روى معتقل سوري سابق في سجون نظام الرئيس “المخلوع” بشار الأسد لمدة 11 عاماً، قصصاً صادمة عن حياته، وغيره الآلاف، خلف القضبان وأشكال التعذيب الوحشية التي عانوها، قائلاً إنه نجا من الإعدام بأعجوبة بعد دفع عائلته 100 ألف دولار مقابل تغيير كلمة واحدة فقط.
وقال المعتقل السوري السابق مؤيد الحسن (47 عاماً) المقيم حالياً في ضاحية درعا جنوبي البلاد، لكن أصوله تنحدر من قرية أجديّة في مرتفعات الجولان السورية، إنه هُجّر الحسن مع عائلته من مخيم النازحين في مدينة درعا إلى الضاحية جراء استهداف النظام السوري للمنطقة في الأشهر الأولى من الثورة المناهضة له التي انطلقت شرارتها في مارس 2011.
وكالة الأناضول زارت الحسن في مكان نزوحه بالضاحية، واستمعت إلى شهادته رفقة شقيقه ثائر الذي روى هو الآخر جانباً من معاناة الأسرة، إثر غياب نجلها في سجون بشار الأسد (2000 ـ 2024)، بحسب موقع الجزيرة نت.
وقال الحسن إن نظام الأسد اعتقله من المنطقة الصناعية بدرعا في 9 يوليو 2011، وأطلق سراحه بعد نحو 11 عاماً أمضى أكثر من نصفها بسجن صيدنايا سيئ السمعة.
وتفيد تقارير دولية بأن آلاف المعتقلين قُتلوا بشكل منظم وسري داخل سجن صيدنايا بريف دمشق، حيث نفذ النظام المخلوع آلاف الإعدامات دون محاكمات، بمعدل 50 حالة إعدام أسبوعياً بين عامي 2011 و2015 وحدهما.
ومع سيطرة فصائل الثورة السورية على المدن، وهروب بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي، فتحت السجون والمعتقلات والأفرع الأمنية وأفرج عن المعتقلين، لكن عشرات الآلاف من المعتقلين مازالوا في عداد المفقودين، ومع اكتشاف مقابر جماعية في مدن عديدة، هناك مخاوف من أن يكونوا في عداد القتلى.
17 يوماً عارياً
يقول الحسن إنه في الساعات الأولى من اعتقاله تعرض لضرب مبرح أدى إلى كسور في يده وأسنانه، كما تعرض للصعق بالكهرباء في مناطق حساسة بجسمه، موضحاً أن هذا الصعق سبب له مشكلات صحية، إذ بقي مدة طويلة يتبول دماً ويعاني ألماً وحرقة شديدين للغاية.
ليس هذا فحسب، بل أفاد بأنه ظل عارياً تماماً برفقة زملاء له لمدة 17 يوماً متواصلة، تعرض خلالها للضرب والإذلال، مشيراً إلى أن الاكتظاظ في الزنزانات كان أحد أساليب النظام البائد لتعذيب المعتقلين، حيث تعفّنت أجسادهم دون أدنى علاج، مما أدى لإصابتهم بالجرب الذي ظل مرافقاً لهم طوال اعتقالهم.
ولفت إلى أنه على مدى سنوات اعتقاله الـ11 لم يستحم سوى 3 مرات فقط، وبشكل سريع جداً، الأمر الذي ساهم في تفشي الأمراض الجلدية.. أما الطبيب الذي من المفترض أن يكون ملاك رحمة، فكان يسخر منهم ولا يصغي إليهم، ويعاملهم بأسلوب عسكري، وفق الحسن.
وبخصوص الطعام، قال إن أضخم وجبة قُدمت لأي من المعتقلين كانت ربع رغيف خبز و3 حبات زيتون وملعقة أرز، يضعها السجّان منتصف النهار، ثم يتوارى عن الأنظار 24 ساعة لحين تقديم وجبة تالية تفوق الأولى سوءاً. وأحياناً، حسب الحسن، كانوا يقدّمون لهم بيضة واحدة لـ8 أشخاص، مما جعل المعتقلين يأكلون قشور البيضة جراء الجوع الشديد.
سرد الحسن أسماء المعتقلات والسجون التي مر بها وتعرض فيها للتعذيب، ومنها صيدنايا، وفرع أمن الدولة بدرعا، وفرع المخابرات 285 بكفر سوسة بدمشق، وفرع المخابرات العامة 248 بالعاصمة.
“كلمة واحدة أنقذتني من الإعدام”
خلال المقابلة الصحفية، بحسب موقع الجزيرة نت، أدخل حسن يده في جيبه وأخرج ورقة وقال للصحفي الذي يحاوره “هذا قرار إعدامي موقع من النائب العسكري محمد كنجو حسن، بتهمة قيامي بأعمال إرهابية”.
ورداً على سؤال عن كيفية نجاته من حكم الإعدام، أجاب المعتقل السابق “أنه تدخل إلهي وجهد كبير جداً بذلته عائلتي وشقيقي ثائر للحيلولة دون ذلك”، مضيفاً: “دفعت عائلتي 100 ألف دولار لتخفيض الحكم من الإعدام إلى السجن المؤبد (31 سنة)، ثم دفعت 30 ألف دولار لإطلاق سراحي بأعجوبة”.
ورقة قرار الإعدام وردت فيها التهمة كما يلي “القيام بأعمال إرهابية تفضي إلى قتل إنسان”، ووفق الحسن فإن المبلغ الذي دُفع كان مقابل تبديل كلمة واحدة في نص التهمة. فقبل دفع المبلغ كان الفعل بصيغة الماضي “أفضت”، أي أن القتل حدث بالفعل، لكن تم تحويله إلى المضارع: “تُفضي”، وهو ما يعني أن القتل لم يحدث، وبهذه الحيلة تم تخفيف الحكم من الإعدام إلى السجن المؤبد، وفق الحسن.