أبوظبي – وكالات – بزنس كلاس:
رغم الوضع الاقتصادي الممتاز للإمارات العربية المتحدة قياساً بكثير من دول العالم إلا أن توزيع الدخل في بلد “وزارة السعادة” لا علاقة له بالعدالة ليس على مستوى الأفراد بل على مستوى الإمارات السبعة التي تشكل الدولة بكلها الحالي. حيث تخفي البنايات الشاهقة وعلامات الثراء الفاحش التي تبدو في الإمارات، وخصوصاً في إمارتي أبوظبي ودبي خلفهما الكثير من مظاهر الفقر في الدولة، التي يضرب الإعلام عليها سياجاً من السرية، باعتباره أمراً يشوه الصورة الحضارية للدولة.
ففي الإمارات الشمالية (الفجيرة، أم القيوين، عجمان، رأس الخيمة) تحديداً، تبدو الفروقات واضحة في مستويات المعيشة والخدمات وجودة الحياة التي يتلقاها الإماراتيون فيها، مقارنة بتلك التي يحظى بها رصفاؤهم في العاصمة أبوظبي وإمارة دبي.
وتبدأ الفروقات بين المواطنين في الإمارات الشمالية ورصفائهم في أبوظبي ودبي، من إصدار جواز السفر وخلاصة القيد. فلا يجوز لمواطني الإمارات الشمالية إصدار جوازات سفر من أبوظبي ودبي، وهو ما يعني أنك لست مواطنا “محلياً” في هاتين الإماراتين، وإنما مواطن “اتحادي”.
والمواطنون الاتحاديون، تخدمهم الوزارات الحكومية الاتحادية التي تعاني مشكلات إدارية كبيرة وضعف الميزانيات ورداءة الخدمات، وفق ما يؤكده الواقع. أما المواطنون المحليون، في أبوظبي ودبي، فتخدمهم مؤسسات ودوائر حكومية محلية قوية إدارياً وبميزانيات كبرى وخدمات ذات جودة عالمية، وفي نفس الوقت، يحق للمواطن المحلي في دبي وأبوظبي الانتفاع بخدمات الحكومة الاتحادية، والعكس غير صحيح.
وميزانية الحكومة المحلية التي تخدم مواطني أبوظبي مثلاً، تصل إلى 100 مليار درهم سنوياً، وميزانية مواطني دبي لعام 2015 بلغت 41 مليار درهم. أما ميزانية الحكومة الاتحادية بما تشمل أبوظبي ودبي أيضاً بلغ 48 مليار درهم لعام 2016.
وتبلغ رواتب موظفي أبوظبي ودبي في الحكومة المحلية 7 أضعاف رواتب مواطني الإمارات الشمالية، وفقاً لدراسة للأكاديمي الإماراتي الدكتور يوسف خليفة اليوسف. كما يعيش مواطنو أبوظبي ودبي نهضة حقيقية وتنمية بشرية واقتصادية، ويتمتعون ببنية تحتية تفوق كثيراً ما يحظى به نظيرهم في الإمارات الشمالية. وبينما تتوفر لمواطني أبوظبي ودبي مشروعات تنموية ضخمة وخدمات صحية وعلاجية عالية الجودة، تفتقر الإمارات الشمالية للكثير من الخدمات مثل إنارة الشوارع ورصف الطرق وتعاني نقصاً في المستشفيات والتخصصات والأطباء.
وتقدّر دراسة عُرضت في ندوة لمجلس دبي الاقتصادي، وأعدّها كبير الاقتصاديين في مجلس دبي الاقتصادي، الدكتور عبدالرزاق الفارس، أن «16.9% من السكان في الإمارات فقراء»، بينما تفيد بيانات متوفرة لدى وكالة المخابرات المركزية بأن نسبة الفقر في الإمارات تصل 19.5%.
وأفادت الدراسة التي أعدّها كبير الاقتصاديين في مجلس دبي الاقتصادي، الدكتور عبدالرزاق الفارس، بأن «7.2% من المواطنين فقراء، بينما يبلغ معدل الفقراء من غير المواطنين نحو 13.9%».
ومع وجود هذا الفقر والمستوى المتدني من الخدمات، لا تكتفي أبوظبي بإضاعة أموال الشعب الإماراتي على البذخ والرفاهية الجوفاء فحسب، بل توسع دائرة إنفاقها وإهدار المليارات إلى خارج أراضيها، فخلال السنوات الأخيرة قدمت إمارة التآمر دعماً مالياً وعسكرياً فاق التصور للثورات المضادة في دول الربيع العربي، خاصة في مصر وليبيا واليمن وسوريا.
وبشكل عام، موّلت الإمارات حروباً خارجية تحت مسميات عديدة بهدف تدمير ثورات الربيع العربي، فموقف أبوظبي المناهض لثورات الشعوب دفعها لاحتضان ودعم رموز الثورات المضادة من كل مكان، كما أنها وفرت بيئة ملائمة لاحتواء الفارين من العدالة مثل أحمد شفيق ومحمد دحلان وأسرة بشار الأسد ونجل علي عبدالله صالح، فضلاً عن فتح خزائنها لوسائل الإعلام الساعية لهدم الربيع العربي في الداخل والخارج، وهو ما يجعلها بحق إمارة الأموال الضائعة.
وامتد هذا الدور إلى شن حملة إعلامية ضد قطر في الغرب وتشويه سمعتها مقابل دفع ملايين الدولارات للمؤسسات الصحفية. ونشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالاً مطولاً حول هذا الأمر، قالت فيه إن الإمارات أنفقت مليارات الدولارات لتحقيق هذه الأدوار الخبيثة، حيث وظفت أبوظبي شركة استشارات أمريكية، وهي مجموعة كامستول، وتظهر سجلات هذه الشركة وجود محادثات بينها وبين الصحفيين الذين كتبوا بشكل متكرر مقالات تنتقد قطر، وقدمت الإمارات الملايين من الدولارات لهذه الشركة، وأنفقت وقتًا طويلًا في إقناع أصدقائها من الصحفيين لنشر القصص المعادية لقطر، ونجحت في ذلك إلى حد كبير.
وحسب الصحيفة الأمريكية قامت الإمارات بدفع ملايين الدولارات للصحفيين في أهم الإصدارات الغربية، ومنهم لايلي لايك من مجلة ديلي بيست، وألانا جودمان من مجلة فري بياكون، وإليوت أبرامز، وجينيفر روبين من الواشنطن بوست، ومايكل روبن من معهد إنتربرايس الأمريكي.
وقدمت أبوظبي لمصر مليارات الدولارات لإسقاط الرئيس محمد مرسي. واستمر هذا الدعم لنظام السيسي، حيث يقدر ما تم تقديمه للسيسي بحوالي 40 مليار دولار في السنوات الأربع الماضية.
وفي ليبيا، يعد اللواء خليفة حفتر أبرز من زاروا الإمارات وتلقوا الدعم من حكامها، ولا يخفى على مراقب ما يتم تقديمه لحفتر من أموال ومعدات عسكرية قادمة من الإمارات. وأرسلت الإمارات في 2014 العشرات من الطائرات المقاتلة للقيام بمهمات قتالية دعماً لحفتر، كانت الإمارات قد شاركت الولايات المتحدة وحلفاؤها عملياتهم العسكرية في ليبيا في 2011. ودفعت الإمارات نفقات الحرب والتدخل المصري في ليبيا إلى جانب حفتر، والتي تقدر بمليارات الدولارات.
وذكرت صحيفة “فاينناشال تايمز” البريطانية أن الإمارات تضخ أموالاً طائلة لمحاربة الإسلام السياسي في المنطقة. وفي تسريبات سابقة، ذكرت أن عبدالله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي اتصل شخصيًا بأحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس اليمني المخلوع وبلغه استعداد الإمارات لدعم ترشيحه للرئاسة في 2014، وأن الإمارات ستقدم المليارات لدعم ترشيحه، في أمر يرسم علامات استفهام كبيرة حول الدور الذي تقوم به الإمارات عسكريًا في الأراضي اليمنية في الوقت الحالي.
ولم يقتصر الدعم الإماراتي على المنطقة العربية فقط، بل امتد للقارة السمراء، حيث دعمت الإمارات الحملة العسكرية الفرنسية على مالي وإفريقيا الوسطى في يناير 2013 مالياً وعسكرياً.