ندوة”أزمة الخليج والإقليم”.. تعكس مشكلة عدم قبول الاختلاف

الدوحة – وكالات:

أكد المشاركون في ندوة “أزمة الخليج والإقليم” التي أقيمت أمس بفندق شيراتون الدوحة، أن الأزمة الخليجية شكلت ولادة جديدة لقطر وفتحت لها آفاقا جديدة لتكتشف نفسها وقدراتها، مشيرين إلى أن إجراءات دول الحصار لم تنجح في إخضاع قطر.

وقد نظمت الندوة جامعة قطر بالتعاون مع معهد بروكينجز- الدوحة بحضور رئيس الجامعة وعدد من المفكرين والمهتمين، وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة قطر، والجمهور المهتم بالقضايا السياسية.

وناقشت الندوة “أزمة الخليج والإقليم” وانعكاسات مقاطعة وحصار قطر على النظام الإقليمي وتأثيرها على العلاقات الإقليمية وعلى مستقبل أمن واستقرار المنطقة ونموها الاقتصادي والاجتماعي.

وتحدث في الندوة الدكتور شفيق الغبرا من جامعة الكويت حيث تناول موضوع “انعكاسات الأزمة على أمن واستقرار المنطقة”، وتناول الدكتور نايف بن نهار عضو هيئة التدريس بجامعة قطر “آثار الأزمة على النظام الإقليمي والعلاقات الإقليمية”.

أما الدكتور إبراهيم فريحات من معهد الدوحة فتناول “التبعات الأمنية للأزمة”. وتحدث الدكتور نادر قباني من معهد بروكينجز- الدوحة عن “التبعات الاقتصادية لأزمة الخليج على دول المنطقة”، وأدار الندوة الدكتور عبد الله باعبود من جامعة قطر.

* مشهد مؤلم وتماسك كبير

وقال الدكتور شفيق الغبرا إنه استيقظ فجر الخامس من يونيو 2017 على مشهد ذكره بالمشهد الذي سبق احتلال العراق للكويت في العام 1990. وتحدث عن الإجراءات التصعيدية غير المبررة التي اتخذتها دول الحصار مدعومة بتصريحات الرئيس الأمريكي التي سبقت الأزمة، وبفبركة واختراق لوكالة الأنباء القطرية وقطع للعلاقات وهجمة إعلامية شرسة، ولكن الموقف الكويتي الذي عبر عنه أمير الكويت وإعلانه في وقت مبكر الوساطة في الأزمة، والموقف القطري الحازم المتمثل في إدارة الأزمة بشكل متوازن، والحياد العماني الإيجابي، والموقف التركي الداعم لقطر من خلال موافقة البرلمان على نشر قوات تركية في قطر بأسرع وقت، وتسهيلات إيران في المجال الجوي والغذائي، كلها عوامل أربكت موقف دول الحصار وجعلتها تقف عند نقطة الصفر وتبحث عن ذرائع لتبرير تلك الإجراءات التصعيدية غير المسبوقة.

وأكد الدكتور الغبرا أن مشكلة دول المنطقة هي عدم قبول الاختلاف، وارتجال المواقف، فالملك سلمان كان قبل شهور في الدوحة، ونفس الدول كانت تسير في فلك واحد وتدعم نفس الأجندات وتخوض معا صراعات على أكثر من صعيد، وفجأة يحدث التحول الدراماتيكي بسبب القرارات الفردية وعدم قبول الاختلاف .

وقال إن الموقف الأمريكي الذي عبرت عنه مؤسسات عريقة مثل وزارة الخارجية والدفاع ساهم في إعادة البوصلة الأمريكية وخفف من قدرة دول الحصار على التأثير.

وتحدث عن الآثار السلبية على الإقليم ككل فبسبب هذه الأزمة دخل لاعبون جدد إلى المنطقة فدخل الأتراك والإيرانيون، والروس، وغيرهم من القوى التي لولم يختلف الأشقاء لما وجدت طريقا للدخول فيما بيننا.

واختتم حديثه بالتأكيد على أنه لا يمكن لدول الحصار أن تصفي مكونا عريقا وأساسيا في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج هو تيار الإخوان المسلمين، أو تغيير المسلمات المركونة لدى الوجدان العربي من قبيل شيطنة المقاومة والقول بأن حماس إرهابية فهذه الأمور يصعب تصديقها وتقلل من مصداقية تلك الدول وقدرتها على كسب الشارع لصفها في حين تكسب قطر يوما بعد يوم الجماهير العربية والرأي العام الدولي لصفها، حيث إنها أدارت الأزمة بتماسك كبير.

* آثار الأزمة على مجلس التعاون

من جهته تناول الدكتور نايف بن نهار آثار الأزمة على النظام الإقليمي والعلاقات الإقليمية، داعيا إلى إخراج الشعوب من الخلاف السياسي. وقال إن الموقف المتخاذل لمجلس التعاون هو السبب الأساسي لبروز هذه الأزمة فالمجلس الذي تأسس قبل 36 سنة لم يستطع أن يطور آلياته لحل الاختلاف بين أعضائه.

وقال إن مجلس التعاون يعاني من إشكالات حقيقية منها أنه لم يطور منظومة خاصة بحل الخلافات أو إطارا للأمن الإقليمي يحدد بموجبه أعداءه وأصدقاءه، فدول الحصار ترى جماعة مثل الإخوان المسلمين مهددة لأمنها في حين لاترى دولة قطر ذلك، ولم يتم التشاور معها لتحديد معايير اعتماد الأصدقاء والأعداء..

والمحدد الثالث الذي تحدث عنه الدكتور نايف هو موضوع تدويل الأزمة الخليجية وإخراجها من البيت الخليجي، وهو موقف خسرت منه المملكة العربية السعودية الشيء الكثير وأظهرها بمظهر ضعف ظلت تداريه لعقود في حين أظهر قطر كدولة مستقلة في قرارها تمتلك سيادتها وتختار أعداءها وأصدقاءها بكل حرية بعيدا عن الوصاية السعودية، والخطأ الآخر الذي كان أحد تأثيرات الأزمة من وجهة نظر الدكتور نايف هو أن دول الحصار حاصرت الشعب القطري ولم تترك الموضوع في إطار سياسي بل نزلت به إلى الأواصر الشعبية وهو ما يعني أن التأثير للأزمة أصبح بعيد الأثر في نفوس الشعوب الخليجية والشعب القطري خاصة، حيث إن فقدان الشعوب الثقة في بعضها البعض يصعب استعادتها بعد ذلك.

وقد قدم للندوة الدكتور عبد الله باعبود من جامعة قطر بكلمة أوضح فيها أهمية هذه الندوة والموضوعات التي ستطرحها لمعرفة مآلات الأزمة وتداعياتها المستقبلية وحدود تطورها، مؤكدا أنها أزمة غير مسبوقة في الإقليم، مما يعني أهمية تتبعها والوصول إلى آراء هامة بشأنها تساعد الرأي العام على معرفة تداعياتها المستقبلية .

د. إبراهيم فريحات: الولايات المتحدة لم تعد الوحيدة المؤثرة في الخليج

تطرق الدكتور إبراهيم فريحات إلى التداعيات الأمنية لأزمة الخليج محددا لها في خمس نقاط رئيسية، أهمها أن اللاعب الأمريكي الذي كان هو اللاعب الرئيسي المحدد للمنظومة الأمنية الخليجية قد تغير بفعل لاعبين جدد تسببت في قدومهم الأزمة مثل اللاعب التركي، والإيراني، والروسي، وربما المصري، والإسرائيلي إن صحت الاتصالات السعودية الإسرائيلية.

والعنصر الثاني ظهور مفهوم جديد للأمن الوطني بمعزل عن الأمن الخليجي لأنه ولأول مرة يتم بين دول الخليج الحديث عن احتمالية عمل عسكري ضد دولة عضو في المجلس، والأمر الآخر لتداعيات هذه الأزمة هو تشتت جهود دول المجلس وخسارتها جبهات عدة كانت تقاتل فيها معا مثل الجبهة السورية ضد نظام بشار والحرب في اليمن، وغير ذلك من الأمور التي سيتم فيها المزيد من الخسائر بفعل هذا الحصار وهذه الاختلافات.

د. نادر قباني: قطر قادرة على التخفيف من حدة الحصار

تحدث الدكتور الدكتور نادر قباني من معهد بروكينجز الدوحة عن التبعات الاقتصادية لأزمة الخليج، مؤكدا أن دول الإقليم كانت تعاني أصلا من أزمة حادة منذ العام 2013 بفعل الأسعار المتدنية للنفط، والانكماش العالمي بحيث كانت المؤسسات الدولية غير متفائلة بمستقبل الاقتصاد الخليجي، ولاشك أن هذه الأزمة فاقمته كثيرا، وتسببت في خسارة الكثير من الشركات الخليجية بفعل الحصار، ولكن قطر قادرة على التخفيف من حدة هذا الحصار بفعل الصندوق السيادي القطري الذي يمتلك احتياطات ضخمة، مكنت قطر من الحفاظ على عملتها بمعزل عن التأثيرات، كما إن البورصة القطرية تكيفت مع الوضع، وساهمت أسعار الغاز واحتياطات قطر الضخمة منه في ذلك .

السابق
بحمولة تصل 18 ألف طن.. “ملاحة” تستأجر سفينتين لخدمة خط كراتشي السريع
التالي
السعودية على صفيح ساخن: قنبلة البطالة تهدد بانفجار اجتماعي