لا يمكن لأحد أن ينكر بأن الضغط النفسي قد أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا والذي نشعر بثقله يجثم على كواهلنا للعديد بل حتى لأي سبب من الأسباب. نحن نسمح للضغط بالتأثير علينا في كل جانب من جوانب حياتنا ابتداءاً من المتطلبات المهنية ووصولاً إلى الحياة الخاصة وحتى الازدحام المروري على الطرقات قد يكون مسبباً للضغط النفسي، الأمر الذي بدوره يترك عواقباً خطيرة على صحتنا.
يؤثر الضغط النفسي علينا سواء من الناحية العاطفية أو الجسدية أو السلوكية، حتى لو كان الأمر يتعلق بمجرد تجاوبنا مع الحياة اليومية فإن التعرض إلى الكثير من الضغوطات قد يؤدي إلى شعورنا بالتوتر والقلق ويمكن له بكل تأكيد أن يتسبب بالحرمان من النوم.
وحول هذا الموضوع تحدث الدكتور إرشاد ابراهيم من مركز لندن لعلاج اضطرابات النوم بدبي قائلاً: “يتسبب الضغط النفسي بفرط نشاط هرمون الكورتيزول ما يسفر عن الإصابة باليقظة المفرطة ويرفع من تأهب الجهاز العصبي الودي (أو ما يطلق عليه أيضاً فرط التيقظ) الذي يؤدي إلى كبح عملية بدء النوم الاعتديادية، فهو يحد على سبيل المثال من عملية إفراز هرمون الميلاتونين”. ولذا فإنه ليس من المستغرب أننا لا نستطيع النوم عندما نكون معرضين للضغط النفسي!
تشتمل صعوبات النوم المرتبطة بالضغط النفسي على الأرق (الصعوبة في النوم و/أو في الاستمرار بالنوم/ والاستيقاظ في وقت مبكر جداً). ويترافق هذا عادة مع نوعية نوم سيئة وأعراض تعب وخمول خلال النهار. يعد النوم من أهم الطقوس في حياتنا اليومية والذي يحافظ على صحتنا البدنية والعقلية ويتيح لنا مواجهة التحديات على نحو فعّال.
ويكمل الدكتور إرشاد ابراهيم قائلاً: “إذا لم يتم التعامل مع الضغط النفسي فإنه سيتسبب على المدى الطويل بحدوث اضطراب مزمن في النوم ما يؤدي إلى القلق والإكتئاب وإلى اختلال وظيفي بنظام المناعة لدينا”.
كيف تعرف أنك مصاب بالضغط النفسي؟
هناك الكثير من الأعراض والعلامات الشائعة والتي على الرغم من أننا نلاحظها إلا أننا نفشل في أن ندرك أنها ليست سوى ضغوطات نفسية. ويعد كلاً من الاكتئاب ومشاكل النوم والقلق والتوتر وضعف التركيز والخمول بعضاً من العلامات الكثيرة التي يجب أن نتعامل معها. عند إهمال هكذا حالات لفترة طويلة جداً وعدم معالجتها يمكن أن تتعرض صحتنا للإرهاق وتتأثر عافيتنا. وعلاوة على ذلك فإن الضغط النفسي والحرمان من النوم يرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً لدرجة أنه يصعب تحديد ما إذا كان الضغط النفسي هو من تسبب بحرمانك من النوم أم أن العكس هو الصحيح. لكن أياً كانت أسباب حدوث كليهما، ينبغي التخطيط لبرنامج سلوكي ونوم جيد لضمان روتين وحياة صحية.
إذا كنت تفتقر للنوم بسبب الضغط النفسي فعليك مراقبة الأمور التالية:
الإفراط في العمل: لقد تم توجيه معظمنا لنكون مدمنين على العمل وغالباً ما نأخذه معنا إلى خارج حدود أماكن عملنا. قد يكون ذلك عبر إنجاز مهمات فعلية يتم إحضارها إلى المنزل للعمل عليها خلال الليل، أو عبر حضور دعوات رسمية حتى بعد الإنتهاء من يوم عمل مشحون، أو حتى عند التفكير بشأن وتيرة عمل اليوم التالي أثناء محاولة الخلود إلى النوم. إذا وجدت نفسك مستمراً في محاولة حل المشاكل في نهاية اليوم، وبأن الأفكار لا تترك عقلك بسلام، فقد يؤدي هذا إلى حدوث انقطاع في النوم في منتصف الليل أثناء انتقالك بين مراحل النوم.
الكافيين: يميل الناس المعرضون للضغط النفسي إلى استهلاك كميات كبيرة من الكافيين للحصول على دفعة من الطاقة التي تساعدهم على الاستمرار خلال اليوم. إلا أن الكافيين في الواقع يزيد من حدة مستويات الإجهاد ويؤثر إلى حد كبير على كمية ونوعية النوم الذي تحصل عليه. لا تدع عدة أكواب من القهوة تصبح عادة لمساعدتك على الاستمرار خلال يوم عمل مرهق.
روتين حياة شديد الإنشغال: جميعنا بشر ويجب أن نعمل فقط بمقدار ما تسمح به قدراتنا البدنية والعقلية. لا بد من أن يتسبب وضع جدول يفوق طاقتك وقدرة تحملك بالضغط النفسي والإجهاد ويستهلك من الوقت الذي عليك في الواقع تكريسه للنوم. لا ترغم نفسك على البقاء مستيقظا حتى وقت متأخر لتلحق بالمواعيد النهائية ولا تستيقظ مبكراً جداً سعياً للإنتاجية. تؤثر قلة النوم في الواقع على قدرتك على العمل بكل طاقاتك.
القلق: لقد اعتدنا على التفكير بأسوأ العواقب عند التعرض لصعوبة في أداء مهامنا. لا شك من أننا جميعاً نريد تقديم أفضل النتائج في العمل لكن من المهم أيضاً أن نفهم أن قدرتنا على الأداء ترتبط بالضغط النفسي والنوم والقلق. فكلما ازداد شعورك بالقلق عند التفكير في المواعيد النهائية للعمل، ازداد تعارض ذلك مع نومك وبالتالي تأثيره على توقعات الأداء.
إليك ما يمكن القيام به لتحسين الحد الأدنى من ساعات النوم المطلوبة في اليوم للحقاظ على الصحة وعدم التعرض للضغط النفسي:
لا تدع القلق والضغط النفسي يدخلان غرفة النوم.
لا تشاهد التلفاز أو تجري الاتصالات أو تتصفح الإنترنت قبل جدول نومك.
لا تفرط بتناول الوجبات الثقيلة أو شرب الكثير من الماء خلال اليوم،
تناول العشاء قبل 3 ساعات على الأقل من النوم.
قم بوضع جدول نوم واستيقاظ منتظم ولا تنحرف بعيداً عنه مهما كان العمل ملحّاً.
مارس التمارين الرياضية بانتظام لكن ليس في وقت قريب من موعد النوم.
تجنب أخذ قيلولة خلال النهار لضمان الحصول على نوم هانئ يمتد بين 7-8 ساعات خلال الليل.
مارس تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا أو التأمل قبل الخلود إلى النوم.
وأخيراً إذا لم ينجح أي مما سبق، لا تتردد في زيارة أخصائي في النوم. لا يوجد ضير من طلب المساعدة للحفاظ على توازن صحي في حياتك العملية من أجل الابتعاد عن الضغط النفسي والحرمان من النوم.
يُعد الاستيقاظ بشكل متكرر خلال الليل وعدم القدرة على النوم من الأعراض المقلقة والتي يمكن معالجتها عن طريق التحكم بالضغط النفسي. تحكّم بها الآن قبل أن يبدأ الضغط النفسي بالتحكم في روتين حياتك اليومي.