نتيجة 3-1 لا تعكس مدى تفوق ريال مدريد على خصمه نابولي في سانتياجو برنابيو، ولا تعكس أيضاً مدى تفوق زين الدين زيدان على المدرب ماوريسيو ساري، فلو كان نجوم الريال موفقين أمام المرمى لكنا نتحدث عن نتيجة عريضة.
منذ الدقيقة الأولى وشعرنا أن ريال مدريد لا يواجه فريقاً كبيراً، وذلك لا يعود إلى ضعف نابولي بل للاستعداد القوي من جانب الفريق الملكي لهذه المباراة ورغبة اللاعبين الكبيرة في تحقيق الفوز، ويمكننا تحليل أبرز ما جاء في هذه المباراة بعدة نقاط.
زيدان درس نابولي جيداً
عندما كان يعمل زيدان مساعداً لكارلو أنشيلوتي كانت وظيفته تقتصر على دراسة الفرق المنافسة بالأرقام ومراجعة مبارياتهم لاكتشاف نقاط القوة والضعف، ورغم أنه المدرب الأول الآن لكنه ما زال يعالج الأمور بنفس الكيفية.
زيدان يعرف جيداً أن نابولي لديه مشكلة في العرضيات سواء العالية أو الأرضية، لذلك ركز بشكل كبير على هذا الجانب في الشوط الأول، وهو ما أنتج عن كمية فرص كبيرة لم يحسن كريم بنزيما التعامل معها كما يجب، لكنه أحرز هدف التعادل على أقل تقدير.
وهذا يفسر لنا أيضاً سبب عودة رونالدو للعب على الرواق بدلاً من التواجد في العمق كرأس حربة، فشاهدناه يحول العديد من العرضيات الناجحة خلال المباراة، كذلك تم الدفع بخاميس رودريجيز الذي يملك قدم ذهبية في هذا المجال.
تفوق ريال مدريد في العرضيات اليوم لم يكن محض صدفة، فمن كان يتابع تدريبات الفريق شاهد كيف تم التدرب عليها خلال اليومين الماضيين، مما يؤكد أن زيزو كان يعي جيداً نقاط ضعف نابولي وعمل على استغلالها.
في الشق الدفاعي كانت الأمور أكثر تعقيداً بالنسبة لزيدان، لكنه نجح أيضاً في تعطيل منظومة نابولي الهجومية والتي حققت نجاحاً باهراً في الأسابيع الأخيرة، وذلك عبر الضغط بالفريق ككتلة واحدة، وتبدأ هذه العملية من بنزيما ورونالدو وخاميس، وفي حال نجح نابولي بالخروج بالكرة كان الفريق يعود إلى الخلف بسرعة كبيرة لتقليص المساحات.
زيدان كان يعلم أن لاعبو نابولي في الأمام يملكون السرعة والمهارة في آن واحد، لذلك منعهم من استلام الكرة في وضعية مريحة، فما كان نادراً في اللقاء أن نشاهد لقطة واحد على واحد في مناطق ريال مدريد، ويجب الإشادة أيضاً باللاعبين الذين طبقوا تعليمات زيزو حرفياً والتزموا بها.
رونالدو الهادئ ودوره الجديد
الجميع لاحظ اختلاف كبير في طريقة لعب رونالدو منذ مباراة ملقا التي أهدر بها العديد من الفرص السهلة، حيث أصبح يلعب بهدوء أكبر وبثقة أعلى في المباريات الأخيرة، كما أصبح يشارك أكثر في عملية بناء اللعب عما كان عليه في بداية ومنتصف الموسم.
زيدان وضع رونالدو اليوم على الجناح الأيسر، وكان يدخل أحياناً إلى العمق، ويبدل مراكز مع خاميس على الرواق الآخر، مما فتح مساحات لبنزيما وخاميس وأحياناً كروس ومودريتش لاستلام الكرة في مناطق حساسة.
رونالدو كان اليوم قائد حقيقي داخل الملعب، وقدم العديد من التمريرات المفتاحية لزملائه رغم أنه امتلك الفرصة للتسديد في أكثر من مناسبة، وهذا يوضح أن هناك تغيير واضح في عقليته حدث بعد مباراة ملقا واتضح جلياً اليوم، كما أن منحه الحرية في التحرك ساعده أيضاً من الهروب من الرقابة وسحب مدافعي نابولي خارج منطقة الجزاء، هذا تماماً ما يحتاجه ريال مدريد من أفضل لاعب في العالم خلال الفترة القادم وبعد بلوغه عامه 32.
المشكلة التي بدأت في العام الجديد وما زالت تؤرق زيدان
منذ بداية عام 2017 ولاعبي ريال مدريد يرتكبون أخطاء فردية قاتلة، ففي معظم المباريات الماضية شاهدنا هفوات غريبة كلفت الفريق الخروج من كأس الملك وأهدرت 3 نقاط في الليجا، وكانت الخسائر لتكون وخيمة أكثر.
اليوم شاهدنا خطأ جديد بطله كيلور نافاس بلقطة غريبة لحارس بخبرته وبراعته، فلا يمكن تفسير سبب تمركز الحارس الكوستاريكي بهذه الكيفية وبهذا التوقيت، فالمباراة كانت في بدايتها ومن المفترض أن يكون التركيز في أفضل مستوياته.
خطأ اليوم كاد أن يكلف ريال مدريد الكثير لولا أن الفريق تدارك الموقف سريعاً وأحرز هدف التعادل بلقطة عبقرية من كارفاخال أنهاها كريم بنزيما في الشباك، هي قضية يتحملها اللاعبين والمدرب أيضاً كونه المسؤول عن تهيئة اللاعبين نفسياً وذهنياً.
نشعر أحياناً أن ريال مدريد هو من يحاول هزيمة نفسه، فجميع المباريات السابقة كان الريال هو المسيطر حتى لو لم يقدم مستوى جيد، ومثل هذه الأخطاء ستكون آثارها وخيمة بشكل أكبر عندما يواجه الريال فرقاً بمستوى أعلى مثل بايرن ميونخ أو أتلتيكو مدريد.