وبحسب الخبراء، فإن الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعتها قطر في السنوات الماضية مع العديد من الدول، كتركيا، وبريطانيا، وغيرها، ستكون أسواقاً بديلة تمد البلاد بالسلع الرئيسية.
أسواق بديلة
تتجه الأنظار القطرية حالياً إلى تعزيز الشراكات الاقتصادية مع العديد من الدول المجاورة، فضلا عن أن السوق الكويتية لا تزال مفتوحة أمام الحركة التجارية مع قطر، حيث تشكل منفذاً اقتصادياً، تضاف إليها السوق العمانية التي أصبحت ممراً بديلاً للسفن والبضائع المتوجهة إلى قطر.
كذلك الأمر بالنسبة إلى السوق التركية. وبحسب البيانات الرسمية، فإن حجم استثمارات الشركات التركية في قطر وصل إلى نحو 11.6 مليار دولار، فيما تحتل الاستثمارات القطرية في تركيا المرتبة الثانية من حيث الحجم لتبلغ نحو 20 مليار دولار، وتتركز في قطاعات الزراعة والسياحة والعقارات والبنوك.
ويقول الخبير الاقتصادي التركي، يوسف كاتب أوغلو، إن تركيا تعتبر قطر حليفاً وشريكاً اقتصادياً مهماً، وهناك الكثير من الاتفاقات بين البلدين في مجالي الطاقة والتجارة، مشيراً إلى أن تركيا تعد دولة داعمة ومساندة لقطر، خاصة في تصدير المنتجات الزراعية والصناعية.
العلاقات البريطانية – القطرية
وتعد بريطانيا من أبرز المحطات الاستثمارية لقطر. وتعتبر الدوحة ثالث أكبر سوق للصادرات البريطانية في المنطقة العربية، حيث تشير أرقام وزارة التجارة البريطانية إلى أن حجم الصادرات البريطانية يقدر بحوالى 5 مليارات جنيه إسترليني سنوياً (6.15 مليارات دولار). كما لدى قطر استثمارات ضخمة في بريطانيا تقدر بحوالي 30 مليار إسترليني (حوالي 36.9 مليار دولار)، حسب أرقام وزارة التجارة البريطانية.
وشهدت المملكة المتحدة في مارس/آذار الماضي فعاليات منتدى الاستثمار القطري البريطاني الذي أعلنت خلاله الحكومة القطرية عن ضخ استثمارات تصل إلى 5 مليارات جنيه إسترليني، وتعزيز التجارة بين البلدين.
العلاقات الأميركية – القطرية
ولا يختلف الحال كثيراً مع الولايات المتحدة، التي تشير البيانات الرسمية إلى أن قطر تعد أحد أكبر المزودين لسوق الطاقة الأميركية في قطاع الغاز الطبيعي المسال. كما تحتل قطر المركز الخامس عالميا من حيث حجم الاستثمار في السندات الأميركية، فضلا عن استثمارات مباشرة بعشرات مليارات الدولارات في العقارات والبنوك والأسهم.
الأسواق الروسية والإيرانية
رغم التزام القيادة السياسية الروسية بالحياد في تصريحاتها بشأن أزمة قطع العلاقات الدبلوماسية بين قطر والدول الخليجية الثلاث، تساءلت الصحف الروسية في أعدادها الصادرة أخيراً، عن تأثير الأزمة الراهنة على العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين موسكو والدوحة، والتي شهدت تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة.
وذكرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” أن قطع العلاقات الدبلوماسية قد يدفع بقطر نحو البحث عن شركاء اقتصاديين جدد، من بينهم روسيا.
ونقلت الصحيفة عن مصدر بوزارة الخارجية القطرية قوله إن “الدوحة وموسكو تتعاونان في مختلف المجالات، وهناك استثمارات متبادلة، ولا أرى عوائق أمام تعزيز العلاقات”.
وتمكنت روسيا وقطر من إتمام بضع صفقات كبرى توجت في نهاية العام الماضي ببيع 19.5% من أسهم “روس نفط”، أكبر شركة نفط في روسيا والخاضعة لعقوبات غربية، لتحالف جهاز قطر للاستثمار وشركة “غلينكور” السويسرية مقابل 10.5 مليارات يورو، في ما يعتبر أكبر صفقة خصخصة في تاريخ روسيا ساعدت في دعم الميزانية وكسر حصار العقوبات.
من جهته، اعتبر رئيس اتحاد الصادرات الإيرانية، محمد لاهوتي، في حديث لوكالة مهر للأنباء الإيرانية، أن قطع علاقات دول الخليج مع دولة قطر يشكل فرصة استثنائية للاقتصاد الإيراني، مؤكداً أن حجم السوق المتوقعة أمام إيران يقدر بما يراوح بين 4 إلى 5 مليارات دولار.
كما صرح مسؤول في شركة المطارات الإيرانية للوكالة ذاتها، أن جميع رحلات الخطوط الجوية القطرية ستعبر من الأجواء الإيرانية نحو أوروبا وأفريقيا.
كما أبدى رئيس نقابة مصدري المحاصيل الزراعية في إيران، رضا نوراني، استعداده لتصدير مختلف المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية الى قطر عبر 3 موانئ في جنوب إيران.
وقال رضا نوراني، في تصريح لوكالة أنباء “فارس” الإيرانية الإثنين الماضي، إن الحدود البرية الوحيدة لقطر هي مع السعودية، إلا أن إيران تعتبر الأقرب بحريا لهذا البلد وتستطيع شحن المواد الغذائية إليه في غضون 12 ساعة.
الأسواق اللبنانية
منذ إعلان المقاطعة الخليجية لقطر، سارعت العديد من الدول لفتح أسواقها، أو حتى مجالها الجوي، حيث أكد رئيس نقابة الوكلاء البحريين في لبنان حسن الجارودي، لأحد المواقع الإخبارية المحلية، أن التداعيات قد تقتصر على إقفال المجال الجوي وتحديداً السعودي، أمام شركات الطيران الوطنية القطرية، الأمر الذي قد يسمح لشركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية في أن تصبح البديل لحركة المسافرين، كون الحظر الجوي السعودي لا يسري عليها، وهذا ما يتيح لها نقل الركاب من قطر إلى لبنان أو إلى أي وجهة أخرى.
كما اعتبر أن لبنان قد يتحوّل إلى المنفذ الجوي والبحري أيضاً لقطر، وقال إن “الحظر يشمل السفن والبواخر التي ترفع علم قطر وحدها، بينما تستطيع شركات الشحن العالمية أن ترسو في الموانئ السعودية أو القطرية وغيرها”.
يذكر أن قيمة التبادل التجاري بين قطر ودول الخليج بلغت في العام الماضي 37.9 مليار ريال (10.4 مليارات دولار)، بنسبة 11.7% من إجمالي التبادل مع دول العالم البالغ نحو 324 مليار ريال (89 مليار دولار)، بحسب بيانات وزارة التخطيط القطرية.
وكان رئيس غرفة التجارة في قطر، الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني، أكد في تصريحات له، أن الاقتصاد القطري قوي بما يكفي لتجاوز الأزمة الحالية، لافتاً إلى أن “قطر لديها بدائل عديدة للحفاظ على وتيرة استيراد السلع الغذائية والاستهلاكية وضخها للسوق المحلي، إذ إن إمدادات السلع لن تتأثر بهذه المقاطعة”.
وكشف رئيس الغرفة عن امتلاك قطر مخزوناً استراتيجياً من السلع الغذائية الأساسية يكفي السوق القطري لأكثر من 12 شهراً، وأن أكثر من 95% من هذه السلع والمواد تصل إلى قطر من خلال البحر والجو، في حين أن نسبة 5% فقط هي التي تصل عبر الحدود البرية، وهي نسبة لا تشكل أزمة لاقتصاد البلاد.