أرقام وتفاصيل.. كم قطعت قطر في رحلة الاكتفاء الذاتي

الدوحة – بزنس كلاس:

بدأت المواطن والوافد في دولة قطر يلمس بشكل عملي وعلى نطاق واسع نتائج الجهود الجبارة التي بذلتها مختلف الفعاليات الاقتصادية والصناعية في البلاد منذ اليوم للحصار الجائر وتكثيف النشاط لتحقيق الاكتفاء الذاتي لا سيما في مجال الأمن الغذائي. نتائج تلك الجهود الجبارة بدأ الجميغ يتلمسها وبذلك تكون قطر قد حققت فائدتين، تعزيز الإنتاج المحلي وبالتالي الناتج المحلي من جانب، ومن جانب آخر رفع مستوى تنافسية المنتجات القطرية.  وهذا الأمر يجعل حلم تحقيق الاكتفاء الذاتي يتحول إلى واقع، حيث أصبح الأمن الغذائي مصطلحا على شفاه الجميع في قطر الآن، ويلعب الاكتفاء الذاتي من لحوم وألبان المواشي جزءا هاما من تلك المنظومة، بالإضافة إلى محور الزراعة حيث إن التوجه القطري نحو الزراعة يستهدف في المقام الأول تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير احتياجات الأسواق في ظل الزيادة السكانية المستمرة، إلى جانب تنفيذ خطط التنويع الاقتصادي التي تم إطلاقها قبل سنوات والتي باتت مطلبا هاما للتجاوب مع التغيرات التي طرأت منذ منتصف العام الماضي مع بدء فرض الحصار.

ووفقا لأحدث تقديرات قطاع الأغذية فإن معدلات الاكتفاء الذاتي في منتجات الألبان بالسوق المحلي ارتفعت بواقع 56 % من مستوى بلغ 28 % فقط في مايو 2017– قبيل فرض الحصار بشهر واحد- إلى مستوى يبلغ حاليا 84 % من منتجات الألبان وذلك على وقع فورة مشاريع الصناعة الغذائية في قطر حيث تم إطلاق مجموعة مشاريع جديدة في القطاع لزيادة حجم الثروة الحيوانية التي تجاوزت مستويات 1.5 مليون رأس من الماشية.
وأكد جون دور المدير التنفيذي لشركة بلدنا المتخصصة في الثروة الحيوانية ومنتجات الألبان أن اعتمادا قطر الأول قبل الحصار كان على منتجات الألبان الوافدة من المملكة العربية السعودية، وبالنسبة للكثيرين كان الحصار يشير إلى كارثة محتملة في قطاع الألبان بالذات، ولكنه أصبح فرصة ذهبية لتوسيع عمليات مزرعة بلدنا إلى 700 ألف متر مربع وأبعد من ذلك.
وقال دور: «كان هناك حوالي ثمانية لاعبين مختلفين في سوق الألبان القطري قبل الحصار أربعة من السعودية، وواحد من الإمارات العربية المتحدة، واثنين أو ثلاثة لاعبين محليين، وكان ما يقرب من 80 ٪ من طعامنا يأتي من الصادرات من هذه البلدان، و90 ٪ من منتجات الألبان من المملكة العربية السعودية، لذلك كان الحصار نعمة وليس نقمة علينا وفرصة لتوسيع أعمالنا في قطر والقفز على اللاعبين من دول الأزمة، وأن ننتج في السوق القطري أفضل حليب في الخليج.
وأشار المدير التنفيذي لشركة بلدنا إلى أنه رغم أن قطر لم تكن قد طبقت نفس التكنولوجيا، التي حصلت عليها دول أخرى في حلب الألبان، إلا أنه الآن أصبح لدينا أكبر وأفضل صالة دوارة في الشرق الأوسط، ويمكن أن نحلب 750 بقرة في الساعة لكل 200 وحدة، مضيفا: «نحن نريد أن نجعل قطر مكتفية ذاتياً من الألبان، وذلك سوف يحدث بالتأكيد، وبالرغم من أن السوق ليست كبيرة من حيث الحجم، ولكنها سوق مربحة، مع وجود الكثير من الفرص لنا.
وتابع دور أن الأمن الغذائي هو الحلم الكبير هنا في قطر، حيث أيقظ الحصار قطر بأكملها، وبعد أن كان معظم طعامنا يأتي من الخارج، أصبح الناس مؤيدين للمنتج الوطني المحلي الآن ويرغبون في شراء الحليب القطري، مشيرا إلى أن ما يحدث حاليا ينبع من الحاجة إلى تحقيق الأمن الغذائي وفق رؤية قطر الوطنية 2030، وسنقوم بتجريب الأغنام الخاصة بنا هنا أيضاً، وسندخل سوق لحوم البقر بقوة لزيادة عددها إلى 40 ألف رأس من الماشية أيضاً.
وفي تصريحات له مؤخرا أكد نائب رئيس غرفة قطر سابقا، عبدالعزيز العمادي أن خروج منتجات دول الحصار من الاسواق المحلية وفي مقدمتها المنتجات الغذائية، كان بمثابة تحد أمام المنتجين المحليين، إلا أنه في ذات الوقت حفز الشركات الوطنية العاملة في هذا القطاع بمضاعفة خطوط الإنتاج وزيادة الاستثمارات المحلية في قطاع منتجات الألبان والمواد الغذائية بشكل عام، لتحقيق هدف الاكتفاء الذاتي.
وأشار العمادي إلى أن الشركات الوطنية العاملة في قطاع منتجات الألبان والمواد الغذائية عملت على سد فجوة كبيرة من احتياجات السوق لاسيما في منتجات الألبان لافتا إلى أن الخطط المستقبلية للمنتجات الوطنية تشمل التطلع إلى الخارج والمنافسة في الأسواق العالمية بعد إنجاز الاكتفاء الذاتي محليا.
وأكد العمادي أهمية دور الدولة والجهات المعنية بما قدمته وتقدمه من دعم متكامل للمنتجين المحليين والشركات الوطنية، واتاحة الفرصة امامهم لعرض المنتجات الوطنية في جميع المجمعات الاستهلاكية ومنافذ البيع المختلفة بشكل واضح وبارز للمستهلكين، مما رفع من حجم المبيعات وضخ الشركات الوطنية لمزيد من الاستثمارات لمضاعفة حجم الإنتاج الغذائي.
وعلى صعيد القطاع الزراعي كشف أحمد العبدلي عضو مجلس إدارة غرفة قطر، أن الإجراءات الخاصة بإنشاء أكبر مشروع زراعي ضمن خطة تحقيق الاكتفاء الذاتي، انتهت وتم البدء فعليا في المشروع الذي سيكون الأول بالعالم بمجال الأمن الغذائي والإنتاج الزراعي والصناعات الزراعية والمنتجات الحيوانية والألبان واللحوم البيضاء والحمراء والأسماك.
وأضاف أن المشروع سيحقق مخزوناً استراتيجيّاً لقطر، بالإضافة الى تدوير النفايات.
مشيرا إلى أن الأسواق المحلية هي المستفيد الأول من المشروع الذي سيكون ضمن أهدافه أيضا نقل المنتج القطري إلى الخارج.
وأشار العبدلي إلى أن الدراسات المتكاملة حول المشروع أخذت 5 سنوات وتناولت كافة المجالات، بما فيها عمليات التوزيع والتخزين والتصنيع وشبكة توزيع التسويق وما يحتاجه المستهلك من جودة السلع والكميات والأسعار المناسبة.
وبالنسبة للدواجن ثمة 3 مزارع بالدولة تنتج ربع احتياجاتها الآن من اللحوم البيضاء وكانت تنتج عند حدوث الحصار 12.5% من الاحتياجات، وتحت التأسيس الآن مزرعتان «المانع والريان» تبلغ استثماراتهما 1.9 مليون ريال، حال اكتمالهما سوف تحقق قطر الاكتفاء الذاتي من لحوم الدواجن.
وفي سياق متصل بدأت الشركة العربية القطرية لإنتاج الدواجن في زيادة الإنتاج من 9.5 إلى 16 مليون دجاجة سنويا، وتم إنتاج بيض المائدة للتوسعة الجديدة ليزيد الإنتاج من 60 مليونا إلى 100 مليون خلال العام الجاري، ويقترب من 120 مليونا ليغطي جزءا مهما من احتياجات السوق المحلي.
وفيما يتعلق بإنتاج الأسماك فمن المنتظر أن يساهم مركز البحوث والأحياء المائية برأس مطبخ في تشييد 14 مزرعة صغيرة وكبيرة لإنتاج الأسماك خلال العامين الجاري والمقبل، من بينها 3 مزارع أقفاص مائية تنتج الواحدة منها ألفين، ومزرعة جمبري تنتج ألف طن إضافة لـ 10 مزارع صغيرة تعمل ضمن منشآت مركز الأبحاث المائية برأس مطبخ، وينتظر عند اكتمالها أن تسد تلك المزارع حاجات البلاد من تلك السلعة التي يؤكد مسؤولون بالبلدية أن الإنتاج الوطني منها يصل الآن إلى 80 % من احتياجات البلاد.
ومن جانبه أكد وزير البلدية والبيئة محمد بن عبدالله الرميحي في وقت سابق، أن الإنتاج الزراعي المحلي في قطر خلال فترة الحصار قفز بنسبة 300 ٪، مضيفا أن هذه النسبة دفعت الوزارة إلى التوسع في مصادر البيع والتسويق، لتغطية الزيادة الملحوظة في الإنتاج.
ولفت أن الظروف الاستثنائية التي مرت بها الدولة، ومنع الشركات من تصدير منتجاتها إلى دولة قطر نتج عنه تميز وتطور ملحوظ في الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية والسمكية.
وأوضح أن الدولة خصصت مبلغ 105 ملايين ريال (ما يقرب من 30 مليون دولار) لسنة 2018 من الميزانية، لتقديم الدعم للقطاع الزراعي والسمكي والحيواني لتحقيق الأمن الغذائي.

السابق
أسعار صرف الريال القطري مقابل العملات الأجنبية ليوم الجمعة 17 أغسطس/آب
التالي
حجز المركبة.. تشديد عقوبة الركن في مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة