يقولون في انجلترا أن بيب جوارديولا سيعود لكتالونيا ذليلاً إن ظن أن تكتيته الهجومي يكفيه ليهيمن على بلاد الأسود الثلاثة كما هيمن في السابق على اسبانيا وألمانيا، فبالرغم من علو كعبه على باقي أندية انجلترا عندما كان مدرباً لبرشلونة وبايرن ميونخ من بعده، إلا أن الحال يختلف والمقارنة تصبح أكثر واقعية عندما يدرب فيه أسبوعاً تلو الآخر محارباً في الدوري الأكثر تنافسية. ولإثبات صحة هذه النظرية فإن المتعصبين لصعوبة البريمير ينتظرون في كل أسبوع تعثر الفيلسوف؛ حتى يتسنى لهم الشماته بكل أريحية به وبأوهامه الهجومية ويتفاخرون بتعطلها أمام لحظة الحقيقة.
هؤلاء الإنجليز المغرورين الذين طالما هاجموا حافلات مورينيو التي أخضع من خلالها دوريهم منذ منتصفه، عادوا ليهاجموا أفكار بيب الهجومية التي تعتنق المتعة والشجاعة قبل أي شيء، كل ذلك فقط من أجل إبراز قوة وإثارة دوريهم في محاولة مستميتة للبحث عن المعادلة المثالية التي تثبت نظريتهم، اللعب بمتعة تسر الناظرين دون القدرة على الإيتان بإنتصارات متتالية بنتائج كبيرة تجلب الإحباط للمنافسين وتخضع البطولة تحت أقدام فريقها قبل جولات من نهايتها، وتعد أندية مثل آرسنال أو حتى ليفربول أفضل مثال لصورة البطل المفضل لهؤلاء الإنجليز.
مع ذلك وبينما كان يبدو الأرسنال الأقرب لمنافسة تشيلسي على الصدارة بأدائه الممتع ونتائجه الإيجابية في الآونة الأخيرة، والمتسلح بالمدرب الأكثر خبرة في خبايا الدوري الإنجليزي مقارنة بباقي كبار البريمير، لكنه فشل في انتزاع حتى نقطة من كتيبة المدرب الجديد الغر الذي ظن الجميع أنه سيسقط مجدداً ولن ينفعه استحواذه.
هذا السقوط لأحد الأندية الأكثر عراقة بمدربها الأقدم بين كتيبة المدربين في بلاد الضباب، يبدو كصفعة في وجه الغرور الإنجليزي، الذي لايرى سوى نجومه والإثارة التي يمتلكها دوريه، وبالرغم من أن الدوري لايزال في بدايته ومن الصعب أن يبوح بأسراره قبل جولاته الأخيرة، فإن إظهار الشماتة بأفكار بيب الهجومية تبدو تسرعاً لا مبرر له، خاصة أن فريقهم العريق لايزال يفتقر لشخصية البطل الذي يظهر الحدة من أجل المنافسة حتى الأمتار الأخيرة، وبينما لايزال الأمل معقوداً على تشيلسي او حتى ليفربول من أجل احراز اللقب بصورة ممتعة، إلا أن جوراديولا لايزال هو المرشح المنطقي الأبرز للتنافس على اللقب حتى الأمتار الأخيرة، وربما يكون كابوس الإعلام الإنجليزي الأكبر هو أن تستمر صحوة كتيبة مورينيو ليتنافس قطبا مانشستر على اللقب في النهاية، ليثبت كليهما أن الهيمنة على انجلترا ليست عصية بل تماثل نظيراتها في أسبانيا وألمانيا.
هذا الغرور الإنجليزي الذي يتشبث منتشياً بسقوط كبار المدربين في الدوري الأكثر قوة لابد أن يتذكر أن أنديتهم بقيادة مدربهم المفضل فينغر لاتؤدي جيداً في أوروبا، وأن أمثال جوارديولا ومورينيو بأفكارهم التكتيكية المتطرفة في بعض الأحيان يشكلون الأمل الأكبر في عودة انجلترا لبوابة البطولات الأوروبية، لذلك بدلاً من الإحتفال بفشل هؤلاء المدربين واصطياد أخطائهم فإنه من الأجدر التركيز على مكانتهم وانجازاتهم في أوروبا، وفتح أعينهم على مذاهبهم التي قد تنجح في منحهم المجد الأوروبي الغائب منذ سنوات.
رفقاً بجوارديولا يا انجلترا، فقد يكون هو بطلك المنشود الذي يعيدك لقمة أوروبا، ويثبت قوة أبنائك في الخارج، لا الإكتفاء بالقتال حتى الجولة الأخيرة من أجل القنوع بلقب محلي، تاريكين أوروبا متاعاً لأسبانيا وأنديتها.