باريس أرسلت إشارة واضحة إلى الرياض بإنهاء الحصار ..
فرنسا حرصت على عدم الانجرار وراء اتهامات أبوظبي و الرياض للدوحة
الدعم الدولي لقطر بحاجة للخروج من الانتظار والترقب لإجراءات إيجابية تنهي الحصار
ألمانيا كان لديها الشجاعة لرفض حصار قطر وتحملت رد فعل السعودية
أكد فرانسوا بورغا أستاذ العلوم السياسية ومدير الأبحاث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي متانة العلاقات الثنائية بين قطر وفرنسا و دعم فرنسا لقطر في الأزمة الخليجية . منوها بالتعاون الاستراتيجي التجاري و الاقتصادي المهم بين الدوحة و باريس ، حيث وصلت المبادلات التجارية البينية إلى 2.7 مليار يورو في عام 2017 ، بزيادة 30 في المائة في عام واحد ، مما يجعل قطر ثالث شريك تجاري في الخليج مع فرنسا .
الوساطة الباريسية
وذكر فرانسوا بورغا في حواره مع موقع لومونود أراب ، أن باريس حرصت على عدم الانجرار وراء اتهامات أبو ظبي و الرياض ضد قطر . ولم تتبن فرنسا أبدًا الاتهامات الأكثر هشاشة من حيث دعم قطر المزعوم للإرهاب. وهو موقف جيد للغاية من قبل الحكومة الفرنسية التي لم تتخذ ردة فعل معادية للدوحة، حيث إن باريس رغم احترام علاقاتها مع الرياض وأبو ظبي ، رفضت التضحية بالدوحة ثالث شركائها في المنطقة. ورفضت باريس اتباع الأصوات المتشددة التي تدعو إلى عزل قطر ، لكنها لم تقدم على الإدانة العلنية ، فقط ألمانيا كان لديها الشجاعة للقيام بذلك ، دون خوف من مقاطعة السعودية منذ ذلك الحين بعض منتجاتها.
و بين الباحث الفرنسي أنه في بداية الأزمة ، اختارت باريس إرسال إشارة واضحة إلى الرياض بأنها تقف إلى جانب الدوحة و أنها لا ترغب في الانضمام إلى حصار قطر ، حيث قامت فرنسا بإنزال فرقاطة عسكرية في الدوحة في الأيام الأولى للحصار ، كما أن فرنسا لم تقطع علاقاتها مع قطر و لم تقلص من تعاملاتها معها بل على العكس . و إن لم تقف باريس ضد دول الحصار بشكل جدي وواضح إلا أنها لا تخفي رفضها للأزمة الخليجية شأنها شأن بقية الأوروبيين الغربيين ، و الولايات المتحدة ، إلا أن الدعم الدولي يحتاج إلى الخروج من الانتظار والترقب الحذر لحل الأزمة.
الدعوى القطرية
و في ما يخص لجوء قطر إلى محكمة العدل الدولية ، متهمة الإمارات بالتصرف بما يتعارض مع القانون الدولي والمطالبة بتعويض مالي عن الأضرار و التجاوزات التي لحقت مواطنيها ، قال بورغا إن القانون الدولي إلى جانب الدوحة و لجوؤها للتحكيم الدولي مشروع و قانوني .وبخلاف وضع الفلسطينيين الذين يتعرضون للحصار ، يجعلنا نتساءل عن وضع القضاء الأممي و تأثيره على القرار على الصعيد الدولي ، حيث إن الأداة القضائية ذات فعالية محدودة سيما إذا تعارضت مع توازن القوى القائم على أساس مصالح أولئك الذين يختارون أو لا يختارون، و هو الذي يحدد تنفيذ الأحكام من عدمه حيث إن التعددية و احترام أحكام المحكمة و توجيهاتها سيكون مفصليا في هذه الأزمة .
و أشار فرانسوا بورغا إلى أن موقف إدارة ترامب ، مهم للغاية بما أن أمريكا لاعب إقليمي وعالمي حاسم ، رغم أن موقف ترامب تميز في بادئ الأمر بالهوس المناهض لإيران الذي يشترك فيه مع السعودية. ومع ذلك ، فإن واشنطن لا تقف بشكل كامل خلف الرياض وأبو ظبي أو بالأحرى لم تعد كذلك. لقد لاحظ ترامب بامتعاض كبير أن حصار دولة قطر أضر كثيرا ب”الجبهة السنية” في المنطقة ، ومع تعيين مايك بومبيو على رأس وزارة الخارجية ، عادت واشنطن إلى العمل لوضع حد للحصار من أجل استعادة وحدة صفوف دول مجلس التعاون الخليجي ، رغم الرفض الشديد و التعنت الذي تواجهه من قبل القيادات السياسية في الرياض و أبوظبي مما جعل الولايات المتحدة الآن تقف في المنتصف في موقف الانتظار مثل غالبية الغربيين الآخرين.