نعم، يمكن أن تخسر برباعية نظيفة والفريق مستحوذ بنسبة تتجاوز 70% على الكرة، هذا ليس أمراً غريباً، فقد شاهدنا أمثلة مشابهة خلال السنوات السابقة، وكانت جميعها لبايرن ميونخ وبرشلونة لأنهما الوحيدان اللذان يحققان نسب فلكية في الاستحواذ قبل أن ينضم إليهما مانشستر سيتي.
جوارديولا تلقى اليوم أثقل هزيمة في بطولات الدوري خلال مسيرته التدريبية بعد سقوط فريقه أمام إيفرتون برباعية نظيفة، مباراة تؤكد لنا أن المدرب الإسباني يعاني فعلاً في الدوري الإنجليزي، وأن سجله الضعيف منذ استلام الفريق لم يكن محض صدفة أو بسبب عدم انخراطه مع الأجواء.
البعض يرى أن جوارديولا يعاني في البريميرليج لأنه يصر على تطبيق فلسفته في دوري يعتمد بشكل رئيسي على اللعب المباشر، الأمر الذي جعله يفشل في الكثير من الاختبارات وبالذات الكبيرة منها.
في الحقيقة أنا أختلف بشكل جذري مع أنصار هذا الرأي، حيث أن فلسفة جوارديولا هي نفسها من هزمت آرسنال ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي في عدة مناسبات عندما كان مدرباً لبرشلونة وبايرن ميونخ، وشعرنا حينها أن هناك فوارق رهيبة في الجودة رغم أن الفرق الإنجليزية تملك أفضل النجوم في العالم تماماً مثلما هو الحال في البرسا والفريق البافاري.
المشكلة الحقيقة التي يعاني منها جوارديولا هي إصراره على فرض فلسفته على لاعبين لا يمكنهم تطبيق أفكاره في الملعب، فلو استثنينا ديفيد سيلفا وربما يايا توريه لا يوجد لاعب في مانشستر سيتي تشعر أنه قادر على الاحتفاظ بالكرة عندما يتعرض للضغط، حتى كيفين دي بروين أفضل لاعب في الفريق يظهر بشكل أفضل في المساحات ويلعب دائماً بشكل مباشر على المرمى.
الخاصية الثانية التي تنقص لاعبي السيتيزنز هي الذكاء الكروي، فخطط وتعليمات جوارديولا تتطلب قدر عالي من الذكاء والحنكة الكروية بالنسبة للاعبين، وهذا ما كان يخدمه في بايرن ميونخ وبرشلونة، فجميعهم لاعبين يمتازون بهذا الجانب مثل تشابي ألونسو، تشافي، إنييستا، ميسي، ألكنتارا، ليفاندوفسكي، روبن، ريبيري، مارتينيز، ألفيس ألابا والقائمة تطول.
أما القضية الثالثة والأخيرة هي أن جوارديولا ومع النجاحات الباهرة التي حققها خلال 7 سنوات أصبح مغروراً بفلسفته، فتحول الاستحواذ إلى غاية بعد أن كان وسيلة في برشلونة والبايرن، وهذا أسفر عن قرارات عشوائية مثل الاستغناء عن جو هارت، والدليل على ذلك أن الفريق لم يخلق سوى فرصة واحدة سانحة للتسجيل في مباراة اليوم رغم استحواذه 70%.
الفيلسوف كما يحبذ البعض تسميته، أصبح يهتم بكيفية الاستحواذ وتشريب فلسفته للاعبين أكثر من اهتمامه بوضع خطة حقيقية للوصول إلى مرمى الخصم، فلا نشعر أن هناك أي نهج يتبعه لاعبو السيتي في الملعب، هي مجرد تمريرات تتنقل بين أقدام اللاعبين، تنتظر لقطة إبداعية من دي بروين أو سيلفا أو غيرهم.