الدوحة – بزنس كلاس:
بدأت عملات دول الحصار كالريال السعودي والدرهم الإماراتي، بالتلاشي من سوق الصرافة في قطر بعد تراجع التعامل بها لنسبة 80% خلال الشهور الأخيرة من 2017. وأكدت شركات الصرافة في السوق أن عملات كل من تركيا والكويت وسلطنة عمان، إضافة إلى الدولار، حلت محل الريال السعودي والدرهم الإماراتي والدينار البحريني في التعاملات الشخصية بين الأفراد، بعد أن تم وقف التحويلات البنكية والمصرفية.
وأضاف مسؤولو شركات الصرافة أن السوق يشهد حالياً انتعاشاً في التعاملات على عملات الدول الصديقة لقطر التي ارتفعت التبادلات التجارية معها بصورة كبيرة خلال الشهور الماضية، بجانب انتعاش السياحة القطرية على هذه الدول، مما ساهم في زيادة الطلب على عملاتها.
وكشفت بعض شركات الصرافة عن تراجع المخزون – الرصيد – من عملات دول الحصار، إلى أدنى معدلاتها على الإطلاق، حيث لا تتجاوز قيمة التعاملات اليومية حالياً ألفي ريال، وأن الطلب يكون بصورة شخصية، لتمويل احتياجات بعض المسافرين من المقيمين إلى هذه الدول.
تعاملات شخصية
جمعة المعضادي الرئيس التنفيذي لشركة الدار للصرافة يؤكد أن الفترة الماضية ومنذ الحصار الجائر على قطر لم تشهد شركات الصرافة أي تعاملات كبيرة على عملات دول الحصار، خاصة الريال السعودي والدرهم الإماراتي، اللذين تراجع الطلب عليهما بصورة شبه كاملة، إلا من التعاملات الشخصية والفردية، التي يكون صاحبها مضطراً للتعامل بهذه العملات خلال سفره إلى الخارج.
ويضيف المعضادي أن التحويلات الفردية موجودة، ولكنها في أضيق الحدود وعلى الدرهم الإماراتي، أما الريال السعودي فإن التعاملات والتحويلات عليه منعدمة تماماً، بعد أن تم منع السفر والتعاملات التجارية والمصرفية مع دول الحصار.
ويوضح أن تراجع الطلب على هذه العملات لم يسبب أي مشكلة لشركات الصرافة، في ظل انتعاش الطلب على بقية العملات مثل الدولار والين والاسترليني والليرة التركية، إضافة إلى الدينار الكويتي والريال العماني اللذين يشهدان طلباً مرتفعاً في الوقت الحالي خلال إجازة نصف العام، وتفضيل عدد كبير من الأسر سواء من المواطنين أو المقيمين السفر إلى كل من الكويت وعمان لقضاء أيام الإجازة، بدلا من أوروبا بسبب الطقس البارد.
تعاملات قليلة
وحول الرصيد المتراكم من عملات دول الحصار الذي كانت تمتلكه شركات الصرافة يوضح المعضادى أن هذا الرصيد تم تصريفه كله من خلال التعاملات القليلة على هذه العملات، والطلب البسيط عليها، وبالتالي لا يوجد أي رصيد لدى شركات الصرافة من هذه العملات إلا الرصيد اليومي الناتج من التعاملات مثل البيع والشراء، حيث يطلب عدد من السائحين لقطر شراء هذه العملات ولكن بمبالغ صغيرة.
ويؤكد المعضادي أن التخلص من هذا الرصيد لم يسبب أي أزمة لشركات الصرافة، لأن تصريفه يتم بصورة دورية حتى انتهي تماماً من الأسواق، خاصة وأن بعض السائحين كانوا يملكون هذه العملات، وطلبوا تغييرها وهم في قطر، ويشير إلى أن العملات الأخرى مثل الدولار والعملات الأوربية متوافرة في السوق بدون أي مشاكل وبالمبالغ التي يطلبها العميل، في ضوء قرارات مصرف قطر المركزي التي تحدد مبالغ التحويل اليومية لكل فرد، موضحاً أن دول الكويت وعمان وسنغافورة وماليزيا قامت بتوفير هذه العملات لشركات الصرافة، التي استطاعت خلال أيام قليلة التغلب على أي مشكلة في توفير العملات الرئيسية في السوق، ويؤكد قدرة شركات الصرافة على تلبية طلبات الأفراد والشركات سواء للتعاملات الشخصية أو التعاملات البنكية لتمويل التجارة الواردة من الدول المختلفة.
احتياجات ضرورية
من جانبه يؤكد عصام النجار مدير الالتزام بشركة المدينة للصرافة أن التعاملات على عملات دول الحصار تراجعت بنسبة تراوحت بين %80 إلى %90 خلال الشهور الماضية، وأن الطلب في الوقت الحالي يكون لتلبية الاحتياجات الضرورية سواء من الريال السعودي أو الدرهم الإماراتي وبقية عملات دول الحصار، وكلها حوالات شخصية وليست بنكية.
ويوضح أن التحويلات البنكية لتمويل الواردات أو الصادرات والمعاملات التجارية تحولت إلى الكويت وسلطنة عمان وتركيا ودول أوروبا مباشرة بعد أن كانت تتم من خلال دبي، مشيراً إلى أن الطلب على عملات هذه الدول يشهد انتعاشاً خلال الموسم الحالي، بعد أن حلت محل الريال السعودي والدرهم الإماراتي والدينار البحريني، ويضيف النجار أن الرصيد من هذه العملات لا يتعدى رصيد التعاملات اليومية البسيطة، أما الرصيد السابق فقد تم تصريفه في السوق، من خلال الطلب على هذه العملات وإن كان قليلاً، إلا أنه موجود ولكن بمبالغ صغيرة جداً يحتاجها البعض خلال سفره خاصة السائحين الأجانب في قطر، ويؤكد النجار استقرار السوق المصرفي في الوقت الحالي، حيث تمكنت شركات الصرافة من توفير جميع احتياجات الأفراد والشركات من العملات الرئيسية، سواء الشراء المباشر من شركات الصرافة أو التحويلات الشخصية، حيث تم التعاقد من موردين للعملات الرئيسية في كل من الكويت وعمان وبعض دول آسيا مثل سنغافورة وتايلاند.
ويشير إلى أن الحصار ساهم في تنويع مصادر استيراد الدولار والعملات الرئيسية من دول أخرى بدلاً من الاعتماد على دولة واحدة أو دولتين، وبالتالي أصبحت هناك منافسة بين هذه الدول لتوريد الدولار إلى شركات الصرافة في قطر، مما حقق مزايا سعرية وتنافسية نتيجة لتعدد الخيارات، مما دعم السوق في قطر بصورة كبيرة خلال الشهور الماضية.
توقف الدرهم
ويتفق عمرو عبد الله مدير إدارة الفروع في شركة الجزيرة للصرافة مع الآراء السابقة في تراجع التعاملات على الريال السعودي بنسبة كبيرة بعد الحصار، باستثناء تعاملات البيع والشراء والتحويلات الشخصية، أما التعاملات على الدرهم الإماراتي فقد امتنعت تماماً وتصل حالياً إلى %0.
ويضيف عبد الله أن استيراد الريال السعودي والدرهم الإماراتي وبقية عملات دول الحصار توقف بعد الحصار مباشرة من قبل شركات الصرافة في قطر، كما أن المخزون الاستراتيجي من هذه العملات تم تصريفه في مدة لم تتعدى 20 يوماً بعد بداية الحصار، ويوضح أن العملات الخليجية لا تحقق أي أرباح لشركات الصرافة، والتعامل بها يكون من مبدأ توفير احتياجات العملاء من المواطنين والمقيمين، واكتساب ثقتهم في التعامل مع الشركات فقط، وبالتالي لم يكن هناك رصيد من هذه العملات على الإطلاق في شركات الصرافة ولكن رصيد التعاملات اليومية فقط، لذلك لا يمثل تصريف مخزون هذه العملات أي تأثير يذكر على شركات الصرافة على الإطلاق.
ويؤكد أن شركات الصرافة وعلى رأسها الجزيرة استطاعت خلال أيام قليلة بعد الحصار توفير كافة احتياجات المواطنين والمقيمين من عملات الدولار واليورو والاسترليني، وغيرها من العملات الآسيوية، وهناك ثناء من عملاء الشركة على جهودها في توفير الاحتياجات المختلفة من العملات.
ويضيف أن هناك طلباً ملحوظاً على العملات الأوربية والآسيوية خاصة هذه الأيام ونجحت شركات الصرافة في تلبية الطلب المتزايد على هذه العملات، سواء للأفراد في التحويلات الشخصية أو تلبية عمليات الشراء، أو احتياجات الشركات لتمويل عملياتها الاستيرادية المختلفة.
ويشير عبد الله إلى الإجراءات السريعة والفورية التي نفذتها شركات الصرافة لتوفير احتياجات السوق مما قلل من أثار الحصار في الأيام الأول، أما الوضع الحالي فليس هناك أي قيود على التحويلات أو الشراء في إطار القواعد والضوابط التي أصدرها مصرف قطر المركزي لتنظيم هذه العملية في شركات الصرافة. ويوضح عمرو أن الحوالات تشهد حالياً ارتفاعاً في معدلاتها السنوية بعد زيادة أعداد الوافدين إلى قطر وتوسع الشركات في تنفيذ المشاريع المختلفة بالدولة، إضافة إلى وجود خطوط استيراد جديدة مع الدول الأوربية والآسيوية لم تكن تشهد طلباً من قبل، ولكن مع تنوع الواردات اصبح هناك طلب على عملاتها أو الدولار بصفة عامة، وهو ما نجحت شركات الصرافة في توفيره بالسوق.
قطر المركزي
وكان مصرف قطر المركزي قد أكد تسارع وتيرة نمو موجودات قطاع شركات الصرافة من %10.3 سنة 2015 إلى %17.5 سنة 2016، وحدثت زيادة حادة في النقد والمعادن الثمينة، تليها زيادة في مستحقات البنوك، وبلغ إجمالي الموجودات في نهاية عام 2016 حوالي 1.5 مليار ريال، وتحسنت السيولة لدى محال الصرافة مع استمرار تحسن حصة النقد والمستحقات من البنوك في إجمالي الموجودات بشكل ملحوظ خلال عام 2016 عن العام السابق، كما تحسنت نوعية رأس المال خلال نفس الفترة بسبب الارتفاع الحاد في حصة رأس المال المدفوع في إجمالي رأس المال.
ومع نمو موجودات شركات الصرافة بالتزامن مع نمو موجودات البنوك ظلت نسبة موجوداتها إلى موجودات المصارف مستقرة عند %0.12 في السنوات الأربع الماضية.
ويقوم المركزي حالياً بالتنسيق مع شركات الصرافة للتعرف على أوضاع السوق وتسهيل حصول الشركات على الدولار من خلال استيراده من دول أوروبية وآسيوية جديدة، والموافقة فوراً على الاتفاقيات التي تبرمها شركات الصرافة مع هذه الدول لتوفير الدولار، كما يسعي قطر المركزي إلى استقرار السوق بالأسعار الرسمية، وتوفيره خلال موسم الإجازات، والموافقة على أي طلبات لشركات الصرافة طالما تتوافق مع القانون والضوابط التي يصدرها المركزي.
وأصدر مصرف قطر المركزي تعليمات مشددة إلى شركات الصرافة بمنع إرسال أي تحويلات بالمبالغ الكبيرة إلى الشركات والمؤسسات بالخارج إلا بعد التأكد من وجود خطاب من هذه الجهات بالمبلغ المطلوب، والغرض من التحويل سواء الدراسة او العلاج أو السياحة وغيرها من الأسباب، وذلك للتأكد من حقيقته والغرض من التحويل المالي.