الدوحة – بزنس كلاس:
تعتزم قطر ممثلة بوزارة الاقتصاد والتجارة رفع دعوى قضائية جديدة لدى جهاز تسوية النزاعات التابع لمنظمة التجارة العالمية ضدّ انتهاكات المملكة العربية السعودية لحقوق الملكية الفكرية العائدة لمواطنين قطريين وهيئات قطرية.
الدعوى القضائية ضد السعودية هي الثانية من نوعها تتقدم بها دولة قطر أمام جهاز تسوية النزاعات التابع لمنظمة التجارة العالمية ضد دول الحصار بما يعتبره خبراء تأكيدا على قوة الموقف القانوني الذي تتمتع به قطر إزاء الانتهاكات التجارية التي تعرضت لها منذ بداية فرض الحصار يونيو من العام 2017.
الشكوى الأولى التي قدمتها قطر لدى منظمة التجارة العالمية ضد دول الحصار الثلاث (السعودية والإمارات والبحرين) أغسطس من العام 2017 وذلك بخصوص المحاولات القسرية التي قامت بها دول الحصار لعزلها اقتصاديا، ووضع العراقيل أمام تجارة السلع والخدمات ومخالفة حقوق الملكية الفكرية.
وتتضمن الشكوى الثانية التي ستتقدم بها قطر لدى منظمة التجارة العالمية انتهاكات السعودية لحقوق الملكية الفكرية إذ ركزت الدعوى على منع شبكة مجموعة بي إن سبورت من بث محتواها في المملكة، مما جعل شبكة قرصنة تحمل اسم «بي أوت كيو» beoutQ«، على البث غير القانوني للمحتوى الإعلامي الخاص بشبكة مجموعة بي إن سبورت في المملكة العربية السعودية إضافة إلى بيع اشتراكات الشبكة المقرصنة وأجهزة فك التشفير في العديد من منافذ البيع في جميع أنحاء المملكة.
وبحسب بيان صحفي صادر عن الوزارة امس فإن مكتب دولة قطر لدى منظمة التجارة العالمية في جنيف ووفقاً للمادّة الرابعة من التفاهم المعني بتسوية النزاعات في المنظمة بصدد تقديم طلب المشاورات الرسمية والذي تضمن جميع المخالفات التي ارتكبتها المملكة العربية السعودية بحق دولة قطر وفقاً لاتفاقية منظمة التجارة العالمية المعنية بجوانب الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة (اتفاق تريبس) واتفاقية برن بشأن حماية المصنفات الأدبية والفنية.
وخلافا لكافة التزاماتها بقواعد منظمة التجارة العالمية، وبالأخص الاتفاقية المعنية بجوانب الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة (اتفاق تريبس)، رفضت المملكة العربية السعودية اتخاذ أية خطوات جادة ضد الشبكة المقرصنة “بي أوت كيو” وعمدت إلى عرقلة جهود مجموعة بي إن سبورت، لاتخاذ إجراءات قانونية لدى المحاكم السعودية.
واستنكرت السعودية مطالبة شبكة بي ان سبورت بالتحقيق في عمليات البث غير القانونية من قِبل الشركة المقرصنة ومنعها من مواصلة انتهاكاتها. وفي المقابل، سعت المملكة العربية السعودية إلى تشجيع بث المحتوى المقرصن من قبل “بي أوت كيو” في الأماكن العامة.
وأكد سعادة الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني، وزير الاقتصاد والتجارة أنّ ما أقدمت عليه المملكة العربية السعودية بمنع المواطنين القطريين والهيئات القطرية من ممارسة أبسط حقوقهم أمام سلطات إنفاذ القانون في المملكة لحماية ملكياتهم الفكرية والدفاع عنها، يعدّ انتهاكاً صارخاً لالتزاماتها الدولية والأخلاقية.
وأضاف سعادته أن هذه الانتهاكات تعكس فشل المملكة العربية السعودية في الالتزام بواجباتها وتعهداتها في حماية حقوق النشر والتأليف وحقوق البث الإذاعي والتلفزيوني وكذلك حقوق العلامات التجارية وغيرها.. مشيرا الى ان ذلك تسبب في خسائر تجارية مهمّة للمواطنين والهيئات القطرية.
اتفاق تريبس
ويأتي بث محتوى القناة خلافا لكافة التزاماتها بقواعد منظمة التجارة العالمية، وبالأخص الاتفاقية المعنية بجوانب الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة – اتفاق تريبس – إذ يتطلب الاتفاق من أعضاء منظمة التجارة العالمية توفير حقوق المؤلف، والتي تغطي منتجي المحتوى بما في ذلك الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة، والمؤشرات الجغرافية، بما في ذلك تسميات المنشأة، والتصاميم الصناعية؛ لدائرة تخطيط والتصاميم المتكاملة؛ لبراءات الاختراع؛ الأصناف النباتية الجديدة؛ العلامات التجارية؛ والمعلومات الغير مفصح عنها أو سرية. تريبس يحدد أيضا إجراءات الإنفاذ، والعلاجات، وإجراءات تسوية المنازعات. يجب حماية وإنفاذ حقوق الملكية الفكرية عن تلبية الأهداف التي تساهم في تعزيز الابتكار التكنولوجي ونقل وتعميم التكنولوجيا، بما يحقق المنفعة المشتركة لمنتجي ومستخدمي المعارف التكنولوجية وبطريقة تؤدي إلى الرفاه الاجتماعي والاقتصادي، والتوازن بين الحقوق والواجبات.
التعويضات
وتنص المادة الرابعة عشر من الاتفاق على “يحق منع تسجيل الأداء الصوتي وعمل نسخ من هذه التسجيلات كما يحق منع الأفعال التالية بدون ترخيص، بث الأداء الحي على الهواء المباشر بالوسائل اللاسلكية ونقله للجمهور”.
بحسب المادة 42 من الاتفاق فان للمدعى عليهم الحق في تلقي إخطار مكتوب في الوقت المناسب بما في ذلك الأساس الذي تستند عليه المطالبات ويسمح للأطراف المتخاصمة بأن يمثلها محامون ويعطى الحق في إثبات مطالباتها وتقديم كافة الأدلة المتمثلة في القضية.
وتنص المادة 45 انه يحق للسلطات القضائية صلاحية أن تأمر المعتدي بان يدفع لصاحب الحق تعويضات مناسبة عن الضرر الذي لحق به بسبب التعدي على حقه في الملكية الفكرية.
الموقف القانوني
وأكد خبراء أن لجوء دولة قطر للمرة الثانية على التوالي لرفع قضايا قانونية بحق دول الحصار أمام منظمة التجارة الدولية تأكيد على قوة الموقف القانوني الذي تستند عليه قطر ضد الانتهاكات التي مارستها دول الحصار ضد قطر منذ اكثر من عام، لافتين إلى ان دول الحصار منذ بداية اتخاذها إجراءات تعسفية لم تراع القضايا القانونية مما جعل موقفها ضعيفا وغير قادرة على الدفاع عن نفسها.
وبينوا أن قضية الملكية الفكرية التي رفعتها قطر ضد السعودية تستند إلى حقائق واضحة ومستندات لا تخفى على احد إذ كان استنكار من الفيفا أثناء بث المباريات الحصرية لقناة بي أن سبورت، لافتين إلى أن القضية ستتجه إلى فرض تعويض مناسب على السعودية نتيجة الخسائر التي لحقت بالقناة جراء البث غير القانوني.
موقف قوي
وأكد الدكتور رجب الاسماعيل الخبير الاقتصادي والأكاديمي في جامعة قطر أن الانتهاكات التي تمت بحق دولة قطر منذ بداية الحصار لا تستند إلى قانون أو مخرج قانوني مما يجعل موقف دولة قطر أمام المنظمات الدولية قويا ويصب في صالحها ومنها منظمة التجارة العالمية، مشيرا إلى أن دولة قطر لم تنتهك أي قانون أو اتفاق بينها وبين دول الحصار مما يجعل الكرة في ملعبها والتقاضي في صالحها.
وبين في حديثه لـ “لوسيل” أن انتهاك السعودية وقناتها المزعومة لحصرية بث المباريات ضمن كأس العالم واضح ولا مجال للشك فيه مما يجعل موقف قطر وقناة بي أن سبوت الأقوى في مواجهة السعودية، مشيرا إلى أن اتفاق تريبس يقضي بفرض غرامات وتعويضات لصاحب الحق من المعتدي حسب الخسائر التي لحقت به جراء انتهاك الملكية الفكرية.
وأكد أن الشكوى التي تقدمت بها دول الحصار لمنظمة التجارة العالمية تقع على عاتق هيئة تسوية المنازعات التجارية والتي تتألف من جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية، مشيرا إلى أنها السلطة الوحيدة لإنشاء “فرق التحكيم” والتي تضم عددا من الخبراء للنظر في القضية، من حيث القبول أو الرفض ويأتي بعد ذلك دور الهيئة وهي التي تراقب تنفيذ القرارات والتوصيات.
وبين أن عدم اتخاذ إجراءات قانونية رادعة للسعودية على قضايا سرقة البث الحصري هو ضرر واضح للفيفا التي ستعاني مستقبلا من بيع حصرية البث الذي تم اختراقه دون أدنى مسؤولية، لافتا إلى أن حقوق البث تباع بالملايين ولا تعتبر احتكار كما يروج البعض وإنما هي استثمارات قانونية.