وكالات – بزنس كلاس:
أكدت صحيفة رومندي السويسرية أن قرار السعودية بتأجيل بيع 5٪ من “أرامكو” الذي أثار ضجة كبيرة يشكك بشكل مباشر في مصداقية القيادة السعودية، حيث كان الاكتتاب حجر الزاوية في رؤية 2030 التي تعمل على تنويع اقتصاد المملكة من خلال 100 مليار دولار المتوقع أن تكون ثمرة هذا الاكتتاب .
كما أن تقييم الشركة في البورصات الدولية الكبرى كان سيكون نهاية تعتيم السعودية على معطيات أرامكو، حيث لم تشجع حتى الآن الكثير من المستثمرين على تفسير هذا الطرح الأولي للاكتتاب العام كمدخل لثقافة الشفافية، وكان من الممكن أن يخفف مبلغ إدراج الشركة في الأسواق المالية من معدل البطالة البالغ حوالي 13٪ في هذا البلد، وسيخفف في الوقت نفسه من خطر القنبلة الاجتماعية الموقوتة في السعودية .
تراجع سعودي
اعتبر الصحفي ميشال سانتي في مقاله أن التراجع السعودي عن هذا الاكتتاب يثير أسئلة هامة حول القيادة وأفكارها ويشكك في مصداقيتها – وبالتحديد في “رؤية 2030” الشهيرة التي تم الترويج لها إلى حد كبير، والآن تبدو فقط كخطة اتصالية سيئة تم تصميمها لرفع شعبية القيادة الجديدة في الرياض وإرضاء طموحها. ويعتبر الطرح العام لأرامكو رأس الحربة في خطة السعودية التي دفعتها إلى واجهة المشهد الدولي وشحذت شهية المستثمرين العالميين، وكانت النتيجة الطبيعية المرجوة من النظام السعودي عدم الارتياب أو حتى الارتباك حول الاكتتاب العام في شركة أرامكو غير أن النظام أظهر اندفاعا وعجزا أجوف بخصوص هذه الخطة. مما يؤكد أن القيادة السعودية تبدو فعالة فقط في سجن المعارضين في فندق فخم .
وأوردت الصحيفة: حاولت القيادة الجديدة في السعودية تخدير يقظة المستثمرين العالميين من خلال الاكتتاب المتوقع في خطوة غير مسبوقة لكن النهاية كانت سريعة، وستكون النتائج الاقتصادية قاسية بالنسبة للمملكة التي تعاني منذ بضع سنوات من نزف في رأس المال النازف بالاصل، إلى جانب تراجع في مناخ الثقة الذي تدهور بشكل ملحوظ، وحسب جي بي مورغان ستفقد المملكة في العام الجاري استثمارات بقيمة 65 مليار دولار أي 8.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن خرجت بالفعل استثمارات بقيمة 80 مليار في عام 2017.
وضع سيئ
وبين التقرير أن الوضع الاقتصادي والعام سئ في السعودية حيث لا توجد رقابة الصرف بشكل رسمي، والإستراتيجية التي استخدمتها السلطات في الأشهر الأخيرة للاتصال – أو حتى إجراء “اتصالات مجاملة” – لجميع الأشخاص والمؤسسات الراغبين في إجراء تحويلات كبيرة لأموالهم في الخارج لمعرفة الدوافع، وإذا هناك امكانية للتراجع تبدو غير مجدية. وهذا النزوح الهائل لرأس المال هو أكثر إشكالية مطروحة في السوق السعودية لأنه يأتي في وقت الانتعاش الوقتي في أسعار النفط، والتي في الواقع ليس لها أي تأثير على ميزان المدفوعات السعودي، الذي لا يزال يعاني من العجز. أما المعطى الواضح فهو أن السلطات السعودية غير قادرة على التخلي عن سياستها التقليدية للإنفاق العام من أجل موازنة النمو الذي لا يزال مستنزفاً سيما وأن الاستثمار الخاص يعيش تراجعا وجمودا.
واختتم ميشال سانتي تقريره: هي دائما نفس القصة التي تتكرر بالنسبة للسعودية التي تعاني من “العجز في الإنفاق” الذي يهدد القدرة الإنتاجية وانتعاش سوق العمل الذي بدأ يعاني من هروب اليد العاملة الأجنبية، حيث لم يعد الاقتصاد السعودي قادرا على تجاوز أزمته وتحقيق الانتعاش بالاعتماد على قدرات الدولة فقط وعائدات النفط وحدها بل يجب إفساح المجال للمبادرات خاصة والتشجيع على الاستثمار والاعتماد على الإصلاحات الاقتصادية القائمة على نظريات معدة إعدادا جيدا، ليس مجرد حملات لتلميع النظام ترتكز في الغالب على الدعاية السياسية مثل رؤية 2030 .