اعتبر خبراء أن الرد السعودي القاسي إزاء انتقاد كندي روتيني للوضع الحقوقي في المملكة يتطابق تماماً مع النهج المتشدد الذي تتبعه سلطات الرياض، حيث لا تتسامح مع أي انتقاد؛ حتى تتجنب أي نوع من المحاسبة سواء داخلياً أو خارجياً.
كما رأى الخبراء أن نهج واشنطن المتردد إزاء انتقاد الوضع الحقوقي في السعودية ساهم، أيضاً، في تشجيع السلطات في المملكة على ارتكاب انتهاكات حقوقية، وعدم تقبل أي انتقاد لذلك، محذرين من أن ذلك يشجع الحكام السلطويين في المنطقة على مواصلة الانتهاكات الحقوقية، حسب تقرير لشبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية، وترجمه موقع الخليج الجديد.
فالجمعة الماضي، غردت وزيرة الخارجية الكندية، كريستيا فريلاند، عبر تويتر، قائلة إنها قلقة للغاية بسبب اعتقال الناشطة السعودية سمر بدوي، وغيرها من الناشطين والناشطات الحقوقيين، ودعت السعودية إلى الإفراج عنهم. وتحول هذا القلق الروتيني إزاء الوضع الحقوقي في المملكة إلى أكبر أزمة دبلوماسية بين السعودية وكندا عبر التاريخ، حيث استدعت السعودية سفيرها لدى كندا، واعتبرت سفير الأخيرة لديها شخصاً غير مرغوب فيه.
وأعلنت المملكة تجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة مع كندا، واحتفاظها بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى. كما علقت الرحلات الجوية إلى تورنتو، وبرامج المنح الدراسية السعودية في كندا. علاوة على ذلك أعلنت السلطات السعودية أنها ستوقف جميع برامج العلاج الطبي في كندا، وتحول المرضى السعوديين إلى مستشفيات خارج البلاد.
رد مبالغ فيه
وصدم رد الفعل السعودي بعض المراقبين الذين وصفوه بأنه “رد مبالغ فيه وغير متناسب إزاء انتقاد روتيني لسجل المملكة في مجال حقوق الإنسان. غير أن محللين من منطقة الشرق الأوسط يقولون إن رد الفعل السعودي يتطابق تماماً مع النهج المتشدد الذي تتبعه سلطات الرياض كونها لا تتقبل أي نوع من الانتقاد.
وفي هذا الصدد، قالت الباحثة في الشأن السعودية لدى منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، هبة زيادين: “منذ أن جاءت السلطات الجديدة إلى سدة الحكم، تتعرض المعارضة في المملكة لقمع مكثف”.
وأضافت: ما نراه الآن هو أن الرياض لا تريد أن تخضع للمساءلة بأي شكل من الأشكال، سواء كان ذلك من قبل السعوديين أنفسهم أو من قبل المجتمع الدولي، بالإضافة إلى أنها قامت بحبس المئات من نخبة رجال الأعمال خلال حملة مزعومة لـ”مكافحة الفساد”، بدأت في نوفمبر الماضي.
وقامت السلطات السعودية بتضييق الخناق على الناشطين الحقوقيين ومعظمهم من النساء؛ حيث تم اعتقال عدد كبير منهم هذا العام. كما اتخذت السلطات خطاً متشدداً في الخارج؛ حيث قادت الرياض مع أبوظبي، حصاراً ضد قطر، وقادت تحالفاً عسكرياً عربياً ضد الحوثيين في اليمن.
تشجيع التسلط
وبينما أعلن العديد من الحلفاء في الشرق الأوسط دعم الرد السعودي على كندا، لا يزال رد فعل الدول الغربية خافتاً حتى الآن. وعن ذلك، قال الباحث في مركز أبحاث “تشاتام هاوس” البريطاني، “بيتر ساليسبري”: “من المخيب للآمال بعض الشيء ألا يشعر أحد من الدول الغربية أنه في موقف يتطلب منه الخروج ودعم الكنديين بشأن قضايا كانت تلقى دعماً كبيراً قبل بضعة أعوام”.
ويخشى الخبراء من أن الخلاف السعودي الكندي يمكن أن يفرض قيوداً على مناقشات المجتمع الدولي بشأن حقوق الإنسان.