابق
أوريدو الراعي البلاتيني لمسرحية “الحصار”
التالي
أيرلندا تحتضن أول مؤتمر للمعارضة السعودية