ديربورن، بولاية ميتشغان بالولايات المتحدة، أصبح مواطنو هذه المدينة نشطين ليلاً خلال شهر رمضان. في المدينة الأعلى تركيزاً للأميركيين العرب بالولايات المتحدة، يمكن الشعور بالشهر الإسلامي الفضيل في كل مكان.
تزداد حركة المرور ليلاً، بينما تكون الشوارع شاغرة خلال فترة الإفطار. المخابز مفتوحة 24 ساعة لمدة 7 أيام في الأسبوع، وساعات الذروة بالمقاهي تأتي بعد منتصف الليل، والمنازل مزينة احتفالاً بهذه المناسبة.
يُمثل رمضان في هذه المدينة فرصة لإظهار الجانب “اللطيف” من الإيمان.. يظهر ذلك جلياً في الأنشطة الخيرية والتجمعات والحلويات اللذيذة والفرحة العارمة بالمجتمع، حسبما يقول المسلمون المحليون.
وتجتذب الاحتفالات الرمضانية غير المسلمين، من المفتونبن بأعياد جيرانهم، إلى درجة أن بعضهم يمتنعون عن الأكل والشرب خلال النهار ليعيشوا التجربة بشكل كامل.
تقول نورهان مطر، التي تقوم بتنسيق جولات طعام هيا للأكل Yallah Eat للمتحف العربي الأميركي الوطني، إن جداول مواعيد المطاعم في ديربورن تتغير خلال شهر رمضان.
وتشير مطر لـ”ميدل إيست آي” قائلة: “الأمر المثير للاهتمام هو أن هناك ركوداً عندما يتعلق الأمر بالمطاعم خلال شهر رمضان، ولكنه موسم مزدحم للمخابز”. وتابعت: “هذه المحال تفتح طوال الليل؛ لأن المجتمع العربي يقدر السلع الطازجة بشكل كبير جداً”.
وتُضيف مطر أن بعض المطاعم تختار أن تفتح أبوابها متأخراً عن المعتاد، ليس فقط بسبب تناقص عدد الرواد خلال النهار، وإنما أيضاً للتحضر لتدفق العملاء في المساء.
يتم تنظيم برنامج في 20 يونيو /حزيران به جزء إعلامي وسهرة عشاء/أو إفطار رمضاني؛ لإعطاء الناس فكرة عن معنى هذا الشهر الكريم.
في مخبز ياسمين الجديد، واحد من أقدم المخابز الشرق أوسطية بديربورن، يمتلىء موقف للسيارات بعد منتصف الليل وقتما يتوجه الناس إلى السحور، قبل أذان الفجر.
المناقيش والجبن وفطائر الزعتر، وغيرها من المعجنات الغنية بالكربوهيدرات تعد من الوجبات الشعبية خلال السحور. ومع ذلك، الموشتا -رغيف طويل ورقيق من الخبز- هو وجبة رمضان الخاصة.
وفقاً لمدير المخابز الجديد طارق سبليني، فالسحلب -مشروب من الحليب المخفوق المحلى والمُقدم مع مسحوق القرفة- هو أيضاً بند لا يمكن الاستغناء عنه في السحور.
ويقول سيبليني لـ”ميدل إيست آي”: “يأتي بعض الناس لتناول السحور هنا ثم يذهبون مباشرة إلى العمل”. ثم تابع: “يُشعرك رمضان في ديربورن وكأنك تعيش في بلادك، حيث الحركة لا تتوقف طوال الليل”.
أشادت سوزان دباجا، رئيس مجلس مدينة ديربورن، بجو المدينة خلال شهر رمضان.
وقالت داباجا إن مجلس المدينة قد مد ساعات عمل صالات النرجيلة التي يُطلب عادةً إغلاقها في الساعة الثانية صباحاً لاستيعاب السكان المسلمين الذين يرغبون في الخروج وممارسة حياتهم الاجتماعية خلال السحور.
كما أكدت أيضاً أن السكان غير المسلمين يبدون الفضول والاحترام لتقاليد رمضان.
وأضافت أن ثقافة القبول في المدينة حول شهر رمضان “مثيرة للارتياح” على الرغم من الأنباء عن الإسلاموفوبيا والتعصب في أماكن أخرى.
خلود داباجا، صاحبة فرع مقهى بيجي، تُقيم “ليالي رمضان” كل يوم جمعة، وتقدم رسم الحناء المعتمدة على القهوة وبعض المشروبات.
كما تدعو شاحنة الطعام وشاحنة الآيس كريم للعمل أمام مكانها. المقهى -الذي يغلق عادة في الساعة 9:00 مساءً- تمتد ساعات عمله حتى الواحدة صباحاً خلال شهر رمضان.
وقالت داباجا لـ”ميدل إيست آي” إن غير المسلمين قد يكون لديهن صورة سلبية معينة عن الإسلام، ولكن عندما يرون كم هم “لطفاء” في ممارسة إيمانهم، فإن تصورهم هذا يتغير.
الطعام
سكاي لاونج، هي واحدة من مقاهي الشيشة العديدة التي استفادت استفادة كاملة من الساعات الممتدة. تملأ رائحة التبغ ذات النكهة، وألحان موسيقى البوب العربية، والرواد الشباب، فناء المكان بعد منتصف الليل.
يبقى المقهى حياً حتى شروق الشمس، حسبما قال المدير علي فواز لـ”ميدل إيست آي”.
“الجو العام جميل”، كما قال فواز متحدثاً عن رمضان، “لدينا عملاء من مختلف البلدان. حتى إن هناك أشخاصاً من خارج الولاية يأتون إلى هنا… ونحن نحاول التأكد من توفير مناخ يشعر فيه الناس كأنهم في أوطانهم”.
مخبز شاتيلا -متجر مميز على مستوى البلد بأكمله بسبب تقديمه البقلاوة والآيس كريم- وجهة مميزة للذهاب إليه لتناول الحلويات بعد الإفطار. خلال شهر رمضان، تنفذ شاتيلا نظاماً يتم فيه النداء على العملاء من خلال الأرقام للتعامل مع العدد الكبير.
القطائف -وهي عجينة تشبه الفطائر مليئة بالكريمة أو المكسرات، مقلية ومغطاة بالعسل- واحدة من الحلويات الرمضانية الأكثر انتشاراً.
يقدم المخبز أيضاً معجنات الجولّاش خلال شهر رمضان فقط، والتي تتكون من عجينة مستطيلة مليئة بالكريمة الحلوة والمقلية.
تقول ندى شاتيلا -شريك في المخبز الذي أسسه والدها الراحل- عن رمضان: “لقد كان دائماً جزءاً كبيراً من حياتنا”. وتابعت: “كنا نعيش طوال اليوم هنا في المخبز بينما كان والدانا يعملان في الخلف، يُعدان الجولاش والقطائف”.
وأضافت شاتيلا أن تقاليد رمضان أصبحت أكثر بروزاً في ديربورن على مر السنين مع نمو المجتمع الإسلامي.
كما تقوم الجمعيات الخيرية المحلية بزيادة أنشطتها خلال الشهر.
تشارك نجاح بازي -والذي يدير شركة زمان الدولية غير الهادفة للربح- مع الشركات المحلية لتقديم الأغذية الساخنة للمحتاجين ضمن مبادرات أخرى. وقالت مع شعورها بزيادة روح العطاء، إن منظمتها لا تحتاج إلى سؤال التبرعات في شهر رمضان.
وأضافت “يتعهد الناس ويتبرعون بالآلاف من الدولارات، وقد زادت المنح الخيرية. الناس يسألوننا: “ماذا يمكنني أن أفعل؟”، حسبما قالت.