وكالات – بزنس كلاس:
نشرت صحيفة “كوارتز” الإلكترونية في صفحتها المخصصة لكبار المفكرين المُعنونة “أفكار كوارتز”، أول امس مقالًا للرأي بعنوان “لدى دولة قطر خطة لتحقيق المساواة بين الجنسين في الشرق الأوسط، وقد أثبتت نجاحها”، بقلم سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.
واستهلت سعادة الشيخة هند مقالها بالتأثير الإيجابي الذي أحدثه الحراك الجماهيري المؤيد لتحسين أوضاع المرأة في التعليم والعمل، والذي شهده العالم خلال العام المنصرم، كحملتي “#أنا أيضًا”، و”تايمز أب”، معتبرةً أن هذا الحراك تحوّل من حراك جماهيري عابر إلى حراك قادر على إحداث التغيير نحو الأفضل في النُظم والمنظومات الثقافية المختلفة حول العالم.
وقالت سعادتها: إنّ النساء اللواتي شاركن في هاتين الحركتين شكلن جيلًا جديدًا من صنّاع التغيير في العالم لا يُحبّذ كلمة لا في سبيل التعبير عن أصواتهنّ التي وصلت أصداؤها إلى الشرق الأوسط”. وتابعت الصحيفة نقلًا عن سعادتها: “قد يتفاجأ بعض القرّاء من هذه السطور ويسألون أنفسهم إذا كان من الضرورة الخوض في هذا النوع من النقاشات؟ أوليسَ في العالم العربي ما يكفي من تحديات تُثنينا عن النقاش في هذا النوع من القضايا؟”.
وأضافت: بصفتي امرأة أتحمل مسؤولية الرئاسة التنفيذية لإحدى كبريات المؤسسات الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط، فأنا أدركُ ماهية هذه المسائل عن كثب. تمامًا كما أدركُ أنها ليست المرة الأولى التي تُضطر فيها شعوب المنطقة إلى التعامل مع مسألة التمثيل غير المتكافئ، وظروف العمل. وقد استحضرت حملة #أنا أيضًا إلى أذهاننا حراكًا أكثر هدوءًا وأقلّ سرعة شهدهُ مكان آخر في هذا العالم. وهذا المكان أُسميه بكل فخر وطني قطر”.
وانتقلت سعادة الشيخة هند في مقالها من تجربة الحراك المجتمعي الذي شهده العالم من أجل تمكين النساء إلى التجربة القطرية في هذا المجال، وقالت: “لقد انطلق الحراك التعليمي في قطر منذ ربع قرن استجابةً لعدد من التحديات التي يواجهها العالم الغربي اليوم. وقد تطلبت هذه الاستجابة استثمارات ضخمة في البنية التحتية المجتمعية والمادية أيضًا، وذلك في سبيل تمكين النساء والفتيات من قول “أنا أيضًا” بطريقتهنّ الخاصة، إذ طال الحراك من أجل التغيير في قطر منذ عقود المنظومة التعليمية وليس المنظومة الثقافية”.
وانطلاقًا من رؤية قيادات مؤسسة قطر الهادفة إلى إطلاق قدرات الإنسان، استعرضت الصحيفة من خلال مقال سعادة الشيخة هند تجربتها كنموذج للمرأة القطرية في إحداث التغيير الإيجابي في التعليم وقالت: “عندما أسست والدتي، صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع منذ أكثر من 20 عامًا، وجهت المؤسسة اهتمامها نحو تعليم الشباب والشابات، بدءًا من مرحلة الطفولة مرورًا ببلوغ سنّ الرشد وصولًا إلى اختيار المهنة التي يتطلعون إليها.
وكانت النتيجة نموذجًا رائدًا تمثل في دورة تعليمية متكاملة، عالية الجودة، إذ أصبح بإمكان الوالدين أن يعهدا بناتهما بأمان إلى مركز التعليم المبكر الذي يستقبلهنّ بعُمر الستّة أشهر، ليستكملنَ مسيراتهن التربوية ومن ثم يلتحقن بالحياة الجامعية في الحرم الجامعي للمدينة التعليمية أُسوة بالرجال”.
وتابعت الصحيفة في مقال سعادتها: “بعد مرور 23 عامًا، نحن اليوم نفتخر بأن النساء أصبحن يُشكّلن الأغلبية في مجتمع مؤسسة قطر التعليمي والبحثي، عبر 11 مدرسة، و9 جامعات، وعشرات المرافق البحثية، التابعة لمؤسسة قطر، علمًا أن هذه الأغلبية لم تُسجّل في الولايات المتحدة الأمريكية بهذا المجال”.
وعن العوامل المعززة لتمكين المجتمع المحليّ، قالت سعادة الشيخة في مقالها: “نحن نؤمن بأن التمييز على أساس الذكر أو الأنثى لا يعدّ عائقًا يُثنينا عن تطوير الذات. وفي مثال على ذلك، تبلغ نسبة الإناث اللواتي تخرجن من جامعة تكساس أي أند أم في قطر، تخصص الهندسة، نحو 50 في المائة من العدد الإجمالي للطلاب، ومقارنة بالحرم الجامعي الرئيسي للجامعة نفسها، فإن هذه النسبة تُجاوز الـ20 في المائة بنسبة طفيفة، وهذه النسبة بدورها تُمثل المعدل الوطني التقريبي لعدد النساء المهندسات في الولايات المتحدة الأمريكية كاملةً. أضف إلى ذلك، أن نسبة الإناث الملتحقات بجامعة كارنيجي ميلون في قطر وصلت إلى 63 في المائة وهي علامة فارقة، مقارنة بـ49 في المائة فقط في حرم الجامعة الرئيسي في بيتسبرغ”.
ومن ثم تطرقت سعادة الشيخة هند في مقالها إلى أهمية احترام الاختلاف بين الجنسين سعيًا نحو تحقيق المساواة، وقالت: “لا بدّ من الإشارة إلى أهمية التمييز بين مفهوم المطالبة بالمساواة وبين الادعاء بأن الرجال والنساء يتشابهان. بالطبع لم يكن من السهل على القطريات بلوغ هذه المرحلة لفترة طويلة من الزمن، في ظلّ تمسكنا بالقيم الثقافية وتلبية احتياجاتنا كأمهات، حيث كانت الكثير من النساء يترددن في الحديث عن متطلباتهنّ في ميادين العمل التي كانت تعدّ حكرًا على الذكور. ولهذا فإن الخلط بين ثقافة الإنسان وحقّه في التعبير عن آرائه ومتطلباته – هو ما عملنا جاهدين على مكافحته. فمن وجهة نظري لسنا في موضع الخيار بين الإرث والحق في التعبير عن أصواتنا لأنهما منفصلان تمامًا”.
وفي المقال، عرضت سعادة الشيخة هند، الفجوة التي يشهدها العالم بين الجنسين في مجال العمل بقطاع التكنولوجيا وقالت: “سجلت إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونيسكو، في دراسة أُجريت العام الماضي، أن 53 في المائة من اللواتي بدأن وظائفهن في قطاع الصناعات الثقيلة غادرن هذا الميدان في نهاية المطاف، وهو معدل أعلى مما تم تسجيله لدى الرجال بنسبة 20 في المائة. ولهذا السبب، عندما ركزنا جهودنا على منح الفتيات تعليمًا جيدًا، عملنا أيضًا على إعادة هيكلة معايير بيئة العمل حتى تتمكن الإناث من الاستمرار في الوظائف التي يخترنها”.
وفي نبذة عن السياسات الوظيفية التي تطبقها مؤسسة قطر في مجال تمكين المجتمع وتعزيز ثقافة الإبداع والابتكار، أوضحت سعادة الشيخة هند في مقالها المعايير المتقدمة التي تعتمدها مؤسسة قطر في هذا المجال، قائلةً: “على سبيل المثال تم تمديد إجازة الأمومة المدفوعة بالكامل في مؤسستنا من 7 أسابيع إلى 3 أشهر، وتم اعتماد نظام المرونة في ساعات العمل، مما يتيح للنساء والرجال الفرص ليكونوا منتجين ومبدعين، في موازاة تلبية احتياجاتهم العائلية وتعزيز التماسك الأُسري. وقد قمنا بتطبيق هذه التغيرات لأننا نتطلع إلى تعزيز المساواة، وفي الوقت نفسه ندرك أهمية الاختلاف بين الرجال والنساء، وأن نقاط القوة بيننا متنوعة وأن عائلاتنا تحتاجنا بطريقة مختلفة”.