الدوحة – بزنس كلاس:
رأى موقع الإذاعة الألمانية «دويتشه فيله»، أن الوعود القطرية باستثمار 10 مليارات يورو جديدة في ألمانيا تعوّضها عن تراجع تجارة برلين مع الإمارات والسعودية بسرعة، بسبب موقفها الرافض للأزمة الخليجية. وذكر الموقع الألماني، في تحليل له كتبه الدكتور إبراهيم محمد، أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، رافقتها ضجة في وسائل إعلام قطرية وألمانية بالحديث عن استثمارات قطرية جديدة ستُضخ في الاقتصاد الألماني بمبالغ كبيرة.
أشار الموقع إلى أن «الأمر وصل ببعضها إلى حد تصوير الوضع وكأن هذا الاقتصاد الذي يحتل المرتبة الرابعة عالمياً بناتج محلي يزيد على 4212 مليار دولار ينتظر هذه الاستثمارات بفارغ الصبر».
واستعرض «دويتشه» فيله» جانباً من تصريحات صاحب السمو خلال منتدى قطر-ألمانيا للأعمال والاستثمار، والتي قال فيها إن الدوحة ستضخ 10 مليارات يورو خلال السنوات الـ 5 المقبلة، وإن قطاع الطاقة القطري يوفر فرص تعاون كبيرة مع ألمانيا التي تُعدّ أكبر اقتصاد في أوروبا.
ولفت إلى أن حديث الأمير يأتي بالتزامن مع معلومات عن «عزم شركة (قطر للبترول) المساهمة في بناء مرفأ ألماني للغاز الطبيعي المسال. ألمانيا من جهتها، ترحّب بمشاريع كهذه في إطار سعيها لتنويع مصادر الطاقة»؛ الأمر الذي أكدته المستشارة ميركل على أهمية التعاون لتوريد الغاز القطري إلى السوق الألماني والأوروبي.
وقال موقع الإذاعة الألمانية إن قطر «أصبحت حالياً في مقدمة المستثمرين العرب في ألمانيا، رغم أن أقدم الاستثمارات العربية في الشركات الألمانية تعود إلى الكويت، التي تستثمر في أسهم شركة (مرسيدس) منذ سبعينيات القرن الماضي».
وحسب «دويتشه فيله»، يُقدّر حجم الاستثمارات القطرية في الشركات الألمانية بحدود 25 مليار يورو، أكثر من نصفها في شركة «فولكسفاجن» لصناعة السيارات، وحوالي ربعها في مصرف «دويتشه بنك».
وأكد الموقع أنه إذا قورنت قطر بدول عربية أغنى منها، في مقدمتها السعودية والإمارات، فإن الاستثمارات القطرية في ألمانيا أكبر بكثير من مثيلاتها من هذين البلدين.
وأوضح أنه «إذا كانت قطر في مقدمة المستثمرين، فإن حجم تبادلها التجاري مع ألمانيا لا يُقارن بمثليه بين ألمانيا من جهة وكل من الإمارات والسعودية من جهة؛ لأسباب عدة، في مقدمتها صغر السوق القطري».
وأشارت «دويتشه فيله» إلى أن ألمانيا تأثرت بالأزمة الخليجية بشكل واضح على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بسبب مواقف برلين التي فُسّرت بأنها «داعمة» لقطر في وجه السعودية والإمارات ومصر والبحرين. سياسياً، سحبت الرياض سفيرها من برلين، ولم يزر ولي العهد السعودي العاصمة الألمانية خلال جولته الأوروبية الأخيرة رغم قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وتتبادل العاصمتان من فترة لأخرى التصريحات التي ينتقد كل منهما الآخر حول قضايا عديدة، مثل حقوق الإنسان في السعودية، وصادرات السلاح الألمانية لصالح الرياض وعواصم خليجية أخرى.
على الصعيد الاقتصادي، تراجعت الصادرات الألمانية إلى السعودية بنسبة 45 % منذ عام 2015. أما الصادرات إلى الإمارات، فتراجعت بنسبة الربع خلال الفترة المذكورة. وهناك إجراءات سعودية لتقليص فرص استيراد منتجات ألمانية كالأدوية. وتخلت الإمارات عن استثمارات عديدة في ألمانيا، على رأسها شركة طيران «أير برلين» التي أفلست بعد سحب الإمارات دعمها لها.
ورأى الموقع الألماني أنه «في الوقت الذي تتراجع فيه الصادرات الألمانية إلى الإمارات والسعودية والتجارة معهما، فإن قطر تحاول تعزيز هذه العلاقات على الصعيدين السياسي والاقتصادي بزخم أقوى».
وأكد أنه بناء على ذلك، «يمكن قراءة زيارة أمير قطر الحالية -والثالثة إلى برلين في غضون أقل من سنة ونصف السنة- ووعوده باستثمار 10 مليارات جديدة في الاقتصاد الألماني مع أن العائد المتوقع منها منخفض المستوى مقارنة بمثيله في الدول الصاعدة، أن تحمل طابعاً سياسياً للتعويض عن جزء مهم من خسائر عدد من الشركات الألمانية في السوقين السعودي والإماراتي»، إضافة إلى نشاط شركات ألمانية منذ الأزمة الخليجية بشكل متزايد في قطر، وتشمل أنشطتها بناء وتجهيز مشاريع مونديال 2022، ومشاريع البنية التحتية وقطاع النقل، والشركات المتوسطة في مجال الصناعات الاستهلاكية المتنوعة.
ونقلت الإذاعة عن الخبير في الشؤون الألمانية عارف حجاج، قوله إن الاستثمارات الجديدة تعبّر عن تجانس في المصالح بين البلدين، مؤكداً أن المشاريع الجديدة ليست ناتجة عن «رومانسية» بين الطرفين، لكنها قائمة على المصالح المشتركة، وستعود عليهما بالمنفعة، خاصة أنها ستكون على بقاع الأراضي الألمانية كافة.
وختم الكاتب التحليل قائلاً إن الاستثمارات الضخمة في ألمانيا من قبل قطر هي بمنزلة «رد جميل» إلى برلين على موقفها الرافض لإجراءات دول الحصار ضد الدوحة.