رصد إنترنت – بزنس كلاس:
انتشرت على مواقع الإنترنت في الفترة الماضية أخبار تحدّثت عن تنبؤات لمحللين ومتخصيين، بأن الأرض ستتعرض في شهر سبتمبر/أيلول 2017 لحوادث كارثية، وكان أبرزها لديفيد ميد، الذي يصف نفسه بأنَّه متخصصٌ في الأبحاث والتحقيقات، وقد حازت تنبؤاته بنهاية العالم يوم 23 سبتمبر/أيلول 2017، شهرة كبيرة.
فمن هو ديفيد ميد؟
تقول صحيفة واشنطن بوست الأميركية، إنه لا يقول الكثير عن نفسه، أو على أقل تقدير، لا يقول أي معلومات مُحدَّدة يمكن التحقق منها.
وذكرت أنه عندما سُئل عن المكان الذي يعيش فيه، أجاب فقط بأنَّه يعيش في “قلب منطقة تشهد كارثة كبرى”، وكان هذا بعد وقوع إعصار إرما.
وعندما سُئِلَ عن جامعته، قال إنَّه درس علم الفلك في إحدى جامعات ولاية كنتاكي الأميركية، فيما رفض أن يصرح باسمها، مشيراً إلى مخاوف تتعلَّق بسلامته.
وتقول سيرة قصيرة له على موقع إلكتروني يُسمى Planet X News، إنَّه درس “علم الفلك، من بين مواد أخرى” في جامعة لويفيل الأميركية. (قالت الجامعة إنَّها لا تستطيع التحقُّق ما إن كان قد درس هناك فعلاً).
أما موقعه على الإنترنت، فيذكر أنَّ ميد عمل في تحقيقات الطب الشرعي، وقضى السنوات العشر الماضية في “كتابة تقارير إدارية لشركات فورتشن 1000″، لكنه تجاهل الأسئلة عن أسماء تلك الشركات، أو ما يفعله حالياً لكسب رزقه.
ويقول موقع Planet X News أيضاً، إنَّ ميد يستمتع “بربط العلم بما جاء في الكتاب المقدس”، ويعتقد أنَّ نيبيرو -الذي كشفت وكالة ناسا أنَّه ليس كوكباً حقيقياً- هو “نتاج زواج مثالي بين الاثنين”.
ويدّعي ميد أن نيبيرو الذي يسميه الكوكب العاشر، متجهٌ نحو الأرض، وأنه عند مرور الأرض بجانب هذا الكوكب في وقتٍ لاحق من العام الجاري، سيؤدي إلى حدوث كارثة كبيرة، تضم وقوع زلازل، وانفجارات بركانية، وموجات من المد والجزر، وغيرها من الظواهر الطبيعية، وسيدخل العالم في نهاية أكتوبر/تشرين الأول ما يسمى فترة المحنة، حسب اعتقاده.
ويقول ميد إن يوم 23 سبتمبر/أيلول سيشهد ظهور مجموعة من النجوم، ومن بعدها تبدأ نهاية العالم الذي نعرفه. وترجع علامة التنبؤ هذه إلى الروايات التوراتية، التي تقول إن يوم 23 سبتمبر/أيلول سيشهد صعود المسيحيين المؤمنين إلى الجنة، وهو الأمر المرتبط بمجيء المسيح الثاني في تعاليم العقيدة المسيحية الألفية. ويشير المؤمنون بنظرية المؤامرة إلى ما ورد بالكتاب المقدس في سفر الرؤيا بالإصحاح الثاني عشر في الآيتين 1 و2، اللتين تنبأتا بحدثٍ فلكيٍ عظيم، بحسب تقرير موقع Indy100 البريطاني.
وانتقد ميد على موقعه الالكتروني الصحف التي “بالغت في نقل ما قاله وذكرت كذباً أنَّه يعتقد أنَّ العالم سينتهي في نهاية هذا الأسبوع”، موضحاً أنه يرى كل ما سبق ذكره “قصة القرن”، لكنَّ التيار الإعلامي شوَّهها وأساء تقديمها.
كما انتقد ميد جيل الشاب، قائلاً إنَّ “مستواه الفكري تأثَّر بالتلفزيون، والإعلانات، والرياضة، وما إلى ذلك، ما يُدهشني هو أنَّ هذا الجيل الجديد لا ينخرط في التفكير النقدي. إنَّهم لا يقرأون، ولا يفهمون شيئاً. هذا حزين جداً حقاً!”.
ألّف 13 كتاباً
وفق ما يدرجه موقع أمازون، فهناك 13 كتاباً تحت اسم ميد، وكلها كانت ذاتية النشر من خلال EBookit.com، وجميع الكتب أقصر من 200 صفحة، وتروّج لها قناته على يوتيوب.
ويتباهى كتابه الأخير “Planet X: The 2017 Arrival” بأنَّه يضم “اكتشافات مذهلة للغاية”، وبأنَّه “كتاب رائع” يهدف إلى إثبات وجود كوكب نيبيرو بالأدلة.
كما تطرَّق ميد أيضاً إلى نظريات المؤامرة السياسية، فذكر في كتابه “The Coup D’etat Against President Donald J. Trump” أو “الانقلاب ضد الرئيس دونالد ترامب”، أنَّ هناك حكومة ظل تحاول الإطاحة بترامب، ويزعم أنَّ كتابه يكشف “تعاوناً شديد الخطورة بين أفرادٍ منتمين إلى الطابور الخامس، بتنسيق من وسائل الإعلام المسيطرة والعولميين المهيمنين أمثال الملياردير جورج سوروس”. وقال ميد إنَّ الكتاب يناقش “الخلفية السرية للدولة العميقة”، فيما يفضح الكتّاب المموِّلين وراء “العمليات السرية” ضد ترامب، الذي وصفه ميد بأنَّه شخص “يعرف كل شيء”.
وقبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، نشر ميد كتاباً بعنوان “The Coming: Clinton Economic Collapse“، “ما هو مقبل: انهيار كلينتون الاقتصادي”، والذي حذَّرَ فيه من وقوع حروب وانهيار اقتصادي في ظل هيلاري كلينتون.
مزاعم ميد في مرمى العلماء ورجال الدين
ولم يقتنع الكثيرون بتنبؤات ميد، وقد فضخ ديفيد موريسون، وهو عالم فضاء كبير يعمل لدى وكالة ناسا، ادعاء أنَّ كوكباً -يُدعى نيبيرو- في طريقه نحو الأرض.
وحثّ موريسون، في مقطع فيديو شديد اللهجة، الناس على “نسيان أمر الكوكب”، موضحاً في تفسيرات بسيطة، أنه لو كان هناك كوكبٌ متجهٌ نحو الأرض لكان العلماء رصدوا حركته، ولو كان موجوداً فعلاً، “لكان نظامنا الشمسي مختلفاً تماماً عما نعهده؛ لأنَّ جاذبية الكوكب وحدها ستزعزع استقرار مدارات كواكب مثل الأرض والزهرة والمريخ”.
وأضاف عالِم الفضاء: “بدلاً من ذلك، في النظام الشمسي الداخلي، نرى كواكب ذات مدارات مستقرة، ونرى القمر يدور حول الأرض”.
أما عن إشارة بعض المقالات الإعلامية إلى ميد باعتباره “مُتخصِّصاً مسيحياً في علم الأعداد”، فيقول إد ستيتزر، الأستاذ والمدير التنفيذي لمركز بيلي غراهام للتبشير في كلية ويتون كوليج الأميركية، إنَّه لا يوجد شيءٌ من هذا القبيل.
ليس ميد وحده من يصدر التنبؤات
يقول روبرت جوسترا، وهو أستاذٌ في الدراسات الدولية بكلية ريديمر الجامعية في مقاطعة أونتاريو الكندية، بكتاب ألّفه عن الروايات التي تناقش نهاية العالم، إن أولئك الذين ينخرطون في تنبؤات نهاية العالم لا يختلقون الأمور من اللاشيء؛ إذ يعتمدون على المعلومات السائدة، مثل سفر الرؤيا. ولكنَّ الكثيرين، مثل أولئك الذين يُطلَق عليهم “علماء الأعداد”، يبحثون عن إشاراتٍ غامضة في الكتاب المقدس ليتنبأوا بالمستقبل.
ويضيف أإنَّه بصورةٍ شخصية لا يعطي أهميةً كبيرة لتنبؤات نهاية العالم، لكنَّه يفهم الدافع الذي يُحرِّك الكثيرين نحو التطرُّق إليها. ولا تنحصر التنبؤات الكارثية على نهاية العالم فقط؛ إذ يرى الكثيرون أنَّها تعطي معنًى لعالمنا هذا.
ووفقاً لما ذكره جوسترا، ليست مثل هذه التنبؤات جديدة على المسيحية أو الولايات المتحدة عموماً.
وكان الناس يُغرِّدون بكثافة الأيام السابقة، قائلين إنَّ الكوارث الطبيعية هي علامة على نهاية مقبلة للعالم، رابطين ما يحدث بنظرية المؤامرة الشهيرة.
إذ غرَّد مستخدمٌ على موقع تويتر -يُدعَى لاري تشامبان- قائلاً: “الأمراض القاتلة، والزلازل الأرضية، والتهديدات بالحرب النووية. كل هذا تحقَّق؛ ما يعني أن الاختطاف على وشك الحدوث”.
وقال آخر: “بريكست، وترامب، وزلازل، وأعاصير، وفيضانات! أنا شبه متأكد من حدوث الاختطاف في نهاية هذا الأسبوع”.
وعبَّر مستخدمٌ عن توقُّعاته بحدوث نهاية وشيكة للعالم، قائلاً: “أعاصير، وزلازل، وجراد! ربما الاختطاف سيحدث فعلاً يوم السبت المقبل”.
فيما غرَّدَت مستخدمةٌ -تدعى هولي جونسون- قائلةً: “يجب أن أقول إن ما يحدث يُنذر بنهاية العالم. لست متأكدة من ميعاد الاختطاف، لكن يبدو أنَّ الكرة الأرضية تنذرنا بحدوثه بكل هذه الزلازل والأعاصير. أنا جاهزة، ماذا عنكم؟”.
وقال أحد المستخدمين: “ضرب زلزال مكسيكو سيتي؟ يبدو أنَّ المسيح قادمٌ بحق”.
ليردَّ عليه آخر قائلاً: “إنَّه قادم! كل هذه الأعاصير والزلازل تحدث في الوقت ذاته؟! لا، إنَّه الاختطاف”.