الدوحة – بزنس كلاس:
من مبدأ رب كل ضارة نافعة، دفع الحصار الجائر الذي حاولت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين فرضه على قطر خصوصاً لجهة قطع إمدادات المواد الغذائية منذ اللحظة الأولى لذلك الحصار، دفع رجال الأعمال القطريين للاندفاع فوراً إلى تسريع وتيرة العمل بالتعاون مع الأجهزة المعنية بالدولة وعلى رأسها غرفة قطر لإنجاز مشاريع تحقق الاكتفاء الغذائي الذاتي لدولة قطر. فقد أكد رجال أعمال أن الإجراءات التي اتخذتها الدولة في مواجهة الحصار منذ أول أيامه قد أسست لتفادي الآثار السلبية التي كانت تطمح إليها الدول المحاصرة، مشيرين إلى أن تماسك الشعب القطري ووقوفه خلف القيادة الرشيدة، بالإضافة إلى قدرة المسؤولين على تحمل المسؤولية، قد ساهمت في تجاوز الأضرار التي كانت من المحتمل أن تنتج عن هذا الحصار الجائر.
ولفت هؤلاء، في حديث مع «العرب» إلى أن الحصار كان له عظيم الأثر في تكريس مفهوم الاعتماد على النفس، بدلاً من الدول المجاورة، والتي لم يكن متوقعاً منها مثل هذه الإجراءات، موضحين أن فوائد الأزمة تمثلت في زيادة الوعي بأهمية توفير الأمن الغذائي، وتسارع الخطوات نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الصناعة الوطنية.
وشدد رجال الأعمال على أن مشاريع البنية التحتية وتلك المتعلقة بمونديال 2022، لم ولن تتأثر بالحصار المفروض على قطر بأي شكل من الأشكال، لافتين إلى استمرار وتيرة الأعمال على قدم وساق، مستشهدين بافتتاح ميناء حمد، الذي اعتبره هؤلاء بوابة قطر إلى العالم، بالإضافة إلى المشاريع القومية الأخرى، كتوسعة مطار حمد الدولي والمناطق اللوجستية التي تخدم الاقتصاد الوطني.
الاكتفاء الذاتي
قال رجل الأعمال عبد العزيز العمادي: «إنه بعد مرور 90 يوماً على الحصار الذي فرضته الدول الأربع على قطر، فقد أثمر ذلك عن تماسك الشعب القطري جنباً إلى جنب ووقوفهم خلف القيادة الرشيدة، في مواجهة الآثار الناجمة عن الحصار».
وأكد العمادي أن المسؤولين القطريين قد أثبتوا قدرتهم على تحمل المسؤولية منذ أول يوم، إذ كان كل منهم جندياً في موقعه، وأدى واجبه على أكمل وجه، متحدياً أية أضرار كانت من الممكن أن تنتج عن هذا الحصار الجائر.
وأشار إلى أن نتيجة الحصار جاءت عكس ما كانت تتوقعه الدول الأربع، لافتاً إلى أن الفوائد الناتجة عنه أكثر بكثير من الأثار السلبية التي كانت تطمح إليه تلك الدول، ومن هذه الفوائد أن الحصار كان له عظيم الأثر بتكريس مفهوم الاعتماد على النفس بدلاً من الاعتماد على دول الجوار المحاصِرة، والتي لم يكن من المتوقع أن يصدر منها مثل هذه الإجراءات، بدليل أن دولة قطر كانت تتعامل معها بحسن نية، حتى أن أصحاب الأعمال القطريين كانوا يبحثون عن الشراكات مع نظرائهم من تلك الدول.
وأضاف بالقول إن من فوائد الحصار أيضاً، أنه ساهم في زيادة الوعي بأهمية توفير الأمن الغذائي، والذي بدأت دولة قطر في انتهاج هذا المسار منذ عام 2014، بالإضافة إلى تسارع الخطوات نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي لكثير من المنتجات التي كانت تستوردها قطر في السابق، والذي من الممكن أن يتحقق في غضون خمس سنوات من الآن، وأن تعتمد الدولة على الصناعة المحلية بنسبة قد تصل إلى 80 % من احتياجاتها.
الإنتاج الوطني
كما شدد العمادي على أن قطر دولة غنية واقتصادها قوي، كما أنها تتمتع بشفافية كاملة في التعامل مع شعبها، الذي لم يشعر للحظة بالحصار الجائر، ما مكنها من التغلب على جميع المعوقات.
ولفت العمادي إلى أن وقوف الوافدين بجميع جنسياتهم خلف القيادة الرشيدة من الأمور التي يجب الإشارة إليها بالبنان، والتي تدل على أن المواطنين يتعاملون مع الوافدين من منطلق الأخوة بغض النظر عن جنسياتهم.
ونوه بأن من الفوائد الناتجة عن هذا الحصار استفادة أصحاب المصانع في قطر بزيادة إنتاجهم من بعض السلع التي كانت تعتمد الدولة على استيرادها في السابق من تلك الدول، كمنتجات الألبان وعدد من المواد الغذائية الأخرى، بالإضافة إلى اعتماد أصحاب الأعمال القطريين على بدائل ووجهات جديدة لاستيراد بضائعهم من الخارج.
دور القطاع الخاص
قال رجل الأعمال سعد آل تواه الهاجري، إن الحصار الجائر على قطر، والذي استمر لأكثر من ثلاثة أشهر، كان نفعه أكثر من ضرره، مشيراً إلى أنه ساهم في تسريع الجهود الكفيلة بزيادة الاعتماد على الاقتصاد الوطني، وتعظيم دور القطاع الخاص في النمو.
وأضاف الهاجري أن الدولة لم تدخر جهداً في دعم المنتج المحلي بكل قوة، إذ سهلت كل الصعاب التي تواجه القطاع الخاص في هذا الصدد، ما منح الفرصة للكثير من المنتجات المحلية للتواجد بشكل أكبر وأسرع في السوق المحلية، والتي كانت في السابق تواجه منافسة قوية من منتجات بعض دول الحصار.
ونوه بأهمية الاستفادة من المقومات والإمكانات التي تمتلكها قطر في دعم تحقيق الاكتفاء الذاتي وخلق منتج وطني قادر على تلبية الاحتياجات المحلية وكذلك المنافسة على الصعيد الإقليمي والعالمي.
وأكد الهاجري أن الحياة في دولة قطر تسير بشكل طبيعي منذ بدء الحصار، حيث وقف الشعب دفاعاً عن سيادته، معتبراً هذه الأزمة بمثابة اختبار حقيقي، وقد حققت الدولة نجاحاً باهراً فيه.
وأبدى تفاؤله بتسارع وتيرة العمل في الداخل من القطاعين العام والخاص خلال الفترة المقبلة، من أجل الانفتاح الاقتصادي، الذي أصبح بالفعل ليس رفاهية وإنما ملزماً وحتمياً، مشدداً على أن الجميع في قطر أصبح عليه مسؤولية من أجل بناء الاقتصاد القطري المتنوع بكل قوة وفي أسرع وقت، وهو ما يجعل قطر تعتمد على نفسها.