الدوحة – بزنس كلاس:
انطلقت أمس فعاليات الدورة الثانية عشرة لمؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط، وتستمر إلى نهاية اليوم الاثنين، يناقش فيها قضايا اقتصاد المنطقة والعالم ومستقبل الطاقة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودور الشباب في إعادة بناء المنطقة وتحديات وحلول القضايا المتعلقة بالمناخ والطاقة والمياه وتنامي التيارات القومية وآثارها على الاقتصاد العالمي، كما يبحث تطور العلاقات الأوروبية الأميركية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للهجرة على الدول المضيفة.
وبهذه المناسبة، شدد سعادة السيد علي شريف العمادي وزير المالية، في كلمته التي ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، على أن انعقاد هذا المؤتمر بصورة منتظمة منذ دورته الأولى عام 2006 وإلى الآن يجسّد القناعة والرؤية الثاقبة لدولة قطر بأهمية وضرورة ترسيخ الحوار الهادئ والبنّاء وسعيها الدؤوب للبحث الجاد وإيجاد حلول للمشكلات والتحديات التي تواجه دول المنطقة للوصول إلى عالم أكثر أمناً وازدهاراً.
الشرعية الدولية
وأضاف وزير المالية أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في ظل ما يشهده العالم من تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية وغيرها، تحمل في ثناياها مخاطر كثيرة تهدد النظام والأمن العالميين؛ قائلاً: «إن التطورات المتلاحقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تستدعي التعامل معها بأسلوب يحترم مبادئ الشرعية الدولية بمفهومها الحقيقي، ولا يكتفي برصد جميع الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، بل يتعين البحث في الطرق والوسائل الضرورية للالتزام بالمعني الحقيقي للشرعية الدولية بما تتضمنه من احترام لحقوق الإنسان وكفالة الاحترام المتبادل في العلاقات الدولية بعيداً عن الأهواء السياسية ومنطق فرض القوة».
واعتبر أنه من هذا المنطلق يتعين على الدول والأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية والإقيلمية الاضطلاع بمسؤولياتها والعمل على التمسك دائماً بحكم القانون وقرارات الشرعية الدولية، وأن تقوم العلاقات الدولية على مبادئ العدل والاحترام المتبادل والتمسك بضرورة تسوية المنازعات بطرق السلمية ونبذ اللجوء إلى القوة وأساليب الضغط الأخرى، بما يحافظ على مصالح الدول والشعوب في إطار مناخ يسوده الاستقرار والأمن والسلام.
الاستقرار السياسي
وأشار إلى أنه في هذا الإطار يجب الإقرار بحقيقة أن الاستقرار والنمو الاقتصادي لدول منطقة الشرق الأوسط وجميع الدول الأخرى يرتبط بتحقيق الاستقرار السياسي، مردفاً أن التحديات الأمنية في المنطقة ما زالت تمثل عائقاً كبيراً أمام إجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة، نتيجة استمرار أجواء التوتر وعدم الاستقرار بسبب تقاعس المجتمع الدولي وبخاصة القوى الفاعلة فيه عن تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية بشأن تطبيق وتنفيذ الشرعية الدولية على الوجه الصحيح، وإيجاد الحلول العادلة والمستدامة للقضايا التي تشهدها العديد من دول منطقة الشرق الأوسط، وتحقيق إرادة الشعوب وتطلعاتها المشروعة في الاستقرار والأمن والحرية.
تحفيز النمو
وأشار وزير المالية إلى أن العالم ما زال يبحث عن عوامل لتحفيز النمو الاقتصادي باعتبارها مدخلاً مهماً لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة وتوفير الاستقرار الذي تتطلع إليه الشعوب، الأمر الذي يتطلب مضاعفة جهود التعاون بين الدول والسعي الصادق لبلورة شراكات قوية وفاعلة بينها، وهو أمر بات حتمياً وضرورياً في ظل النظام العالمي متعدد الأقطاب والمصالح المتداخلة، وما أفرزته العولمة من حقائق وتحديات.
كما أكد على أن تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي -وبخاصة في الدول النامية والأقل نمواً- يتطلب من المجتمع الدولي وضع صيغ متجددة وفعالة للتعاون المثمر بين الدول، والاستمرار في مساندة جهود هذه الدول لبلوغ أهدافها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومجالاتها الأخرى، من خلال الوفاء بالالتزامات الدولية بشأن المساعدات الإنمائية بأشكالها كافة، بما يبعث الأمل أمام شعوب الدول الأقل نمواً في تحقيق تنمية مستدامة ويدعم جهود الاستقرار في العالم.
وأفاد في هذا الصدد أن دولة قطر، بفضل القيادة الحكيمة، تركز جهودها في تقديم المساعدات الإنمائية والوفاء بالتزاماتها الدولية في هذا الشأن في العديد من مناطق العالم.
رؤية 2030
وشدد على أن الدولة تسعى لتحقيق الرخاء والرفاهية والتنمية المستدامة للشعب القطري عبر تحقيق رؤية 2030 والخطط الاستراتيجية الوطنية المرتبطة بها؛ حيث استطاعت تحقيق معدلات نمو اقتصادي متميزة وإنجازات تنموية كبيرة خلال السنوات الماضية؛ مضيفاً أن هذا الأمر تؤكده التقارير الدولية والإقيليمية في العديد من المجالات، وبخاصة التعليم والصحة والعمل، وتفعيل دور الشباب، ومشاركة المرأة، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان.
مكافحة الإرهاب
كما اعتبر أن ظاهرة الإرهاب والتطرف باتت أحد أهم التحديات التي تواجه العالم ومنطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة؛ معتبراً أن أنماط الإرهاب متعددة، منها إرهاب الدولة والاحتلال والجريمة المنظمة؛ متابعاً في هذا السياق أن دولة قطر أكدت أكثر من مرة على إدانتها ورفضها لهذه الظاهرة المقيتة الخارجة عن تعاليم وقيم ومبادئ جميع الأديان السماوية التي تحرّم سفك الدماء وتدعو للسلم والتعارف وتكريم الإنسان؛ ومعرباً عن رفض دولة قطر في الوقت نفسه التعامل بمقاييس مزدوجة مع هذه الظاهرة أو ربطها بدين أو ثقافة بعينها.
كما شدّد على أن الحلول الجزئية للأسباب المؤدية إلى الإرهاب والتطرف لن تؤدي إلا إلى تفاقم أخطار هذه الظاهرة؛ موضحاً أنه يجب على المجتمع الدولي إيجاد الحلول الجذرية للأسباب الحقيقة للإرهاب والتطرف، والتي من بينها الظلم وغياب العدالة الاجتماعية والإقصاء والتهميش الذي لحق بالشعوب؛ مؤكداً على دعم دولة قطر المطلق لجميع الجهود المبذولة في إطار المجتمع الدولي للقضاء على هذه الظاهرة بأشكالها وصورها كافة.
كما أعرب عن يقينه بأن المستوى الرفيع للمشاركين فيه سوف يثري مناقشته بالآراء والاستنتاجات لتحقيق الأهداف المنشودة لهذا المؤتمر، وخاصة مع أهمية هذه الدورة للمؤتمر.
المؤتمر يجتذب مشاركين من 74 دولة
قال البروفيسور ستيفين سبيغل، مدير مركز تنمية الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا، ومدير الجلسة الافتتاحية في كلمته، بمؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط، إن الدورة الثانية عشرة للمؤتمر سجلت أعلى عدد حضور من الدول منذ بدء انعقاده في عام 2006، حيث مثّل المشاركون في المؤتمر نحو 74 دولة.
كما أشاد بالمؤتمر، الذي تستمر فعالياته على مدار يومين، قائلاً إن هناك تنوعاً كبيراً للمشاركين وخبراتهم، نظراً لتمثيلهم فئات مختلفة، تشمل حتى صانعي أفلام هوليود، وخبراء في الاقتصاد، والتحديات الاجتماعية، وغيرها من التخصصات التي ستعمل على إثراء النقاش في هذه الدورة من المؤتمر.
طريقة مبتكرة
من جانبه، أشاد السيد كلانتاثي سوفامونغون، وزير الخارجية التايلاندي السابق، بتنوع الموضوعات التي يناقشها المؤتمر في دورته الحالية، بالإضافة إلى تنوع الحضور.
وأضاف أن موضوعات النقاش التي تشهدها الجلسات المنعقدة خلال المؤتمر تم تصميمها بطريقة مبتكرة حتى تتيح نقاشاً متكاملاً لموضوعات مهمة، مثل الطاقة المتجددة، والأمن السيبراني، وحتى دور أفلام هوليود في رسم صورة عن الشرق الأوسط.
واعتبر سوفامونغون المؤتمر فرصة مثالية لتبادل الآراء والأفكار والتعارف بين المشاركين، ويعتبر منصة مثالية لطرح الرؤى والحلول المقترحة للتحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، معرباً عن إيمانه بأن خلق الصداقات وتبادل الأفكار بين المشاركين سيساهم في التعاون والتشارك مستقبلاً بين الدول الممثلة لهم.
أما الجنرال مارك برونفيتش النائب العام لولاية أريزونا، فقال إن العالم أصبح أكثر تعقيداً، وأصبحت العديد من المجتمعات تواجه نفس التحديات والصعوبات، الأمر الذي يتطلب العمل المشترك من أجل تحقيق السلام والأمن والرفاهية للمجتمعات.
وأوضح أن من أبرز التحديات التي أصبحت تواجه العديد من المجتمعات حالياً هي التحديات المتعلقة بالإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة، مشيراً إلى أن مواجهة تلك التحديات تتطلب عملاً جماعياً.