رحلة لأرض الخوف والجمال في جزر شرق آسيا (6).. قصة تمثال لشخص شيطاني الهيئة يرتدي طربوشا أحمر وفي فمه سيجارة

 

كانت محطتنا الأولى في جزيرة بوكيت التايلاندية، هي ساحة “كاب برومثيب Cape Promthep”، فوق تلة عالية تستطيع أن تشاهد منها مناظر الجزيرة الساحرة، بغاباتها الجبلية، أشجار المطاط السائل من جنباتها، والشواطئ الساحرة.
سميت بوكيت بالأرض المفقودة لعدة قرون، كان سكانها يعيشون في سكينة، يحصدون خيرات الغابات والسهول والمحيط. وكانت تسمى فيما مضى “تالانغ Thalang” والتي تعني الرأس. وقد تنازعها الهنود والصينيون والبورميون والأوربيون باعتبارها نقطة توقف بحرية هامة، فضلا عن ثرواتها من المطاط والقصدير.

والمكان الذي نحن فيه يشهد أجمل غروب للشمس في العالم، ينتظره الناس يوميا في منظر غرق #الشمس، ثم ظهور القمر كاملا ليغطي المكان. ويوجد على هذه التلة معبد براهما #الهندوسي في الهواء الطلق، حيث تحيط به أفيال مذهبة وبرونزية وحجرية، وتضم التلة ضريحا لأحد الشخصيات أو القادة أو الحاكمين، وتمثالا يجاوره لأحد القادة، لكنني لم أتمكن من معرفة من بالضريح، أو حتى من هو #القائد، ذلك أن كل ما هو مكتوب عليهما هو باللغة التايلاندية، وكذا فان اللوحات الإرشادية عموما في #بوكيت كانت بلغة أهل بلادها ولا لغة أخرى تجاورها، ولفتني أن عملتهم “البات Baht” لا تحوي أي كلمة بأية لغة، باستثناء الرقم 20.
وبما أن ثلاثة أرباع التايلانديين بوذيون، فلا مناص من زيارة معبده هنا، وسيكون هذا رابع معبد بوذي نزوره خلال رحلتنا، لكنه بالفعل كان مختلفا، وفيه الكثير مما يوصف ويقال.


المعبد الذي زرناه يسمى “وات شالونغ Wat Chalong “، وهو الأكبر في جزيرة بوكيت، وبمجرد أن وطئت أقدامنا الساحة الخارجية، سمعنا ما يشبه الطلقات النارية، ثم شاهدنا قبة من الطوب الأحمر، تنطلق من تحتها هذه الفرقعات، ويقف أمام الباب الرئيسي للمعبد الرئيسي فيلان ضخمان مع أبنائهما من صغار الفيلة.
وفي داخل هذا المعبد، كما في المعابد الأصغر المحيطة به، شاهدت ما لم أشاهده في المعابد السابقة، وهو كمية المصلين من مختلف الجنسيات، وطرق صلاتهم المتنوعة، إما بالورود، أو بالبخور، بعضهم يجثو على ركبتيه، وبعضهم يسجد.


كانت تماثيل بوذا في المعبد الرئيسي من البرونز، أمامها عدد من المصلين، ثم دخلنا معبدا خشبيا أصغر مجاورا له، بدا المصلون فيه أكثر خشوعا، كما لاحظت أيضا في المعابد هنا أن هناك خزانات حديدية ضخمة في الأركان بها فتحات في سقفها، ربما لاستقبال التبرعات، لكني لم أشاهد أحدا يقترب منها!!


وفي “معيبد” صغير آخر في الساحة نفسها، شاهدت العجب العجاب، ففي مواجهتك عند الدخول تجد بوذا الشاب البرونزي متربعا بردائه البرتقالي، ويده على فخذه، لكن الأهم هو القرابين التي أمامه، فهي خليط من المياه المعدنية والخيار، وحلوى محلية، وعلبة عصير بالشاليموه –أي والله- فضلا عن الورود والبخور، وعن يمينه تمثال لشخص #شيطاني الهيئة، يرتدي طربوشا أحمر وفي فمه “سيجارة”.
وفي ساحة المعابد هذه شاهدت معبدا مكونا من ثلاثة طوابق، بداخله عشرات من تماثيل #بوذا_الذهبية اللامعة، تتجاور في شكل دائري، وهو بأوضاعه المختلفة، واقفا، جالسا، مضطجعا، ويداه تشيران برموز مختلفة. وفي الطابق الأول حيث العدد الأكبر من التماثيل، شاهدت سيدة تصلي بصوت مرتفع أمام أحدها، وقد وصل بها الانفعال إلى حد أن خلعت سترتها.

بعد هذه الجرعة البوذية المكثفة، ذهبنا إلى المسرح الوطني في جزيرة بوكيت، حيث شاهدنا عرضا مسرحيا موسيقيا راقصا، يقدم على مدى ساعة ونصف صورا مختلفة لعادات وتقاليد وتاريخ أهل الجزيرة، بأزيائهم الزاهية الألوان، وطقوسهم البيئية الغريبة، وأدهشني أن راوي العرض المسجل كان يحكي بالإنجليزية!


وبعد انتهاء العرض قام أفراد الفرقة بوداعنا، ونحن بدورنا ودعناهم وودعنا بلدهم #الجميل، وفي طريق عودتنا مررنا ببعض شواطئ بوكيت الساحرة، وتهيأنا لزيارة جزيرة “لانغ كاوي” الماليزية، التي وصلنا إليها عند شروق اليوم التالي، ومنها قصص تُروى.

السابق
الهيئة العامة للسياحة وجامعة ستندن قطر تطلقان شراكة جديدة لتدريب المرشدين السياحيين واعتمادهم
التالي
يسرا تدخل عالم عاملات المنازل في “سلم الخدامين”