رحلة لأرض الخوف والجمال في جزر شرق آسيا 2.. في جزر بالي ولومبوك وضفاف نهر أيونغ بإندونيسيا.. للفقر والفقراء طعم خاص

 

في نهر أيونغ بجزيرة بالي، كانت مغامرة بكل معنى الكلمة، حيث سبحت بنا القوارب المطاطية لتسعة كيلومترات، بينما تيار الماء يشتد ويهدأ، والشلالات تتساقط من كل جانب، تعالت صيحات الخوف والإثارة، وقد سقطنا في النهر غير العميق عدة مرات، وفي مرات أخرى يطلب منا “القبطان” النزول إلى الشاطئ والمشي حتى يعبر هو بالقارب بعض المنحنيات الخطيرة. ولكننا كنا نتوقف عند بعض المنحنيات لمشاهدة منحوتات في الصخور على جوانب هذا النهر العجيب.


خرجنا من هذه المغامرة المثيرة إلى الشاطئ، وبعد أن التقطنا أنفاسنا، وتبادلنا تحيات “الحمد لله ع السلامة”، وأبدلنا ملابسنا، عدنا أدراجنا إلى الباص، الذي كان قد لحق بنا “برا” إلى حيث خرجنا سالمين، ثم أقلنا إلى ميناء “بينوا”، حيث ركبنا القوارب الصغيرة إلى السفينة الرابضة غير بعيد قبالة الساحل، لنستعد للمحطة التالية.

وإذا سألوك عن لومبوك (Lombok)، فقل هي واحدة من جنان الله على الأرض.
جزيرة إندونيسية أصغر من بالي، وتقع غير بعيد إلى الشرق منها على بعد 27 ميلاً، وفي مركز الأرخبيل الإندونيسي.
وبمجرد نزولنا مع شروق شمس اليوم الأخير من العام 2016، إلى ميناء ليمبار عبر قوارب صغيرة أقلتنا من السفينة التي رست قبالة شواطئ لومبوك، استقبلتنا فرقة موسيقية بملابس أعضائها الخضراء، وعماماتهم الحمراء المزركشة، وغنائهم الشعبي الجميل على آلات تقليدية بسيطة، وراقصيها الذين يرقصون حفاة، لا ينتعلون شيئا في أرجلهم.

بعد ذلك توجهنا إلى قرية تقليدية تسمى سوكارارا (Sukarara)، والتي لا تبعد كثيرا عن الميناء، وكانت الطبيعة الخلابة بأشجارها الاستوائية هي أكثر ما لفت انتباهنا ونحن في طريقنا إلى القرية، والتي شاهدنا فيها، وعلمنا عن أهلها، ما يستحق أن يُروى.

فرأينا بيوتا ريفية صغيرة الحجم، في ساحتها الأمامية عند المدخل تجلس سيدة أو سيدتان وراء أنوال صغيرة الحجم، تنسج قماشا مطرزا بأشكال تقليدية، بأحجام صغيرة، من مفارش وأغطية رأس وشالات. وفي ساحة القرية، شاهدت ما يشبه المعمل الصغير، حيث تجلس فوق دكة كبيرة سيدات وفتيات وراء أنوال صغيرة ينسجن منتوجاتهم من الأقمشة الزاهية الألوان.
واستوقفني بيت صغير تجلس في ردهته الفقيرة عجوز أمامها وعن يمينها عشب أخضر تأكل منه، قال لي المرشد إنها تتعاطى نباتا يسمى باتل-نات Bettlenut، وهناك مدمنون على هذا النبات، ويبدو أنه ليس ممنوعا.

تمشينا في شوارع قرية سوكارارا الصغيرة، حيث لا سيارات، بل أطفال في حال رثة، ولكن ليست أرق من حال أطفال دولنا، ثم خرجنا لجولة صغيرة في معرض منتوجات القرية من الأقمشة الملونة المنسوجة بأيدي نسائها.

معبد لينجسار، نموذج لتعايش الأديان
في طريقنا لمعبد لينجسار Lingsar، شاهدت عددا من المساجد ذات القباب والمآذن الجميلة، فقد دخل الإسلام إلى هذه الجزيرة في القرن الرابع عشر على أيدي الجاويين (نسبة إلى جزيرة جاوة)، وهي تضم أيضا ديانات هندية وبوذية ومسيحية. وفي معبد لنجسار شاهدنا متعبدين من كل هذه الديانات أمام رموز دياناتهم.

وخلف مجمع لنجسار، توجد بئر مربعة الشكل لمياه مقدسة، يقال إنها تنتسب للمعبود “فيشنو Vishnu”، وما بها من أسماك فهي مقدسة لديهم كذلك، وقد شاهدت صبيا، بالثياب التقليدية، أجهد نفسه في رمي قطع البيض المسلوق في المياه، ثم بالطرق بيده على جدران البئر، حتى يخرج لنا السمك المقدس من مكامنه في جنبات البئر، ولكن من دون جدوى، فضاع البيض، ولم يخرج السمك!!
توجهنا بعد هذا المعبد المجمع للديانات المعبودة في جزيرة لومبوك الإندونيسية، إلى سوق ساسيلا التقليدي، ومن ثم إلى قصر الماء، وفي كل منهما حكايات تُروى.

السابق
مصري يقاضي شركة حرمته من النوم على ظهره منذ 10 سنوات
التالي
لماذا رفض مراهق مسلم 6 ملايين دولار من أميركيين؟