أكد الدكتور محسن العنسي، مدير مركز الدراسات البيئية بجامعة قطر، أهمية المنتج الوطني لتحقيق الإكتفاء الذاتي، ليس على مستوى الإنتاج الغذائي فحسب، بل على كافة مستويات الأمن الغذائي بما فيه الثروة الحيوانية والسمكية، مضيفا أن الأزمة الراهنة، يصدق عليها القول: رب ضارة نافعة، فقد فرض الحصار والمقاطعة على قطر في ذروة الإستهلاك الذي يكون في شهر رمضان المبارك، لتلبية طلبات واحتياجات هذا الشهر الكريم.
وفي وقت يعتاد فيه المستهلكون على واردات دول الجوار لتأمين الاحتياجات العائلية، خاصة فيما يتعلق بالمتطلبات اليومية كالألبان الطازجة والفواكه واللحوم، إلا أن الدولة بتوفيق من الله ثم بجهود قيادتها الرشيدة، تمكنت وبسرعة خيالية فاجأت الجميع بتعويض النقص في الواردات بمنتجات ذات جودة أعلى وأسعار تنافسية.
وتأكد للجميع أهمية وفائدة التخطيط الإستراتيجي الذي كانت تعمل عليه الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال مبادرات دعم المنتج الوطني، وتشجيع المستثمر القطري لتعظيم الاستفادة من مشاريع الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية التي حبا الله بها بلدنا الحبيب، وتعمل حكومتنا جاهدة على استغلالها الاستغلال الأمثل، بدعم حكومي واضح من خلال المشاريع الكبرى التي تنفذها وزارات البلدية والبيئة والاقتصاد والتجارة والطاقة والصناعة، ومن خلال مشاريع القطاع الخاص داخل الدولة وفي الخارج.
وأضاف الدكتور العنسي أن قطر تمتلك القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة كبيرة من خلال سواعد أبنائها ودعم الدولة لمواطنيها، وينوه الدكتور العمسي في هذا الصدد بالمشروع الكبير الذي يجري تنفيذه للاستزراع السمكي، والذي سيوفر أكثر من 1000 طن للسوق المحلي بما فيه سمك الروبيان، وسيستفيد هذا المشروع من حالة الوفرة والعطاء التي يوفرها السوق المحلي لترويج هذا المنتج الوطني مما سيزيد الإقبال عليه، وهذا المشروع سيكفي قطر في القريب العاجل من حيث الاحتياجات السمكية، وسيشكل نقلة نوعية في دعم المنتج الوطني.
ويشير الدكتور العنسي إلى أن الحديث عن دعم المنتج الوطني، لا يقتصر على الإنتاج النباتي أو الغذائي أو السلع الأساسية، بل يتعدى ذلك إلى الاهتمام بالثروة الحيوانية، فالحديث عن المنتج الوطني يعني الحديث عن منتج وطني شامل ومتكامل، خاصة أننا الآن تجاوزنا صدمة الحصار والمقاطعة التي كانت مفاجئة ومحزنة للجميع، حيث نتساءل كيف يجرؤ الأخ على منع أخيه من خدمات الحياة الأساسية ولأسباب واهية، نحن نعلم أنهم هم أنفسهم لا يصدقونها، ونحن نتلقى رسائل تضامن وتأييد من مواطنين في هذه الدول تستنكر هذه التصرفات.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور العنسي إن مسألة الأمن الغذائي أصبحت الآن سياسة وطنية تأخذ مسارها إلى التنفيذ، وقد كانت مقوماتها متوفرة، إلا أن الدولة وبحكم إيمانها واقتناعها بأهمية التكامل الخليجي، ودعم مشاريعه الاقتصادية وتشجيع السوق الخليجية المشتركة، كانت تغض الطرف عن العديد من الأمور، وتشجع المنتج الخليجي بشكل عام.
ولأن لديها القوة الشرائية لدعم ذلك بفضل الله، أما اليوم فالرؤية أصبحت واضحة والإستراتيجية معلنة وهي تشجيع ودعم الاكتفاء الذاتي من خلال دعم المنتج الوطني وإقامة شراكات إستراتيجية تعزز مصادر الواردات وتدعمها لإقامة شبكة أمن غذائي تتجاوز المفهوم الضيق للتعاون الاقتصادي إلى المفهوم الأوسع للشراكات الإستراتيجية.
ويضيف الدكتور العنسي: انطلاقا من واقع الأزمة التي فرضت علينا. نحن متفائلون جدا، فدولتنا وقيادتنا أدارت الأزمة بحكمة واحترافية دبلوماسية، وفي الوقت نفسه الشعب لم يحس -بحمد الله- بأي شيء من تداعيات هذه الأزمة، بل بالعكس نرى تنوعا في المنتجات داخل الأسواق، وجودة أعلى من حيث الخيارات والبدائل، وفي النهائية ستزول الأزمة بإذن الله، ونخرج منها بالدرس المستفاد في التخطيط للأمن الغذائي، وهو الهدف الذي تضعه قطر ضمن رؤيتها الوطنية 2030 وكل الشواهد تدل على النجاح فيه والسير إلى تحقيقه وفقا لما هو مبرمج ومدروس بإذن الله.