رجحت مجموعة بنك قطر الوطني /كيو ان بي/، أن تتأثر تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة في عام 2017 سلبا باستمرار تراجع قيمة اليوان الصيني وارتفاع العائدات في الاقتصادات المتقدمة ومخاطر تباطؤ النمو في الصين.
وقال التحليل الاقتصادي الأسبوعي للمجموعة الصادر اليوم، إن ارتفاع أسعار النفط والسلع يمكن أن يخفف من وقع الصدمة على مصدري السلع الأساسية، لكنه رجح أن يظل إجمالي تدفقات رؤوس الأموال على انخفاض، وهو ما سيؤدي إلى ضعف العملات وتشديد السياسات النقدية وتباطؤ معدلات النمو.
وأشار إلى أنه منذ “نوبة الغضب” لعام 2013، تدهورت تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، لكن هذه التدفقات تعافت بعض الشيء في 2016، غير أنها ظلت أقل بكثير من متوسط ما بعد فترة الأزمة المالية، مبينا أن هذا يصدق أكثر بالنسبة للصين التي تستحوذ على حصة الأسد من تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، كما يصدق على بقية أسواق ناشئة أخرى.
واستبعد أن تستمر الدوافع الرئيسية التي أدت لتحسن تدفقات رؤوس الأموال لهذه الأسواق في 2016، وبالأخص عامل انخفاض أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة. ونتيجة لذلك، فمن المتوقع أن تتراجع تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة في 2017.
ولفت إلى بيانات من معهد التمويل الدولي، ذكرت أن صافي تدفقات رؤوس الأموال الخارجة من الأسواق الناشئة خلال الأحد عشر شهراً الأولى من 2016 انخفض إلى 448 مليار دولار أمريكي من 551 مليار في 2015، حيث هيمنت رؤوس الأموال الهاربة من الصين على هذه التدفقات، وبلغ صافي التدفقات الخارجة منها 635 مليار دولار أمريكي خلال الأشهر الأحد عشر الأولى.
وقال إن المقيمين في الصين توقعوا مزيداً من التراجع لقيمة اليوان مقابل الدولار الأمريكي، بعد تغييرات في النظام النقدي هناك في 2015، وعلى ذلك بدأوا في إخراج أموالهم منها وهو ما أدى إلى نوبة شديدة من تدفقات رؤوس الأموال للخارج بلغت حوالي 100 مليار دولار أمريكي في كل من ديسمبر 2015 ويناير 2016. واستمرت قيمة اليوان في الانخفاض خلال الفترة المتبقية من 2016، مما أدى إلى اطراد تدفق رؤوس الأموال للخارج.
وتوقع استمرار التدفقات للخارج في 2017، لكن بوتيرة منتظمة مع قيام السلطات بإجراء تخفيض تدريجي لقيمة اليوان مع زيادة ضوابط رأس المال للحد من معدلات هروب رؤوس الأموال.
وأشار إلى أن صافي التدفقات الرأسمالية نحو الأسواق الناشئة الأخرى خارج الصين، تعافى بشكل طفيف في 2016 إلى 187 مليار دولار أمريكي وذلك من 123 مليارا، غير أن ذلك يظل أقل بكثير من متوسط 249 مليار دولار لفترة ما بعد الأزمة المالية.
ورأى تحليل مجموعة بنك قطر الوطني، أن التدفقات الرأسمالية نحو الأسواق الناشئة كانت على الأرجح، مدعومة بعاملين رئيسين، أولهما السياسات النقدية المخففة التي أدت بأكثر مما كان متوقعا في الاقتصادات المتقدمة إلى جعل العائدات المرتفعة في الأسواق الناشئة أكثر جاذبية.
ونبه إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كان من المتوقع أن يرفع أسعار الفائدة أربع مرات في بداية عام 2016، لكنه لم يرفع أسعار الفائدة سوى مرة واحدة في ديسمبر 2016. وعلاوة على ذلك، انخفضت أرباح السندات في العديد من الاقتصادات المتقدمة إلى المنطقة السلبية، كما تراجعت في منتصف العام أرباح السندات الألمانية إلى مستوى بلغ 0.2- % وتراجعت أرباح السندات اليابانية لأجل عشر سنوات إلى 0.3- %.
وفي العامل الثاني اعتبر أن الهبوط الاقتصادي في الصين كان أقل حدة من المتوقع مما خفف من المخاوف بشأن الأسواق الناشئة بشكل عام، مضيفا أن العديد من الاقتصادات الناشئة تعتمد على الطلب القوي من الصين على منتجاتهم المصنعة والخام.
وأشار التحليل إلى أن صندوق النقد الدولي توقع في بداية العام، أن تشهد الصين نموا بنسبة 6.3% في 2016. لكنه رفع تقديراته للنمو في الصين إلى 6.7%، في آخر توقعاته. وقد أدى النمو الأقوى من المتوقع في الصين إلى تخفيف المخاوف بشأن الهبوط الاقتصادي الحاد لأكبر اقتصاد في العالم، ودعم التدفقات الرأسمالية نحو الأسواق الناشئة.
ولفت إلى أن التوقعات بشأن تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة في عام 2017 ليست إيجابية، فمنذ انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ارتفعت العائدات في الاقتصادات المتقدمة ترقبا للتحفيز المالي وارتفاع النمو، فقد ارتفع العائد على سندات الخزينة لأجل 10 سنوات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 2.3%، بعد أن كان يبلغ 1.4% فقط في عام 2016، في حين ارتفع العائد على السندات الألمانية واليابانية لعشر سنوات إلى 0.3% و0.1% على التوالي.
وكانت تقديرات معهد التمويل الدولي أشارت إلى أن شهر نوفمبر (شهر انتخاب ترامب) كان الأسوأ لتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة منذ “نوبة الغضب” لعام 2013، وأن هروب رؤوس الأموال من تلك الأسواق استمر في شهر ديسمبر. وبالإضافة إلى ذلك، ومع الحديث عن خفض البنك المركزي الأوروبي لبرنامج التيسير الكمي، فإن العودة إلى بيئة العائد المنخفض لعام 2016 تبدو غير مرجحة، كما أن مخاوف حدوث أزمة مالية يمكن أن تظهر مجددا مع تداعيات سلبية على الأسواق الناشئة الأخرى ومع بلوغ الدين في الصين لأكثر من 200% من الناتج المحلي الإجمالي.