على مدى السنوات القليلة الماضية، برز نجم ريهانا واحتلّ اسمها أبرز عناوين الصحافة الفنية حول العالم.
لقد كانت ريهانا شابة سمراء خجولة من جزيرة باربادوس التي يسمع الكثيرون بوجودها. صوتها القوي وموهبتها الفنّية، أداؤها المميز و شخصيتها غير العادية، كلها عوامل جعلتها تتحول بسرعة قياسية إلى نجمة الجيل الجديد من الشباب.
قبل سنوات قليلة، كان الأهالي ينظرون إلى ريهانا على أنها نموذج رائع لأبنائهم، ورمز يُحتذى به، لكن المغنية التي نافست مادونا بنجوميتها، عرفت أوقاتاً عصيبة جداً عندما وقعت ضحيّة العنف الذي مارسه عليها صديقها وحبيبها.
كان ألمها مضاعفاً؛ ألم التعرّض للعنف وألم الشعور بالخيانة.
لا شكّ في أن هذا الحادث الذي تداولت به كل وسائل الإعلام وانتهى بإصدار المحكمة أمراً يمنع كريس براون من الاقتراب مجدداً من ريهانا، كان بمثابة مفترق طريق في حياة ريهانا. الفتاة الخجولة، المراهقة التي لا يعنيها إلا الغناء والاستعراض، المرأة التي كانت تستعرض جمال قوامها و جاذبيتها كلما سنحت لها الفرصة، تغيّرت كثيراً. كبرت فجأة، وقرّرت أن تنتقم. لكن انتقام ريهانا لم يكن سلبياً، بل على العكس تماماً. لقد حوّلها إلى سيدة تستحق كل التقدير والاهتمام.
فما الذي فعلته ريهانا تحديداً؟
لقد قرّرت النجمة السمراء أن تملأ حياتها ووقتها بالكامل. لم تعد تكتفي فقط بالموسيقى والغناء و إحياء الحفلات الضخمة، أرادت ما هو أبعد من ذلك بكثير، فبدأت أولاً بإطلاق أول خط من الملابس الرياضية بالتعاون مع Puma تحت اسم Fenty. هذا الخط سرعان ما حقق نجاحاً كبيراً، ولا سيما أنه كان في الكثير من الأحيان، مستوحى من ستايل ريهانا الذي يعشقه الملايين.
بعد عامين تقريباً، فاجأت ريهانا الجميع بإطلاقها خطاً ثانياً كان عبارة عن مستحضرات مكياج تحت اسم Fenty Beauty، حقق نجاحاً منقطع النظير إذ قيل إن المستحضرات نفدت بسرعة البرق من الأسواق. ولم تمضِ سوى سنة واحدة تقريباً، حتى أتبعته ريهانا بخط آخر كان عبارة عن ملابس داخلية، حظي بنفس المستوى من النجاح. وما بين خط المكياج و خط الملابس الداخلية، تعاونت النجمة مع دار Chopard لإطلاق خاص من المجوهرات حمل اسم Rihanna Loves Chopard، كما كان لها تعاونات مختلفة مع العديد من الدور الأخرى من بينها Dior، Chanel، Gucci وغيرها.
ما الذي يعنيه هذا؟
لقد تحوّلت النجمة إلى سيدة أعمال من الطراز، والتأثير الذي كانت تتمتع به كمغنية، امتدّ ليطال أيضاً عالمَي الموضة والجمال.
فما هو التحول الكبير الذي أحدثته ريهانا في عالم التجميل؟
ما زالت إطلالات ريهانا تلهم الملايين. اليوم، على الرغم من أنها اكتسبت بعض الوزن الزائد، حافظت ريهانا على لقبها كرمز للموضة العصرية، كما حافظت على احترام وتقدير دور الأزياء لها، ففي كل ظهور لها، ما زلنا نراها تتألق بملابس أهم العلامات.
لكن تأثير ريهانا الأكبر اليوم يتعلق بصناعة الجمال.
عندما أطلقت علامة Fenty Beauty العام الماضي، قدّمت ريهانا 40 درجة لونية من كريمات الأساس وخافي العيوب. ما الذي يعنيه هذا؟ لقد كان بمثابة دليل قوي على تعدّد الأعراق و ألوان البشرة ودرجاتها، ودعوة لاحترام هذه الاختلافات، وللاعتراف بأن الجمال لا يقتصر فقط على ذوات البشرة الفاتحة و الشعر الأشقر.
ما فعلته ريهانا دفع بأهم علامات المكياج الأخرى لكي تحذو حذوها، نذكر على سبيل المثال CoverGirl، Revlon، Smashbox ، Tarte، وأخيراً Dior الذي رفعت النقاب عن إضافتها الجديدة إلى مجموعة Backstage Pro الأيقونية، التي ضمّنتها 40 درجة لونية من كريمات الأساس التي تناسب كل ألوان البشرة!
ليس هذا فحسب، بل طُرحت هذه المستحضرات بأسعار منخفضة عن العادة، وبحسب الخبراء في صناعة الجمال، يحمل ذلك رمزية واضحة على الدور الكبير الذي أدّته ريهانا في إعادة تحديد مفهوم الجمال و تحويله من ظاهرة نخبوية، إلى ظاهرة أكثر شعبية وأكثر واقعية.
ريهانا لم تكن الأولى!
في الواقع، قبل أن تطلق ريهانا Fenty Beauty و كريماتها الـ40، كانت العديد من العلامات الأخرى قد فعلت الأمر نفسه. Makeup Forever على سبيل المثال كانت قد طرحت 40 درجة من كريمات الأساس عام 2015، لكن ريهانا فعلت أمراً في غاية الذكاء. لقد استغلّت لون بشرتها السمراء، لتروّج لمستحضرات تليق حصراً بالسيدات اللواتي يشاركنها نفس لون البشرة. فمن بين الدرجات الـ40 التي قدمتها، أكثر من نصفها كان يليق بصاحبات البشرة السمراء بمختلف درجاتها. لقد شعرت السيدات السمراوات بأن ريهانا أعادت لهن حقهنّ الكامل عندما خصتّهن. لقد كنَّ بحاجة إلى نموذج ورمز يجعل الجميع يعترفون بأن البشرة السمراء لا تقلّ جمالاً وجاذبية عن البشرة الفاتحة، وكانت ريهانا في الإجابة الواضحة.