وكالات – بزنس كلاس:
قالت صحيفة “كنتربوان” الفرنسية إن وجود مجلس التعاون الخليجي أصبح موضع تساؤل مع تراكم التوترات بين دول الخليج ، خاصة منذ الأزمة مع قطر. وبين التقرير أن الوضع يبدو سلبيا في ظل فشل المحاولات العديدة للوساطة الخارجية واستمرار رفض الدول الأربع للمصالحة.
وأضافت الصحيفة أن الوقائع تشير إلى أن خطوط الصدع ونقاط التوتر تتزايد بين دول مجلس التعاون ، فمنذ 27 يونيو تدرس محكمة العدل الدولية شكوى مقدمة من قطر ضد الإمارات ، تطالب فيها الدوحة بوضع حد للتمييز الذي يعاني منه مواطنوها منذ بداية الحصار المفروض عليها ، فضلاً عن طلب التعويضات المالية عما لحقها من أضرار مادية و معنوية .
تفاقم الأزمة
وبينت الصحيفة أن الأزمة الخليجية في تصاعد في ظل استمرار الحصار المفروض من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر. كما يتسبب هذا الحصار في تداعيات سلبية على المنطقة بأسرها.
وفي الوقت نفسه يشهد محور الرياض- أبوظبي يوميا تطورا أكبر سيما مع إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي في الآونة الأخيرة . وهكذا فإن أزمة الخليج تدمر دول مجلس التعاون الخليجي ببطء و تتسبب في تقسيم الكيان الذي كان من المفروض أن يضطلع بدور هيكلي لتحقيق التعاون السياسي والاقتصادي بين الدول الخليجية .
وواصل التقرير أن مجلس التعاون الخليجي الذي أسس عام 1981 للوقوف أمام التهديدات التوسعية الإيرانية ، وقامت اتفاقية تأسيسه على تعزيز التعاون الدفاعي بين الدول المنضمة للمجلس .ولكن بحلول عام 1990 كشف غزو العراق للكويت هشاشة تلك المنظومة وشكك في قدرة السعودية على حماية البلدان المنضوية في المجلس، مما جعل كل عضو في المجلس يعمل على تعزيز علاقاته مع القوى الخارجية. و أثمرت الجهود التي بذلتها دول الخليج للبحث عن شركاء دوليين خارج المجلس .
وقال التقرير إن كلا من الدوحة وأبو ظبي سعتا إلى وضع سياسة مستقلة عن السعودية ، حيث قامت قطر و الإمارات باتباع خطط دبلوماسية استباقية على الساحة الدولية. وعلى مر السنين ، ازدادت المنافسة الداخلية لدول مجلس التعاون و برز اختلاف على عدد متزايد من المسائل على غرار الربيع العربي ، وإيران ، والإسلام السياسي و غيرها من المواضيع التي عمقت الخلاف بين الجيران ، ووصلت التوترات إلى حدها الأقصى لتتبلور بصفة جدية و خطيرة في قرار الحصار المفروض على الدوحة منذ يونيو 2017.
إخفاق مزدوج
و اعتبرت الصحيفة أن دول مجلس التعاون تعيش إخفاقا مزدوجا على الجبهة السياسية و الاقتصادية ، في ظل التطورات والتغيرات الإقليمية وتحاول أمريكا حشد كامل الخليج معها ، فيما تعيش دول المجلس انقساما غير مسبوق ، فإن كانت الإرادة السياسية لتعزيز وحدة دول الخليج ضعيفة في الماضي فقد اختفت تماما الآن. أما على المستوى الاقتصادي ، فقد دفع انخفاض أسعار النفط دول الخليج إلى البحث عن إرساء مرحلة ما بعد النفط ، غير أن جهود التنويع الاقتصادي صاحبتها منافسة متزايدة بين مختلف الدول الخليجية ، و يبدو أن الإمارات تضررت اقتصاديا من هذه الإصلاحات حيث حولت “رؤية 2030” للسعودية وجهة بعض المستثمرين إلى الرياض ، في حين أن حصار قطر يضر بمصالح الشركات الإماراتية العديدة التي تعمل في المنطقة ، وعلى النقيض من ذلك ، واجهت قطر أخيراً الحصار بالتسريع من وتيرة الإصلاحات الاقتصادية.
مشاكل اقتصادية
واعتبر التقرير أن الأزمة الخليجية لها نتائج مدمرة اقتصاديًا على المنطقة حيث تواجه دول الخليج العديد من التحديات المشتركة . ولا يزال صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر و يحذر من عواقب هذه الأزمة التي تؤثر دون داع على دول الخليج ، التي تشترك في حتمية الإصلاح الذي يطرح عددا من التحديات على غرار التقليص من الاعتماد على المواد الهيدروكربونية ، تخفيض الإنفاق العام ، التدريب و التعليم ، توظيف الشباب وتطوير القطاع الخاص.
وأوردت الصحيفة أنه ولفترة طويلة لم يفرض على مواطني دول الخليج دفع الضرائب غير أنه و بسبب التحديات الاقتصادية التي تشهدها المنطقة فرضت كل من السعودية والإمارات ضريبة القيمة المضافة في بداية العام على مواطنيها.حيث إن ضغط السكان و مطالبتهم بالمشاركة بشكل متزايد في الحياة الاقتصادية والسياسية للبلاد ، وخاصة النساء والشباب في السعودية ، أصبح أكثر إلحاحًا.
واختتم التقرير انه كان من المفترض أن يكون مجلس دول التعاون أداة لتعزيز خليج أكثر تعاونا و تكاملا سياسياً واقتصادياً من خلال بناء سوق مشتركة إلى جانب سياسات تجارية ومالية منسقة بشكل أفضل ، تمكن الدول الخليجية من أن تقدم للعالم مثالا للانتقال الناجح إلى عصر ما بعد النفط، وكان لابد للخليج أن يمثل قطبا من الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط ، ولكنه للأسف فشل في لعب هذا الدور المهم في تاريخ المنطقة .