هامبورغ- بزنس كلاس:
شهدت قمة العشرين في هامبورغ اهتماماً إعلامياً كبيراً حيث كان ينتظر العالم ما ستخرج به هذه القمة من مقررات خاصة بعد انسحاب أمريكا من اتفاقية المناخ. وضمت القمة خليطاً متوتراً من القادة في وقت يتعرض فيه المشهد الجيوسياسي للعالم لتغيرات كبرى. كما خيم على القمة اندلاع مظاهرات عنيفة خلفت سيارات محترقة وواجهات محال محطمة في شوارع المدينة.
واختلف قادة أكبر اقتصادات في العالم مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن سياسة المناخ خلال القمة في إقرار علني نادر بالخلاف وبما يمثل ضربةً لجهود التعاون متعددة الأطراف.
وحققت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الحريصة على إظهار مهاراتها كوسيط قبل شهرين من انتخابات عامة في البلاد، هدفها الرئيسي في الاجتماعات التي عقدت في مدينة هامبورغ بإقناع القادة بمساندة بيان موحّد يحتوي على تعهدات بشأن التجارة والتمويل والطاقة وإفريقيا.
لكن الخلاف بين ترامب، الذي فاز بعد حملة انتخابية تعهد خلالها بأن يضع “أميركا أولاً”، وبين باقي دول المجموعة التي تشمل دولاً مختلفة مثل اليابان والسعودية والأرجنتين بشأن المناخ كان صارخاً.
وأعلن ترامب الشهر الماضي انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس الدولية للمناخ التي أبرمت قبل عامين.
وقالت ميركل للصحفيين في ختام القمة: “في النهاية عكست المفاوضات بشأن المناخ انشقاقاً. الجميع ضد الولايات المتحدة الأميركية”، وتابعت قائلة: “حقيقة إن المفاوضات بشأن التجارة كانت صعبة بشكل استثنائي كانت بسبب مواقف بعينها اتخذتها الولايات المتحدة”.
وترك تحول ترامب لسياسة دبلوماسية أكثر أحادية وفردية فراغاً في القيادة العالمية وأقلق حلفاء تقليديين في أوروبا وفتح الباب لقوى صاعدة مثل الصين لاقتناص دور أكبر.
وخيمت التوترات بين واشنطن وبكين على الفترة السابقة للقمة مع تصعيد إدارة ترامب من الضغط على الرئيس الصيني لكبح جماح كوريا الشمالية والتهديد بإجراءات تجارية عقابية على الصلب.
ترامب وبوتين
والتقى ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمرة الأولى وجهاً لوجه في هامبورغ وهي مقابلة كانت مرتقبة بشدة بعد أن وعد قطب العقارات السابق باتباع نهج مختلف مع موسكو خلال حملته الانتخابية لتنهال عليه الاتهامات بأن روسيا تدخلت في التصويت لصالحه والتحقيقات في صلات روسيا بالمقربين منه.
وقال بوتين في ختام القمة، السبت، إن ترامب سأله عن مزاعم التدخل الروسي في الاجتماع الذي دام أكثر من ساعتين لكنه بدا راضياً عن نفي زعيم الكرملين للتدخل.
وقبل القمة اتهم ترامب روسيا بالقيام بسلوك يتسبب في زعزعة الاستقرار في أوكرانيا وسوريا. لكنه اختار أن يتبنى لهجة تصالحية في هامبورغ ووصف اللقاء ببوتين بأنه شرف وعبر من خلال تصريحات أدلى بها وزير خارجيته ريكس تيلرسون عن تفضيله للتركيز على المستقبل بدلاً من الإسهاب في الحديث عن الماضي.
وقال تيلرسون: “كان اجتماعاً هاماً واستثنائياً”، ووصف التفاعل بين ترامب وبوتين بأنه يتسم “بتناغم إيجابي واضح جداً”.
وفي البيان الختامي أشار قادة باقي الدول الأعضاء في المجموعة إلى قرار الولايات المتحدة الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ ثم أعلنوا “أنها لا يمكن التراجع عنها”.
ومن جانبها أضافت الولايات المتحدة فقرة جدلية تقول إنها سوف “تجتهد لتعمل بشكل وثيق مع دول أخرى لمساعدتها على الوصول إلى وقود أحفوري واستخدامه بطريقة أكثر فاعلية ونظافة”.
وقاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساع لتخفيف اللهجة الأميركية.
وقال توماس بيرنز، الزميل البارز في مركز الابتكار الدولي للحكم الرشيد: “هناك إجماع واضح على غياب الولايات المتحدة.. لكن تلك هي المشكلة. في غياب أكبر اقتصاد في العالم ما الذي يمكنك أن تحققه؟”.
وقالت جينفر مورغان، وهي مدير تنفيدي في منظمة السلام الأخضر (غرينبيس) إن 19 دولة من مجموعة الدول العشرين “تمسكت بموقفها” ضد قرار ترامب “الرجعي” بالانسحاب من اتفاقية باريس.
وبالنسبة للتجارة والتي كانت نقطة شائكة أخرى اتفق القادة على “مكافحة الإجراءات الحمائية بما يشمل كل الممارسات التجارية غير العادلة وإدراك دور آليات الدفاع التي توفرها التجارة الشرعية في هذا المجال”.
كما تعهّد القادة بالعمل معاً لتعزيز التنمية الاقتصادية في إفريقيا وهو مشروع له الأولوية بالنسبة لميركل.
واختارت ميركل عقد القمة في مسقط رأسها في مدينة هامبورغ الساحلية لإرسال رسالة عن انفتاح ألمانيا على العالم بما يشمل تسامحها مع الاحتجاجات السلمية.
لكن على مدى الأيام الثلاثة للقمة نهب محتجون متطرفون متاجر وأحرقوا سيارات وشاحنات. وأصيب أكثر من 200 رجل شرطة في المواجهات واعتقل 143 شخصاً واحتجزت السلطات 122.
والتقت ميركل بالشرطة وقوات الأمن بعد القمة لتوجيه الشكر لهم ولإدانة “الوحشية التي تجاوزت الحد” من بعض المتظاهرين.