بزنس كلاس:
مع اقتراب موسم الحج، ترنو أفئدة وعيون القطريون تجاه المشاعر المقدسة وهم يستغفرون ربهم مرددين “حسبنا الله ونعم الوكيل” نتيجة حرمان حكام السعودية لهم من أداء موسم الحج للعام الثاني على التوالي بعد وضع كل أنواع العراقيل بوجههم من أجل منعهم من تأدية واجب مقدس وأحد أركان الدين الإسلامي الحنيف الخمسة.
الرياض لم تترك شيئاً لم تفعله حتى تحرم القطريين وأبناء 8 جنسيات أخرى من الحج والوصول إلى الأماكن المقدسة لتناقض أولاً أهم وظيفة قامت هذه السلطة من أجلها وهي تسهيل وتأمين وصول حجاج بيت الله الحرام إلى المشاعر المقدسة بأمان وتقديم كل ما يلزمهم لتأدية هذا الواجب لأن في هذه الوظيفة بُعد أخلاقي وفضيلة وجزاء من الله عز وجلّ بغض النظر عن مليارات الدولارات التي تذهب إلى جيوب آل سعود بسبب موسم الحج بعد أن قاموا بتحويله إلى نوع من التجارة أكثر مما هو طقس ديني مقدس.
لكن آل سعود لم يكتفوا بتحويل موسم الحج إلى موسم “تجارة اقتصادية” وهو أمر واقعي ومقبول بالمعايير المادية للأشياء، إلا أنهم حولوا الأمر وبمرور الوقت إلى “متاجرة سياسية” ليبدأوا فصول ابتزاز أي دولة في العالم على خلاف سياسي معهم ويعاقبوها من خلال حجاجها. كما يستخدمون نفس الطريقة ليبتزوا دولاً أخرى ويضغطوا عليها من باب الحج لتتخذ مواقف سياسية مغايرة لرغبات شعوبها ومصالحها كما حدث ويحدث مع أكثر من دولة أفريقية حتى يومنا هذا.
ربما من سوء حظ المسلمين أن المشاعر المقدسة موجودة في الراضي التي تقع ضمن سلطة آل سعود، لأن المشكة مع السعودية أنها تدير موسم الحج وكل ما يتعلق بهذا الأمر الروحاني بعقلية انتقامية فيها كثير من الشخصنة وروح الحقد، بينما من المفروض أن تكون إدارة الأماكن المقدسة بالأصل إدارة دولية محايدة لا علاقة لها بسياسات الدولة التي توجد تلك الأماكن المقدسة على أراضيها، كما في حالة الفاتيكان على سبيل المثال.
لو افترضنا جدلاً بأن الأماكن الإسلامية المقدسة موجودة في أمريكا الشمالية وفي كندا تحديداً، هل سقبل العالم أو يسامح السلطات الكندية على منع حجاج السعودية من أداء الفريضة المقدسة. وهل بالأصل ستقوم سلطات كندا بمنع حجاج السعودية من الحج. هل كانت قطر لتفعل بالحجاج السعوديين مع تفعله حكومتهم مع القطريين.
السعودية تضيف حجاج كندا على قائمة “المحرومين” أو “المطرودين من رحمة الله” لأن حكومة كندا طالبت الرياض بأن تخاف الله بمواطنيها وألا تعتقل وتنكل بأي شخص يعتبره ابن سلمان معارضاً. المعارضة في السعودية وفق حسابات آل سعود تعتبر ضرباً من “الحرام” الذي يجب اجتثاثه من جذوره. و”الحرام الأكبر” أن تتجرأ دولة ما على انتقاد قمع الرياض الوحشي للمعارضة فيمات يتغنى طبول إعلامها بمبدأ “الراي والرأي الآخر” وطبعاً الرأي الآخر مسموح لكن خلف القضبان أو في قبر مجهول. المهم الرياض منعت حجاج كندا لتعاقب حكومة أوتاوا على انتقاد سياسات الرياض وهذا “حرام” في عرف آل سعود، لكن ليس “حراماً” أن تقوم دولة أخرى بسب الرسول عليه الصلاة والسلام كما حدث في حالة الدنمارك. هذا الأمر في قانون آل سعود ليس حراماً وبالتالي فإن عقوبة الدنمارك أن تمنع الرياض تداول “زبدة لورباك” لفترة محدودة في أسواقها كعقاب “صارم” ضد تطاول كوبنهاغن على شخص الرسوم الكريم ص.
لقد حملت الدوحة لقباً عزيزاً وغالياً على قلوب كل القطريين والمسلمين عندما سموها “كعبة المضيوم” لكن هل خطر ببال آل سعود لماذا سميت الدوحة بهذا الاسم. الدوحة حملت هذا اللقب لأنها ببساطة تمثل الإسلام كما يجب أن يكون في سمو وتسامحه وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولو تمتعت الرياض وساستها بأخلاق أهل الدوحة لما فكر أحد بأن يطلق هذا اللقب على قطر وأهلها لأن من يجدر بهم أن يكونوا المدافعين عن الحق والدين وسماحة الإسلام هم أولئك الذين عينوا أنفسهم حماة للدين ورعاة لحجاج بيت الله الحرام. لكن عمى السلطة وصوت الطغيان حولوا آل سعود إلى مجموعة حاقدة من الأشخاص تعتبر أن النقد مهما كان نوعه وشدته، إعلان حرب، فيسارعون إلى تلك الحرب لا ليؤدوها بأدواتهم وعلى حسابهم بل باستخدام ما ليس من حقهم في سلب حقوق الناس، باستخدام ما لله من مشاعر مقدسة وقدسية لفريضة الحج في سلب حقوق المسلمين من زيارة بيت الله وليس بيت آل سعود! هذا أمر لو عقل آل سعود فيه لكانت الرياض حملت لقب “روضة المضيوم” لكنها ومنذ أن دمر رب العالمين الدرعية بأيد مصرية تحولت الرياض من روضة المضيوم إلى عاصمة الظالم الذي يتحدى إرادة رب العالمين ويمنع عبيده من الحج إلى بيته المقدس!عندما هاجم أبرهة الحبسي الكعبة الشريفة محاولاً هدمها، قالت العرب بأن للكعبة رب يحميها وقد حماها رب العالمين بطيوره الأبابيل، وكما حمى رب العالمين الكعبة سحمي المسلمين ويرفع الضيم عنهم ولسوف ييسر ربك أمراً كان عسيرا.
الدوحة يا آل سعود حملت لقب كعبة المضيوم لأنها تحمي كل مظلوم خصوصاً من تظلموهم أنتم وما أكثر هؤلاء. وليس في كعبة المضيوم من يمكن أن تشتريه “صحيفة عكاظ” فهنا الوطن غال وعزيز ولا يُباع. عندما يدعو آل سعود عبر بوق “عكاظ” القطريين إلى الحج عبر تخريب بلادهم يجب أن يستحوا من الحديث عن الحلال والحرام .. أليس أكبر حرام على المسلم أن يدعو مسلم ليقتل أخيه المسلم ويجعل هذا الأمر شرطاً لكي يسمح له بأن يحج إلى بيت الله الحرام!!
إنه بيت الله يا آل سعود وليس بيتكم لترحبوا بالقادمين إليه أو تمنعوهم عنه، تشترطون عليهم أن يثوروا على أولياء الأمر لتسمحوا لهم بزيارته.. إنه بيت الله كان وسيبقى.. هو بقي وذهبت دول كثيرة مرت على رمال الجزيرة العربية واندثرت إلا دولة الإسلام فهي باقية ما بقي الإيمان بالله وملائكته ورسله.