اختتمت مساء اليوم فعاليات منتدى الدوحة السابع عشر الذي انعقد على مدى يومين تحت عنوان “التنمية والاستقرار وقضايا اللاجئين”، وذلك بمشاركة دولية واسعة من صناع القرار وقادة الفكر وممثلين عن منظمات ومؤسسات عالمية وإقليمية.
وقال سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية في كلمة ألقاها خلال الجلسة الختامية للمنتدى، إن المشاركة الدولية والاقليمية الواسعة ومن خلال الكلمات التي ألقاها اصحاب الفخامة والمعالي رؤساء الدول والحكومات، والسياسيون وقادة الرأي والمفكرون، وكذلك رجال الأعمال والبرلمانيون وممثلو المنظمات الإقليمية والدولية والمجتمع الدولي، أتاحت فرصة مثالية للحوار البناء وتبادل الآراء والأفكار لتحقيق الأهداف المرجوة.
وأشار إلى أن اختيار شعار “التنمية والاستقرار وقضايا اللاجئين” للمنتدى السابع عشر له العديد من الدلالات الهامة، حيث إن هذه القضايا من أهم التحديات التي تواجه العالم في الوقت الراهن.
وشدد سعادته على أن عقد منتدى الدولة بصورة منتظمة منذ دورته الأولى في عام 2000 وإلى الآن يجسد الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة لدولة قطر، ويساهم في ترسيخ مفاهيم الحوار الهادف والفكر البناء والسعي الدؤوب لإيجاد حلول للمشكلات والتحديات التي تواجه دول المنطقة والعالم بأسره.
وبين أن المناقشات التي جرت على مدى يومي المنتدى أثبتت أن مشكلات العالم اليوم باتت لا تعرف حدودا، وأن تحدياته أصبحت عالمية ولا يقف خطرها على من يواجهونها فقط ولا تتضرر بها الدول التي تعاني منها وحدها وإنما عانى ويعاني منها العالم أجمع.
وقال إنه في مقدمة هذه المشاكل والتحديات الخطيرة التي تعصف بالعالم اليوم عدم تحقيق التنمية وانعدام الاستقرار في العديد من مناطق العالم وقضية اللاجئين.
وأضاف أن مداولات المشاركين في المنتدى أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن حالات اللجوء اليوم ليست كما كانت عليه بالأمس، وأنه صار واضحا للعيان أن العالم كله أصبح أمام كارثة إنسانية كبرى تتطلب ايجاد كافة السبل للتعامل معها.
وشدد سعادة وزير الدولة للشؤون الخارجية في هذا الصدد على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته القانونية والاخلاقية والعمل الجاد نحو إيقاف الحروب والنزاعات المتسببة في هذه الأزمة بكل الطرق السياسية والسلمية أو غير ذلك، وإيجاد الحلول العادلة والدائمة لقضايا الشعوب، ومساعدة اللاجئين أينما وجدوا، والتخفيف من معاناتهم وتوفير السكن والغذاء والتعليم والرعاية الصحية لهم، وكذلك إعادة توطين اللاجئين في أوطانهم والمشاركة الحقيقية في إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار لكل بلد تعرض أهله للجوء ودمر وطنه بسبب الحروب والصراعات.
وأفاد سعادته بأن قضية التنمية يتوقف نجاحها على مدى ما يتحقق من استقرار للمجتمعات فالاستقرار هو الركيزة الاساسية والإطار الذي يحمي عملية التنمية، مشيرا في نفس الوقت الى أنه لا يمكن القضاء على الارهاب أو التطرف بدون تحقيق التنمية المستدامة.
وأكد سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية ان كل ما تم التوصل اليه من توصيات وأفكار في المنتدى من خلال المناقشات والحوارات الثرية سيكون عونا في تلمس الطرق والاساليب لمعالجة قضايا المجتمع الانساني، معتبرا ان الجميع عليه مسؤولية العمل على الاستفادة من هذه الرؤى والحلول لتحقيق التنمية والاستقرار في العالم والاسهام في بناء السلام العالمي والحد من تدفق اللاجئين وتخفيف معاناتهم.
تحدث في الجلسة الختامية للمنتدى دولة السيد يوها سيبيلا، رئيس وزراء فنلندا، فدعا إلى ضرورة أن يستجيب العالم لمشاكل اللجوء وما يترتب عليها من احتياجات انسانية، لافتا إلى أن أوروبا لم تتعامل مع هذه القضية بطريقة تفاعلية وعليها تغيير طريقة تفكيرها إزاءها.
كما دعا إلى دراسة أسباب الهجرة واللجوء بشكل جذري وأن تقف عند أسباب اللجوء قبل أن تفكر في إدارة الأزمة والتعامل مع الأرقام.
ونوه بأن معظم مشاكل اللاجئين من صنع الانسان، وأنه للحد من هذه الظاهرة يتوجب اتباع نهج الحوكمة وحكم القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية وحل الأزمات والنزاعات بالوسائل السلمية للوصول لتنمية وسلام مستدام، مع اشراك كافة أصحاب المصلحة في عملية السلام.
من ناحيته، أعرب السيد مارتن إنديك نائب رئيس مركز بروكنجز بالولايات المتحدة الأمريكية، عن شكره لدولة قطر لتنظيمها هذا المنتدى الناجح واستمرار عقده على مدى 17 عاما ماضية.
كما عبر في كلمته بالجلسة الختامية عن عدم ارتياحه للطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع أزمة اللجوء في العالم، وأهاب بالجميع في هذا الخصوص الوفاء بالتزاماتهم الإنسانية تجاه اللاجئين.
واستعرض التحديات الكبيرة المترتبة على قضية اللجوء وما يثار من فوائد وآثار إيجابية أو سلبية لها، مشيرا إلى أن الافتراض السائد هو أنهم يشكلون عبئا كبيرا على الدول التي تستضيفهم، اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا، لكنه رأى أن بعض دول الجوار السوري المستقبلة للاجئين السوريين لم تتأثر بتدفقهم عليها.
ونوه أن من بين تحديات اللجوء هو تمكين اللاجئين للانخراط في المجتمعات الجديدة بالعمل ليساهموا في اقتصاد الدول التي وفدوا إليها، وأنه من مصلحة الدول المستضيفة استيعابهم بشكل فاعل.
ناقش المنتدى في هذه الدورة أربعة محاور رئيسية هي على التوالي: تحولات المشهد السياسي العالمي، وتحديات التنمية الاقتصادية والاستثمار في مرحلة التغيرات العالمية ” قضايا النفط والطاقة”، والدور السياسي والاقتصادي في قضايا اللاجئين، والبعد القانوني والحقوقي والإنساني في التعامل مع قضايا اللاجئين.
وجاءت المشاركة الكبيرة من القادة والسياسيين والمختصين وأصحاب الفكر ومنظمات المجتمع المدني في الدورة السابعة عشرة للمنتدى، بمثابة فرصة مثالية لمناقشة التحولات الكبرى في المشهد السياسي العالمي وتحديات التنمية الاقتصادية والاستثمار والأدوار السياسية والاقتصادية والأبعاد القانونية والحقوقية والإنسانية في التعامل مع قضايا اللاجئين.
وعكس عنوان الدورة الحالية للمنتدى “التنمية والاستقرار وقضايا اللاجئين” الاهتمام الكبير بالقضايا الملحة، لاسيما وأن الصراعات المسلحة والإرهاب والتطرف والفقر والبطالة التي تشهدها المنطقة والعالم حاليا، تفرض على الجميع التباحث بعمق لمعالجة جذور هذه القضايا لتحقيق تطلعات الشعوب في التنمية والاستقرار والعدل والسلم الإنساني بأبعاده الاقتصادية والبيئية والمجتمعية.
يذكر أن أول منتدى قد عقد عام 2001 تمهيدا للاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية بالدوحة في نوفمبر من نفس العام، وحمل المنتدى اسم المؤتمر القطري- الأمريكي حول الديمقراطية والتجارة الحرة، وتناول مسائل مهمة وحيوية شملت التجارة الحرة والحقوق الاقتصادية وحقوق الانسان وحرية الصحافة والانسجام الديني في ضوء الخلاف السياسي، وتفعيل العملية الديمقراطية والعلاقة بين الاسلام والديانات السماوية الأخرى.
أما آخر منتدى وهو منتدى الدوحة السادس عشر فقد عقد خلال الفترة من 21-23 مايو 2016 تحت شعار ” الاستقرار والازدهار للجميع”، وناقش العديد من القضايا والمحاور الهامة من بينها الوضع الدولي والإقليمي وسبل مواجهة التحديات، والأوضاع في الشرق الأوسط وقضايا الاقتصاد العالمي وأمن الخليج ودور المجتمع المدني في تحقيق الشراكة في التنمية.