
الأوراق المبعثرة تشتت الأولويات وإعادة ترتيب البيت الاقتصادي نقطة البدء
سوق الاكتتابات قيد الإقامة الجبرية والمستثمرون في إجازة مفتوحة
نقص السيولة وخوف المستثمرين مقصّ يقلم أوراق النمو
نجاح اكتتاب “الاستثمار القابضة” طوق نجاة للشركات العائلية
توفير البيانات المالية ومستوى الأرباح يسهم في نجاح الاكتتاب
اقتصاديون: الطروحات الجديدة تتطلب التريث والإعداد المدروس
إعادة الثقة للمتعاملين في سوق الأسهم يحفزهم على الشراء
بزنس كلاس- محمد حسين
تمثل الاكتتابات العامة الأولية للشركات الخاصة والمجموعة العائلية، فضلاً عن الشركات شبه الحكومية، داعماً رئيساً للاستقرار الاقتصادي لما توفره من مميزات مهمة، حيث تمنح الشركات المقدرة على الاستمرارية والتوسع نحو العالمية إلى جانب توفير سيولة أكبر لاستثمارها في سبل النمو المتنوعة.
وقد استبشر المستثمرون والاوساط الاقتصادية خيرا باكتتاب اول شركة عائلية في قطر في البورصة، وذلك من خلال طرح اسهم شركة الاستثمار القابضة للاكتتاب العام في البورصة عقب ذلك، على امل ان يفتح هذا الاكتتاب الباب امام الشركات العائلية الاخرى للتحول الى مساهمة، ولكن يبدو ان الرياح تأتي احياناً بما لا تشتهي السفن، حيث شهدت عملية الاكتتاب في بدايتها ضعفا في الاقبال مصحوبا بهدوء وترقب كما وصفتها اغلب وسائل الاعلام، وان شهدت الايام الاخيرة من فترة الاكتتاب تزايدا في الاقبال، ما دفع شركة الاستثمار الى تمديد عملية الاكتتاب الى 4 فبراير المقبل، لإتاحة الفرصة لجميع المواطنين والشركات الراغبين في الاكتتاب في اسهم الشركة.
وربما تترك عملية الهدوء التي خيمت على اكتتاب الاستثمار القابضة نوعا من الحذر من الشركات الاخرى الراغبة في تكرار نفس التجربة، او ربما تستفيد الشركات من هذه التجربة في ترتيب اوراقها بشكل جيد ما يمكنها من اجتياز عقبة شح السيولة وحالة القلق والحذر التي تسيطر على اغلب المستثمرين في الفترة الحالية، ما يمكنها من الاكتتاب بنجاح كما تفعل حاليا شركة الاستثمار القابضة.
اكتتابات خارج التغطية
ولا شك في أن الشركات الاستثمارية تواجه الكثير من المصاعب والعراقيل الناتجة عن ازمة انخفاض النفط، لعل أبرز هذه المصاعب هو المعضلة المتمثلة في تغطية الاكتتابات الجديدة، او طلب زيادة رأس المال، وهي المعضلة التي تواجهها الشركات بسبب افتقاد ثقة المساهمين بالسوق في الفترة الحالية، للخسائر التي تكبدوها في السوق – حسب ما رأى الكثير من ذوي الاختصاص – بالإضافة إلى أسباب أخرى تتمثل في الخوف من مغامرة جديدة قد تكبدهم خسائر أخرى، وشح السيولة بشكل عام.
بين متخوّف وحائر
وما زالت الآراء تختلف حول هذا التوجه ما بين خوف وحيرة وتشجيع، إذ اعتبر بعض الخبراء ان الاكتتابات غير مرغوبة في الوقت الحاضر بسبب الانخفاض ثقة المستثمرين في السوق من جهة انخفاض السيولة لدى الشركات من جهة أخرى، بينما يرى اخرون ان الاكتتابات الاولية هي الوسيلة الفعالية لزيادة عمق السوق وتنوعه حتى يكون مرآة صالحة للاقتصاد القطري.
وقال خبراء اقتصاديون ومستثمرون: ان وضع السوق في الوقت الحالي يتسم بالصعوبة الكبيرة، كغيره من اسواق المنطقة وهناك تخوف كبير لدى المستثمرين، من الإقدام على شراء الأسهم، وبالتالي فإن عملية الاكتتاب سوف تواجه تحديات كبيرة في ظل هذا التخوف من قبل المستثمرين، وذلك على العكس من الفترات السابقة التي كانت تشهد إقبالا منقطع النظير على أي عملية اكتتاب تحدث في السوق، بل إن المستثمرين كانوا ينتظرون وقت الاكتتاب، بينما في الوقت الحالي لا تجد الكثير من المستثمرين لديهم التطلع لأي اكتتاب في الوقت الراهن.
وأضافوا أن طرح أسهم جديدة في هذا الوقت أمر قد يكون غير مناسب على حد قولهم، ومن الصعب نجاح الاكتتابات الجديدة إلا إذا تمت دراسة وضع السوق جيدا وحجم السيولة فيه وحجم الطلب ومعنويات المستثمرين لأن كل هذه العوامل يجب ان توضع في الاعتبار عند طرح أسهم اي شركة جديدة خصوصا الشركات ذات رأس المال الكبير التي تحتاج لسيولة كبيرة من كبار وصغار المستثمرين.
معنويات السوق
واوضح الخبراء أن هنالك عدة أسباب أدت إلى ضعف عمليات طرح الاكتتابات خلال العام الحالي، تتعلق بانخفاض النفط وما صاحبه من تداعيات اثرت سلبا على كافة القطاعات الاقتصادية، ما أثر في معنويات المتعاملين في السوق، الأمر الذي دفعهم للخروج منه ، مشيرين إلى أن الإقبال على الاكتتابات قد تأثر أيضا نتيجة لذلك بشكل أو بآخر خاصة مع الانخفاض الملحوظ في الأسعار السوقية للأسهم التي طرحت، لافتين النظر إلى أن هنالك أسهما طرحت بسعر في حدود 40 ريالا، إلا أن القيمة السوقية للسهم قد تراجعت للقيمة السوقية إلى ما يقرب من عشرة ريالات، ما أثر في الإقبال على الاكتتاب سواء من المتعاملين أو حتى المحافظ الاستثمارية التي تقوم عادة بالشراء تعجز عن بيعها على المتعاملين في السوق.
عوائق عالقة
وقال الخبراء أنه رغم ان مجموعة استثمار القابضة تعد من الشركات القوية جدا وتعمل بشكل مباشر في السوق ومنذ فترة طويلة، وتتم ادارتها من اقتصاديين محترفين لديهم اطلاع واسع وداريه كاملة بالسوق، إلا أن الوضع الراهن الذي تمر به الأسواق العالمية، والأوضاع الصعبة في المنطقة تعد من التحديات التي تواجه أي شركة يمكن أن تفكر في طرح أسهمها للاكتتاب العام أمام الجمهور.
وتوقع الخبراء أن تتم تغطية الاكتتاب في أسهم شركة الاستثمار القابضة مع نهاية الوقت المحدد لعملية الاكتتاب وان عملية التمديد تهدف الى اتاحة الفرصة لأكبر عدد من المواطنين للمشاركة في عملية الاكتتاب، مشيرين إلى أن العائق الوحيد هو طرح الشركة في التوقيت الحالي والذي يعد توقيتا صعبا للغاية على حد قولهم، نظرا لشح السيولة في السوق وعدم رغبة المستثمرين في ضخ السيولة التي بحوزتهم.
ترتيب الأوراق
وطالب الخبراء بالتريث وترتيب الاوراق والاعداد الجيد لأي اكتتابات جديدة خاصة تلك الشركات التي لاتزال في مراحل التأسيس ولا تملك مشروعات فعلية مؤكدين بأن المرحلة الحالية تتطلب إعادة الثقة للمتعاملين في سوق الأسهم. وتزايدت هذه المطالب بعد صعوبة إتمام عملية الاكتتاب في أسهم شركة الاستثمار القابضة.
واشاروا إلى انه تزامنت مخاوف المستثمرين مع مخاوف الشركات التي أجلت طرح أسهمها في خطوة منها لتجنب عدم تغطية الاكتتاب أو اللجوء للتمديد، وذلك بسبب وجود مؤشرات عدم ثقة في السوق ولنقص السيولة لدى الشركات والمؤسسات، بالإضافة الى حذر المستثمرين من الدخول في عمليات استثمارية جديدة الوقت الراهن. وافادوا بانه يجب اللجوء إلى وضع حلول استثنائية في حال عدم تغطية الاكتتابات بشكل كامل وذلك عن طريق إضافة صناديق استثمارية جديدة تقوم بعمليات الشراء عند طرح الاكتتابات.
وشدد الخبراء على أن السوق لا تعاني نقصا في السيولة، وإنما هناك تخوف من قبل المستثمرين، على ضخ أي سيولة في السوق في الوقت الحالي، أو في أي اكتتابات يتم طرحها، موضحين أن آخر الاكتتابات التي تم طرحها في السوق القطرية كانت خاصة بأسهم بنك قطر الأول.