رواج صيحة الأحذية الرياضية له الكثير من المدلولات.. وهل تزيح أحذية الكعب العالي عن عرشها؟

 

ثمّة وجهان لانتشار موضة السينكرز، أو الأحذية الرياضية الكاجوال.
الجانب الأول والأهم، هو أنها خلّصتنا من عناء تحمّل الكثير من الآلام الناتجة عن انتعال الكعب العالي الرفيع، وفّرت علينا الكثير من التعب و جعلت حياتنا أسهل!
الجانب الثاني هو أنها وضعت علامات الموضة في أزمة حقيقية، وباتت تهدّد أحذية الكعب العالي في استمراريتها وشعبيتها.

 

فكيف ينظر عالم الموضة اليوم إلى هذه الأحذية؟قبل أعوام قليلة، لم يكن أحد يتوقع أن نرى السيدات يرتدين الأحذية الرياضة مع تنانير الشيفون المستوحاة من زيّ راقصات الباليه، أو الفساتين الأنثوية الملوّنة مع السنيكرز الأبيض، ولو قال أحدهم لنا إننا سنشهد على يوم تنتشر فيه تصاميم من الأحذية الرياضية التي ستكتسب شهرتها بسبب قبح تصاميمها، لما صدّقنا ذلك أبداً! لكن ذلك حدث بالفعل وأصبح واقعاً يفرض نفسه على صيحات الموضة التي تنتشر بكثرة من حولنا. الأحذية الرياضية حققت نجاحاً كبيراً، ولا سيما بعدما أصبحت تُنسّق مع الستايلات الكلاسيكية ومع الفساتين الأنثوية، ما دفع بأبرز دور الأزياء الراقية، مثل Gucci و Prada وBalenciaga وLouis Vuitton وChristian Louboutin وغيرها، إلى خوض هذا المجال وإطلاق تشكيلات متنوعة من أحذية السنيكرز. كان الأمر في البداية أشبه بالمغامرة. فهذه الدور معروفة بمنتجاتها الراقية، وقد اشتهرت على مدى سنوات، بأحذيتها النسائية ذات الكعب العالي المزدوج و العريض كما هي الحال بالنسبة لـPrada، والأحذية النسائية ذات المقدمة العريضة التي تُعد بمثابة بصمة خاصة بـGucci. وكان على هذه العلامات أن تتخلى قليلاً عن لمساتها الأيقونية لتقدّم الأحذية الكاجوال التي تتقاطع إلى حد بعيد، مع الأحذية التي تطلقها العلامات المتخصصة بالمنتجات الرياضية مثل Nike وPuma و Adidas.
تزاوج الاسم الراقي مع التصميم المريح، وتلك الرغبة القوية في إبعاد الموضة عن القواعد الصارمة التي تتطلّب الكثير من التضحيات من قبل السيدات، منحا هذه الأحذية نجاحاً ساحقاً، حتى أصبحت اليوم التصاميم الأكثر طلباً والأكثر مبيعاً.
لقد ارتفعت المبيعات العالمية للأحذية الرياضية بنسبة 10% لتصل أرباحها إلى 3.5 بلايين يورو في العام الماضي وحده، وبعدما كانت هذه الأحذية تُعدّ مجرد صيحة لن تدوم لأكثر من موسمين أو 3، تحوّلت إلى قطاع قائم بذاته: الأحذية الرياضية الراقية!
أمّا أكثر التشكيلات نجاحاً بحسب المطلعين على القطاع، فتكمن في الأحذية المحدودة الإصدار وتلك التي تطلقها العلامات الراقية بالتعاون مع أسماء لامعة في عالم الفن أو الموضة أو الجمال، من بينها على سبيل المثال مجموعة Chanel X Pharrell Hu Race Trail و مجموعة Nike’s Air Jordan 3 Retro DJ Khaled Grateful.

 

لماذا حدث هذا الانقلاب الكبير؟قبل عامين، كنّا نرى السيدات والفاشنيستاز يتسابقن على انتعال الأحذية ذات الكعوب الضخمة، أو الكعوب الرفيعة جداً، والكعوب المزينة بالدبابيس النافرة، وكنا نتساءل كيف يمكنهن السير بمثل هذه الأحذية التي لم تكن أبداً توحي بالراحة أو سهولة الارتداء. اليوم أصبحنا نرى العكس تماماً. لقد أصبحت الأحذية الرياضية ركيزة أساسية من ركائز الأناقة المعاصرة، والفضل في ذلك يعود إلى رائدات السوشيال الميديا من مؤثرات و مدونات.
بمعنى آخر، كان هذا الانقلاب الكبير في مفهوم الأناقة المعاصرة نتيجة حتمية للتأثير المباشر و القوي الذي يقوم به اليوم “جيل الألفية”. ولأنه الجيل الأكثر استهلاكاً لمنتجات الموضة، وبالتالي الأكثر استهدافاً من قبل العلامات المختلفة، كان من الطبيعي أن نرى هذه العلامات تغيّر نهجها وتعدّل استراتيجياتها، بما يتجاوب مع احتياجات هذا الجيل.
وهذا ما يبرّر أيضاً بروز نجم موضة الـStreet Style وتفوّقها على عناصر الموضة الراقية التي تستهدف فئة محدودة فقط من المتسوّقين. لقد بلغ التأثير الضخم الذي تمارسه موضة الـStreet Style اليوم في صناعة الموضة، حد اتخاذ دار Louis Vuitton القرار بالتعاون مع فيرجيل أبلوه، مديراً إبداعياً لقسم التصاميم الرجالية لديها! وفيرجيل هو من أشهر مَن صمّم و ابتكر أزياء الـStreet Style من خلال علامته Off-White التي تُعدّ اليوم من أكثر العلامات نجاحاً وانتشاراً.

 

هل هنالك خوف حقيقي على الكعب العالي؟
باختصار، الإجابة هي نعم، ولكن إلى حد ما! فمن تريد أن تعاني الأمرّين بسبب الكعب العالي إن كان بوسعها انتعال الأحذية المريحة كلياً؟ من ناحية ثانية، يبدو قطاع الأحذية الرياضية اليوم الأكثر درّاً للأرباح، ولأن علامات الموضة الراقية تعاني اليوم من الكثير من الأزمات التي تهدد مستقبلها واستمراريتها، من بينها أزمة العثور على متسوّقين جدد وأسواق جديدة من حول العالم، من الطبيعي أن تركز جهودها على القطاع الأكثر ازدهاراً.
لكن هذا لا يعني غياب أحذية الكعب العالي كلياً عن الواجهة، بل ثمة تراجع ملحوظ في إصداراتها يقابله تراجع إضافي في نسبة أرباحها!

السابق
دور الأزياء الكبيرة تتخلّى عن أهمّ النجمات.. فهل أصبحت الوجوه الشابّة أكثر مبيعاً؟
التالي
ميغان ماركل ترتدي كلّ ما يحلو لها حتى إن خالفت القواعد الملكية!