بنوك قطر تصفي استثماراتها من دول الحصار

الدوحة – بزنس كلاس:

تنتهي مجموعة من البنوك القطرية خلال الربع الأول من العام الحالي من بيع وتصفية عدد من استثماراتها بدول الحصار، تشمل مساهمات في بنوك تم الاستحواذ عليها، وشركات تساهم فيها بنسب مختلفة من رأس المال، وقالت مصادر مصرفية مطلعة: إن قرار البنوك يأتي في ضوء الإجراءات التي اتخذتها دول الحصار ضد الاستثمارات القطرية بها، والتضييق على وجودها في السوق، من خلال إصدار تعليمات غير مباشرة بعدم التعامل مع هذه الكيانات الاقتصادية، سواء أكانت بنوكاً أم شركات تابعة لها، إضافة إلى منع المسؤولين القطريين من السفر إلى هذه الدول لإدارة استثماراتهم ومتابعتها، مما يعرضها للخسائر بدون أسباب حقيقية.
يبحث البنك التجاري حالياً العرض المقدم من أحد المستثمرين لشراء حصة «التجاري» في البنك العربي المتحد، والتي تبلغ 40 % من رأس المال، بعد أن تم مد المهلة الممنوحة لعملية الشراء حتى يناير الحالي، وكان «التجاري» قد أعلن في أكتوبر الماضي أن شركة تبارك للاستثمار -المملوكة من قبل شركة تبارك للاستثمار التجاري شركة الشخص الواحد- أبدت اهتمامها بشراء حصة «التجاري» في «العربي المتحد» الذي تأسس في 1975، ويضم 14 فرعاً موزعة في كل أنحاء دولة الإمارات، وتوقعت تقارير اقتصادية أن تبلغ قيمة الصفقة 805 مليون ريال «217 مليون دولار».

مراجعة شاملة 
وكشفت المصادر أن البنوك المحلية قامت خلال الفترة الماضية بعمليات مراجعة شاملة لفروعها في دول الحصار، بعد أن بدأت هذه الدول محاولات للتضييق ومنع الفروع من التوسع في عملياتها المصرفية خلال شهور الحصار، وإعداد تقارير أسبوعية عن نشاطها المصرفي في تلك الدول، وعرضها على مجالس الإدارة وإدارة المخاطر بها، لتقييم أوضاع البنوك في ظل الحصار على تلك الفروع، والمحاولات المباشرة وغير المباشرة للتأثير عليها.

نظام فعّال 
بدوره، يؤكد السيد عبدالله الرئيسي الخبير المصرفي أن استراتيجية مصرف قطر المركزي في التعامل مع دول الحصار، تتضمن تقييم العمليات المصرفية
من قروض وتمويلات وإيداعات وسحوبات وتحويلات خارجية، مع الاستناد إلى قواعد «العناية الواجبة»، آخذاً في الاعتبار جميع الاعتبارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والجغرافية.
كما تتضمن تلك الإجراءات، وضع نظام فعّال للتقارير الإدارية في كل بنك، وعرضها على المستويات المختلفة، وصولاً للإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة، على أن تضطلع إدارة المخاطر بالبنك بدراسة هذه التقارير، وتقييمها في ضوء تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية.
ويشير إلى إلزام «المركزي» مجالس الإدارات بإعادة تقييم الاستراتيجيات والسياسات والسقوف على الأقل، وتقييم المخاطر التي يتعرض لها البنك في كل دولة، والتعديل اللازم في ضوء تغير الظروف، مع إجراء اختبارات الضغط للتعويضات الدولية بصفة دورية.

استثمارات البنوك
ويوضح أن هذه الإجراءات تأتي لحماية استثمارات البنوك بالخارج، والتسهيلات الائتمانية التي تقدمها بالخارج وتحويلاتها المالية في عدد من الدول، ومنع التعرض لمخاطر هذه الدول، كما تهدف إلى الحد من المخاطر التي تتعرض لها فروع هذه البنوك بدول الحصار، وإلزام البنوك المحلية بتوخي الحيطة والحذر عند التعامل، وأخذ الاحتياطات اللازمة التي تضمن استيفاء حقوق البنك.
ويؤكد أن البنوك القطرية حققت أرباحاً قياسية خلال العام الماضي، بالرغم من الحصار الجائر على قطر، كما توسعت محلياً وخارجياً بصورة طيبة، في الوقت الذي تراجعت فيه أرباح عدد كبير من البنوك الإقليمية والعالمية .. ويضيف أن الأداء الجيد للبنوك في قطر يأتي انعكاساً لقوة الاقتصاد القومي، وهو ما يصب في زيادة أعمال وأنشطة البنوك المحلية، التي عليها أن تواجه هذه الطفرة الكبيرة في المشاريع، وتوفير التمويل اللازم لها من خلال التسهيلات الائتمانية .. ويتوقع الرئيسي استمرار الأداء الجيد للبنوك المحلية في العام الجديد 2018.

فشل الحصار
من جانب آخر، يؤكد الخبير المالي والمصرفي عبدالله الخاطر على قوة البنوك القطرية وأوضاعها المالية، بدليل الأرباح التي حققتها في 2017، وتم الإعلان عنها، مشيراً إلى أن البنوك المحلية لا تعتمد على أسواق دول الحصار بدرجة كبيرة في الوقت الحالي، في ظل توسعها محلياً وعالمياً، وافتتاح عدد من الفروع بالسوق المحلي الذي تعتمد عليه هذه البنوك، بجانب التوسع عالمياً في الأسواق الدولية، واستغلال عدد من الفرص الاستثمارية الجيدة.
ويؤكد أن المراكز المالية للبنوك المحلية أثبتت أن الحصار فشل في التأثير عليها بعد الأيام الأولى منه، حيث استطاعت -بالتنسيق مع مصرف قطر المركزي- اتخاذ التدابير المناسبة، التي تحمي هذه البنوك وأموالها في دول الحصار، مع إعداد التقارير الدورية للتعرف على أنشطة البنك وأعماله، ومدى التأثير الذي تم عليها خلال الشهور الماضية.

ميزانية قوية
ويضيف أنه رغم الحصار، فإن ميزانية البنوك المحلية ارتفعت بصورة قياسية في نهاية العام الماضي 2017، حيث وصلت قيمتها إلى 1,363.6 تريليون ريال، بزيادة قاربت 50 ملياراً خلال النصف الثاني من العام، حيث كانت 1,305 تريليون في يونيو الماضي، وهي فترة الحصار على قطر، كما ارتفعت ودائع الحكومة خلال النصف الثاني إلى 315.4 مليار ريال، مقابل 242.2 ملياراً في منتصف العام، بزيادة قدرها 73.2 مليار ريال في 6 أشهر فقط، كما ارتفعت ودائع القطاع الخاص إلى 356.5 مليار ريال في نهاية العام، مقابل 345 ملياراً في يونيو، بزيادة قدرها 11.5 مليار ريال.
أما قروض الحكومة، فقد ارتفعت إلى 341.7 مليار ريال، مقابل 314 ملياراً، بزيادة قدرها 27.7 مليار ريال، كما ارتفعت القروض التي حصل عليها القطاع الخاص، لتصل إلى 461.5 مليار ريال حتى نهاية العام، بزيادة قدرها 13 ملياراً خلال النصف الثاني.

الحوالات المصرفية
ويشدد الخبير المالي قاسم محمد قاسم على أن الجهاز المصرفي قوي ومصرف قطر المركزي يتابع أوضاع البنوك بالداخل والخارج ، كما أن المؤشرات السابقة تؤكد -بما لا يدع مجالاً للشك- أن تأثير الحصار الجائر على البنوك المحلية لم يستمر سوى أيام معدودات هي الأولى، حيث تم تدارك الموقف على الفور، رغم بعض الإجراءات التي نفذتها دول الحصار على البنوك المحلية، خاصة ما يتعلق بالحوالات المصرفية الشخصية، بعد أن تم منع الحوالات البنكية بين الشركات أو تحويلات الاستيراد.
ويضيف أنه يجب مراجعة أوضاع الفروع في دول الحصار بصفة مستمرة، وإذا كانت هناك أية عراقيل تضعها دول الحصار، فيجب اتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجتها، موضحاً أن بعض البنوك بدأت بالفعل في بيع أصولها واستثماراتها بعدد من دول الحصار، حماية لأموالها وحقوقها، خاصة إذا كان العائد على هذه الاستثمارات لا يحقق المرجو منه.
ويضيف أن التشريعات والتعميمات التي أصدرها مصرف قطر المركزي كانت متوافقة مع الأداء العالي للبنوك، حيث واصل «المصرف» رقابته وإشرافه بمزيد من الشفافية والإفصاح، مع تطبيق المرحلة الأخيرة من معايير «بازل 3»، حيث تم تحديث وتعديل هذه المعايير بما يتناسب مع أوضاع البنوك والمعايير العالمية التي أصدرتها لجنة بازل.
وحول توقعاته خلال العام الجديد، يؤكد أنه من المنتظر زيادة أرباح البنوك، والتوسع في أعمالها بعد التنمية الشاملة التي تمر بها البلاد حالياً، وزيادة أعداد المشروعات والاستثمارات لمستوى قياسي رغم الحصار الجائر على قطر.
ويوضح أن دور البنوك سيكون محورياً خلال الفترة المقبلة، من خلال تمويل المشروعات بأنواعها كافة، كما أن زيادة موارد الدولة من النفط والغاز والمشروعات الأخرى تساهم في تطوير أداء البنوك، وزيادة أعمالها، وتوسع خدماتها سواء للأفراد أم الشركات.

Previous post
الأرصاد: تحذير من رياح قوية وأمواج عالية
Next post
العمادي: الحصار فشل بعزل قطر